أَسْرِجِي مُهْجَتِي بِزَيتِ سُرُورِ
وَانْسِجِي بَهْجَتِي بِدَمْعَةِ نُورِ
وَاصْدَحِي فَوقَ غُصْنِ شِعْرِكِ يُشْرِقْ
فِي فُؤَادِ المُحَدِّقِ المَبْهُورِ
وَتَعَالي فَالشَّدْوُ يُصْبِحُ أَطْلَى
بِاجْتِمَاعِ الحَسُّونِ وَالشُّحْرُورِ
أَينَ مِنَّا بَينَ الضُّلُوعِ رَبِيعٌ
يَمْلأُ الصَّدْرَ بِالسَّنَا وَالعَبِيرِ
أَينَ مِنَّا مَوَاسِمُ الزَّهْرِ وَالطُّهْرِ
وَقَطْرُ النَّدَى وَشَالُ الحَرِيرِ
هَذِهِ وَاحَةٌ لِكُلِّ أَثِيرٍ
مِنْ بَنِي جِنْسِهِ وَكُلِّ مُثِيرِ
هَذِهِ وَاحَةٌ لِكُلِّ نَبَاتٍ
مُثْمِرٍ بِالرُّؤَى وَزَاهٍ نَضِيرِ
هَذِهِ وَاحَةٌ يُرَى الحُسْنُ فِيهَا
بَينَ ظِلٍّ وَخُضْرَةٍ وَغَدِيرِ
جَوُّهَا بِالوِدَادِ يُشْرِقُ صَفْوًا
وَرُبَاهَا تَسُرُّ كُلَّ وَقُورِ
وَثَرَاهَا مِنْ تِبْرِ فَنٍّ وَعِلْمٍ
وَحَصَاهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ مَنْثُورِ
إِنَّ أَبْصَارًا لا تَرَى الفَجْرَ نُورًا
هِيَ أَبْصَارُ حَاقِدٍ أَوْ غَرِيرِ
وَمَتَى أَرْمَدَ العُيُونَ غُرُورٌ
سَتَخَالُ الإِصْبَاحَ كَالدَّيْجُورِ
حَبَّذَا الشِّعْرُ حِينَ يَكْبُرُ فِينَا
فَيْلَسُوفًا يَجِدُّ فِي التَّفْكِيرِ
حَبَّذَا الشِّعْرُ فِي حَوَاصِلِ طَيرٍ
وَهَدِيرًا فِي صَدْرِ كُلِّ غَيُورِ
حَبَّذَا الشِّعْرُ مُزْهِرًا فِي فُرُوعٍ
بِالمَعَانِي وَرَاسِخًا فِي جُذُورِ
لَسْتُ مِنْ أَسْرَابٍ تُسَافِرُ غَرْبًا
وَكَأَنَّ المَدَى مَدَارِكُ عُورِ
بَينَ هَذَا المَدَى وَبَينَ مِدَادِي
مِثْل مَا بَيْنَهُمْ وَبَينَ بُدُورِي
سَوْرَةُ الشِّعْرِ مِنْ كُؤُوسِ رَحِيقِي
شَوْرَةُ الفِكْرِ مِنْ خَلايَا ضَمِيرِي
أُطْلِقُ الصَقْرَ فِي سَمَاءِ إِبَائِي
وَالعَصَافِيرَ فِي غُصُونِ الشُّعُورِ
وَأُجَافِي الإِسْفَافَ عِنْدَ وُرُودٍ
وَأُحَابِي الإِنْصَافَ عِنْدَ صُدُورِ
وَأَزُفُّ الذُّكُورَ مِنْ حَرْفِ طُهْرٍ
لإِنَاثِ الإِمْتَاعِ فِي طَرْفِ حُورِ
كُلَّمَا أَذْبَلَتْهُ بِيدُ السَّجَايَا
أَيْنَعَتْهُ الوَاحَاتُ فِي غَيرِ زُورِ
هُوَ فِي الأَمْنِيَاتِ صَرْخَةُ مِيلادٍ
لِطِفْلِ النُّهَى بِفَحْوَى الصُّدُورِ
فَاعْقِدِي الشِّعْرَ فِي ذُرَى النَّفْسِ سِحْرًا
وَانْفُثِيهِ زُمُرُّدًا فِي السُّطُورِ
وَاقْطفِي مِنْ أَنْفَاسِ حَرْفِكِ أَحْلا
مًا تَثَنَّى مِنْ رَوْعَةِ التَّصْوِيرِ
وَاحْتَسِينِي السُّلافَ مِنْ نَخْبِ شِعْرٍ
يَرْفَعُ الذِّكْرَ فِي جَمِيعِ العُصُورِ