استراحة محارب بقصيدة من البدايات ألملم به ما تبعثر مني لأعود.....

مَرَّتْ بِعَيْنِي كَأَنْوَارٍ مِنَ السِّحْرِ
فِي طَرْفِهَا هَمَسَاتٌ لِلْهَوَى تَسْرِي
مَرَّتْ كَطَيْفٍ مِنَ الأَحْلامِ يَحْضُنُهَا
حُسْنٌ رَشِيْقٌ وَأَنْسَامٌ مِنَ العِطْرِ
تَمِيسُ فِي خَطْوِهَا لِينًا فَلا أَثَرٌ
تَعْلُو عَنِ الأَرْضِ إِشْفَاقًا بِلا كِبْرِ
عُصْفُورَةٌ فِي رِيَاضِ الْحُسْنِ قَدْ مَرَحَتْ
فِي رِقَّةٍ فَأَثَارَتْ غَيْرَةَ الزَّهْرِ
قِيْثَارَةٌ لِلْهَوَى غَنَّتْ إِذَا ضَحِكَتْ
وَلَحْنُهَا بَسْمَةٌ تَخْتَالُ فِي الثَّغْرِ
بَدْرٌ عَلَى الأَرْضِ بَيْنَ النَّاسِ فِي أَلَقٍ
يَمْشِى الْهُوَيْنَى كَرِيْمٍ مَاسَ مِنْ خَفْرِ
تُبْدِي السُّرُورَ شُمُوْخًا بِابْتِسَامِ فَمٍ
وَالدَّمْعُ يَشْرَقُ فِي العَيْنَيْنِ كَالدُّرِ
حُزْنٌ دَفِينٌ فَلا يُنْبِيكَ عَنْ أَلَمٍ
إِلا أَنِينٌ عَلَى سَهْوٍ مِنَ الفِكْرِ
رَنَتْ إِلَيَّ وَعَيْنُ الْحُبِّ وَادِعَةٌ
وَغَادَرَتْنِي وَعَيْنُ الْحُبِّ فِي بهْرِ
فِي لَحْظَةٍ أُسِرَتْ رُوْحِي بِأَمْرِهِمَا
أَمْرُ العُيُونِ وَأَمْرُ القَلْبِ فِي الصَّدْرِ
فَمَا نَأَى طَيْفُهَا إِلا وَبِي دَنَفٌ
مِنَ الْحَنِينِ وَوَجْدٌ بَاتَ يَسْتَشْرِي
أَمِيْرَةٌ مَلَكَتْ قَلْبِي فَيَا قَدَرِي
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى مَنْ عَاشَ فِي القَصْرِ
غَابَتْ عَنِ العَيْنِ حَتَّى خِلْتُهَا حُلُمًا
وَأُسْكِنَتْ فِي عَبِيرِ الشَّوْقِ والعُمْرِ
فَعِشْتُهَا أَمَلاً أَرْنُو لِبَهْجَتِهِ
وَفِي الْخَيَالِ هُيَامَ السُّكْرِ فِي الذِّكْرِ
مَا زِلْتُ فِي أُفْقِهَا نَجْمًا يَدُورُ كَمَا
دَارَ الْحَنِيْنُ عَلَى إِرْهَاصَةِ الشِّعْرِ
وَطَيفُهَا بَهْجَةٌ فِي القَلْبِ أُسْمِعُهُ
هَمْسَ الصَّبَابَةِ وَالشَّوْقَ الذِي يَجْرِي
فِيهَا نَقَاءٌ كَنُورِ الفَجْرِ تَأْسِرُنِي
فِيهَا البَرَاءَةُ أَنْقَى مِنْ رُؤَى الفَجْرِ
فِيهَا لَيَالٍ تَهِيمُ الأُمْنِيَاتُ بِهَا
وَذِكْرَيَاتٌ تُوَارِي الدَّمْعَ بِالصَّبْرِ
لا أَحْتَفِي طَرَبًا إِلا لِهَمْسَتِهَا
وَلا أَبَشُّ سِوَى لِلْعَاشِقِ العُذْرِي
أُسَائِلُ القَومَ عَنْ بَدْرٍ أَتُوقُ لَهُ
فَيَضْحَكُونَ عَلَى المَلْهُوفِ فِي سُخْرِ
صَبْرًا؟ يَقُولُونَ صَبْرًا وَالأَسَى شَبَحٌ
فِي شَأْفَةِ الفَقْدِ يَبْكِي رَأْفَةَ الجَمْرِ
يَا مَنْ تَلُومُونَ، بَدْرِي لا يَغِيبُ لَهُ
طَيْفٌ بِقَلْبِي وَلَو يَومًا مِنَ الشَّهْرِ
إِنْ غَابَ يَوْمًا عَنِ الأَنْظَارِ مَفْرَقُهُ
أَنَارَ كَوْنًا مِنَ الأَشْوَاقِ كَالْجَمْرِ
لا تَعْذِلُوا نَزَقِي فَالْحُبُّ ذُو نَزَقٍ
وَالْقَلْبُ مُرْتَهَنٌ صَفْوًا لِمَنْ يَدْرِي
طَالَ انْتِظَارِي لَهَا حَتَّى الْتَقَيْتُ بِهَا
فَكُنْتُ كَالظَامِئِ الْمَلْهُوفِ لِلنَّهْرِ
هَلَّ الْفُؤَادُ بِفَيْضٍ مِنْ تَوَرُّدِهِ
فِي نَشْوَةِ الرُّوحِ فَاقَتْ نَشْوَةَ الْخَمْرِ
يَا نَاعِسَ الطَرْفِ يَا دُنْيَا بِلا أَلَمٍ
يَا بَهْجَةَ الْدَوْحِ فِي أَلْوَانِهِ الْخُضْرِ
إِنِّي أُحِبَّكِ فِي وَجْدٍ وَفِي وَلَهٍ
حُبَّ الْحَيَاةِ وَحُبَّ النَّحْلِ لِلزَّهْرِ
غَرِقْتُ فِيكِ وَبَاتَ الطَيْفُ مِنْ دَنَفٍ
كَالظِّلِّ لِلرُّوْحِ لا يَنْفَكُّ فِي إِثْرِي
أَنَا الأَسِيرُ لِمَنْ بِالنُبْلِ قَدْ فَتَنَتْ
لُبَّ الوُجُوْدِ وَأَوْهَتْ قَسْوَةَ الصَّخْرِ
هَذَا الفُؤَادُ لَدَيْكِ اليَوْمَ أَرْهَنُهُ
فَاحْنِي عَلَيْهِ حَنَانَ الأُفْقِ بِالطَّيْرِ
قَالَتْ وَقَدْ صَمَتَتْ حِينًا مُغَالِبَةً
دَمْعًا يَهِلُّ مِنَ الْعَيْنَيْن كَالْقَطْرِ
إِنَّ الْهَوَى يَا عَزِيْزِي نِعْمَةٌ عَظُمَتْ
إِنْ صُنْتَهَا وَنَعِيمٌ دَامَ بِالشُّكْرِ
الْحُبُّ نُورٌ يُرَى فِي نِيَّةٍ صَدَقَتْ
لا فِي احْتِفَالٍ بِمَا يُثْرِي وَمَا يُطْرِي
الْحُبُّ لَيْسَ عُيُونًا فِي مُغَازَلَةٍ
بِنَاعِمِ اللَفْظِ وَالوَعْدِ الذِي يُغْرِي
أَذَاقَنِي الْحُبُّ كَأْسًا مِنْ مَرَارَتِهِ
خَانَ العُهُودَ وَأَدْمَى القَلْبَ بِالغَدْرِ
فَأَمْطَرَتْ لَوْعَتِي دَمْعَ الأَسَى نَدَمًا
وَصَامَ قَلْبِي عَنِ الأَفْرَاحِ وَالبِشْرِ
عُذْرًا فَإِنِّا عَصَيْنَا لِلْهَوَى سُنَنًا
وَأَعْلَنَ القَلْبُ فِي شَرْعِ الْهَوَى كُفْرِي
أَجْبْتُهَا وَشُجُونُ النَّفْسِ تَهْتِفُ بِي
وَالعَيْنُ تَصْدُقُ مَا فِي القَلْبِ مِنْ أَمْرِ
يَا تَوْأَمَ الرُّوحِ لَوْلا أَنَّهَا انْفَصَلَتْ
قَبْلَ الوُجُودِ عَنِ الأَجْسَادِ فِي طُهْرِ
لَوْلا رَأَيُتُكِ قَبْلَ الآنَ فِي قَدَرِي
وَعِشْتُ حُبَّكِ فِي سِرِّي وَفِي جَهْرِي
مَا جِئْتُ أَرْهِنُ رُوحِي دُونَمَا وَجَلٍ
وَلا نَظَمْتُكِ أَبْيَاتًا مِنَ الشِّعْرِ
إِنْ تُنْكِرِي شَجَنِي فَاللهُ أَرْحَمُ بِي
أَوْ تَمْسَحِي أَلَمِي خَيْرٌ مِنَ النُّكْرِ
وَالْحُرُّ يُظْهِرُ مَا تُخْفِي سَرَائِرُهُ
وَالدَّهْرُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْهَذْرِ
قَالَتْ وَقَدْ نَظَرَتْ مِنْ خَلْفِ دَمْعَتِهَا
فِي فَرْحَةٍ رَقَصَتْ فِي العَيْنِ وَالثَّغْرِ
أَنْتَ الْحَبِيبُ إِذَنْ يَا خَيْرَ مُؤْتَمَنٍ
أَنْتَ الْحَبِيبُ وَحَتَّى آخِرِ العُمْرِ