خَدَعَتْ فَكَانَ مِنَ الأَسَى مَا كَانَا
وَدَعَتْ لِحَفْلِ خِدَاعِهَا الأَضْغَانَا
رَقَصَتْ عَلَى رَجْعِ الأَنِينِ جِرَاحُهَا
وَتَبَسَّمَتْ كَي تَكْتُمَ الأَحْزَانَا
وَاسْتَمْرَأَتْ خَمْرَ الشُّجُونِ وَأَوْهَنَتْ
صَبْرَ الحَلِيمِ وَأَوْهَتِ الوِجْدَانَا
جَارَتْ عَلَى الحَقِّ الضَّلالَةُ جَوْرَةً
تَدَعُ الحَصِيفَ بِحَزْبِهَا حَيرَانَا
لَيْسَ الدِّيَارُ كَمَا عَرِفْنَاهَا وَلا
قُطَّانُهَا مَنْ يُكْرِمُ الجِيرَانَا
وَإِذَا بَحَثْتَ عَنِ الرِّجَالِ مُرُوءَةً
فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ تَرَى شَيْطَانَا
مَنْ بَاعَ مَبْدَأَهُ كَأَبْخَسِ سِلْعَةٍ
أَو مَنْ تَنَكَّرَ لِلعُهُودِ وَخَانَا
مَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حَوْلَكَ فِي الرِّضَا
مَا نَالَ مِنْكَ وَأَكْثَرَ الخَوَّانَا
يَا لَلزَّمَانِ المُرِّ فِي هَرَفِ الهَوَى
أَغْلَى المَتَاعَ وَأَرْخَصَ الإِنْسَانَا
نَفَشَتْ بِنَا غَنَمُ الفَسَادِ فَأَهْدَرَتْ
مَجْدًا وَأَوْغَلَ ذِئْبُنَا فَدَهَانَا
صَدَفَ الكِرَامُ عَنِ الفَلاحِ وَقَصَّرُوا
فَتَصَدَّرَتْ زُمَرُ الخَنَا الدِّيوَانَا
زَعَمُوا الرَّشَادَ فَقِيلَ مَا بُرْهَانُكُمْ
فَكَفَاهُمُ رَأْيُ الهَوَى بُرْهَانَا
مَالُوا بِمِيزَانِ الحُقُوقِ عَلَى الوَرَى
فَكأَنَّ فِي أَيْدِيِهُمُ المِيزَانَا
مَا أَضْيَقَ الأَزْمَانَ فِي سَعَةِ المَدَى
إِنْ أَوْجَسَتْ بِسِرَابِهَا الأَذْهَانَا
لَمْ يُبْقِ أَهْلُ الغَدْرِ إِلا غصَّةً
فِي القَلْبِ تَسْفِكُ بِالوَفَاءِ قِوَانَا
هَلْ يُعْجِزَ الحَدَثَانِ لَوْ ضَمِنَا لَنَا
يَوْمًا مِنَ الزَّمَنِ المُرِيعِ أَمَانَا
رُمْتُ العِتَابَ فَمَا ظَفِرْتُ بِصَاحِبٍ
يَسَعُ العِتَابَ وَلا وَجَدْتُ بَيَانَا
إِنْ نَابَني بَأسُ الزَّمَانِ أَنَابَهُ
وَتَرَاهُ يَتْعَسُ إِنْ سَعِدْتُ زَمَانَا
وَأَسُومُهُ مَهْمَا تَقَلَّبَ غَالِيًا
وَيَسُومُنِي مِنْ بُخْسِهِ مَجَّانَا
يَا صَاحِبِي ، صِدْقُ المَحَبَّةِ بَلْسَمٌ
يُشْفِي الصُدُورَ ويَصْقِلُ الإِيمَانَا
لَيْسَ الذِي يَأْتِي المَكَارِمَ مُرْغَمًا
يَخْشَى المَلامَةَ كَالذِي يَتَفَانَى
أَو يَسْتَوِي مَنْ لا يَضِنُّ بِجُهْدِهِ
عِنْدَ العَزَائِمِ وَالذِي يَتَوَانَى
مَا عُدْتُ أَعْتِبُ إِنْ تَجَهَّمْنِي الوَرَى
أَو وَافَقُوا الإِرْجَافَ وَالبُهْتَانَا
كَلا وَلا أَزْهُو بِمَدْحِ مُنَافِقٍ
مَهْمَا احْتَفَى أَوْ أَلْبَسَ التِّيجَانَا
قَدْ سِرْتُ دَرْبِي لِلنُّهُوضِ بِأُمَّتِي
أَبْنِي لِرِفْعَةِ عِزِّهَا بُنْيَانَا
أَدْعُو لَهُ الأَحْرَارَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى
قَوْمًا تُفَاخِرُ بِالـرُّؤَى الأَزْمَانَا
لَمَّا بَلَوْتُهُمُ رَأَيتُ يَدَ النَّدَى
وَوَجَدْتُ فِيهَا الصِّدْقَ والإِحْسَانَا
نَزَلُوا بِوَاحَةِ مُخْلِصٍ لِرِسَالَةٍ
لَمْ يَدَّخِرْ بِرًّا وَلا عِرْفَانَا
نَسْعَى بِكُلِّ عَزِيمَةٍ نَحْوَ العُلا
وَنَجِدُّ فِيمَا يَرْفَعُ الأَوْطَانَا
هُمْ صُحْبَةٌ سَمَتِ النُّفُوسُ بِصِدْقِهِمْ
صَفَتِ القُلُوبُ فَأَقْبَلُوا إِخْوَانَا
دَعْ عَنْكَ قَهْرِي يَا زَمَانُ فَإِنَّنِي
أَمْضِي وَخطْوِي رَاسِخٌ أَرْكَانَا
أَنَا لَسْتُ ذَا بَطَرٍ وَلا أَنَا بِالذِي
بَدَأَ الصُّدُودَ وَآثَرَ الهِجْرَانَا
مَا كَانَ قَبْضِي القَلْبَ عَنْهُم مِنْ قِلَى
لَكِنْ إِبَائِي يَأَنَفُ النُكْرَانَا
قَدْ تُنْتِنُ الرِّيْحُ الخَبِيْثَةُ حُفْرَةً
لَكِنَّهَا لا تُنْتِنُ البُسْتَانَا
وَتَغَصُّ فِي حَلْقِ الحَقُودِ مَكَارِمٌ
فَيَمَجُّهَا وَهْيَ العَظِيْمَةُ شَانَا
أَنَا مَا غَضِبْتُ مِنَ المُنَاوِئِ بَاغِيًا
لا يَبْلُغُ البَاغِي لَدَيَّ مَكَانَا
وَغَضِبْتُ حِينَ الجَوْرِ غَضْبَةَ نَاصِرٍ
لِلحَقِّ يَأبَى أَنْ يَعُضَّ بَنَانَا
سَأَسِيرُ دَرْبِي مَا حَيِيتُ مُسَدِّدًا
وَمَقَارِبًا كَي أُحْرِزَ الإِتْقَانَا
أَدْعُو إِلَى الحَقِّ القَوِيمِ مُنَافِحًا
عَنْهُ وَأُوْرِدُ نَبْعَهُ الظَّمْآنَا
وَعَلَى الأَزَاهِرِ سَوْفَ أَنْثُرُ حِكْمَتِي
شِعْرًا يَبُزُّ الوَرْدَ وَالرَّيْحَانَا
لا أَرْتَجِي عِنْدَ الأَنَامِ غَنِيمَةً
بَلْ أَرْتَجِي مِنْ رَبِّنَا الرّضْوَانَا