أَطَاعَكَ الشِّعْرُ فِي أَجْلَى مَعَانِيهِ
وَخَانَكَ الفِكْرُ فِي رَأْيٍ وَتَنْوِيهِ
ظَلَمْتَ بِالحُكْمِ حَالاً لَسْتَ تُدْرِكُهَا
وَعِشْتَ بِالوَهْمِ أَمْرًا لَسْتَ تَدْرِيهِ
لَقَدْ عَهِدْتُكَ ذَا عَزْمٍ وَذَا رَشَدٍ
فَكَيفَ تَجْهَلُ فِي طَعْنٍ وَتَسْفِيهِ
وَقَدْ خَبِرْتُكَ تُحْيِي لِلعُلا هِمَمًا
فَمَا لَكَ اليَومَ جِئْتَ القَوْمَ تُرْدِيهِ
مِنْ أَيْنَ زَعْمُكَ أَنَّ القَومَ أَهْلُ هَوَى
وَأَنَّهُمْ فِي دُرُوبِ التِّيهِ فِي تِيهِ
أَرَاكَ تَجْهَدُ فِي لَومٍ الذِي عَصَفَتْ
فِيهِ الخُطُوبُ ، فَلُمْ مَنْ قَامَ يُؤْذِيهِ
يَكْفِي حَمَاسَ فَخَارًا أَنَّهَا رَسَمَتْ
بِالعِزِّ دَرْبَ تَحَدٍّ لا يُضَاهِيهِ
هُمُ الرِّجَالُ أُولُو العَزْمَاتِ قَدْ حَمَلُوا
أَثْقَالَ أُمَّةِ خِذْلانٍ وَتَمْوِيهِ
أَهْلُ الرِّبَاطِ لَهُمْ فِي كَلِّ مَكْرُمَةٍ
سَهْمٌ ، وَعِزُّ الهُدَى بِالرُّوحِ تَفْدِيهِ
قَامُوا إِلَى مَا تَوَانَى الغَيرُ وَاحْتَسَبُوا
أَجْرَ الشَّهَادَةِ لا كُرْسِيَّ تَرْفِيهِ
وَلَو أَرَادُوا مِنَ الكُرْسِيِّ شَهْوَتَهُ
لَمَا أَدَارُوا ظُهُورًا لا تُوَالِيهِ
دِيْنُ المُهَيمِنِ شَرْعٌ فِي عَقِيدَتِهِمْ
مَا خَالَفُوا النَّهْجَ وَالأَحْدَاثُ تَحْكِيهِ
إِسْلامُهُمْ عَمَلٌ لا مَحْضُ أُمْنِيَةٍ
بِدَولَةِ الرُّشْدِ أَنْ يَأْسَى فَتَأْتِيهِ
مَا أَيْسَرَ الأَمْرَ فِي تَنْظِيرِ مُنْتَقِدٍ
وَأَعْسَرَ الأَمْرَ فِي تَدْبِيرِ مَا فِيهِ
نَمْ فِي انْتِظَارِ هُطُولِ العِزِّ فِي دَعَةٍ
وَاحْلُمْ بِأَنَّكَ فِي صُبْحٍ سَتَجْنِيهِ
ثُمَّ انْتَظِرْ بِالأَمَانِي البِيضِ مِنْ زَمَنٍ
يُهْدِي الخِلافَةَ قَومًا لَيْسَ تَهْدِيهِ
قُلْ كَيْفَ يُصْلِحُ رَبُّ البَيْتِ مُجْتَمَعًا
إِلا إِذَا مِنْ أَسَاسِ البِيْتِ يُعْلِيهِ
وَكَيْفَ يَأْمَلُ فَلاحٌ جَنَى ثَمَرٍ
بِغَيرِ غَرْسٍ لِبَذْرٍ جَدَّ يَسْقِيهِ
لا يُصْلِحُ الحَالَ نَكْصٌ عَنْ مُوَاجَهَةٍ
لَكَمْ نَكَصْنَا وَكَمْ كَانَ الرَّدَى فِيهِ
وَكَمْ رَجَونَا بَأَنْ تَرْتَدَّ أُمَّتُنَا
لِمَنْهَجِ الحَقِّ عَنْ لَهْوٍ وَتَدْلِيهِ
فَمَا أَصَبْنَا سِوَى خِزْيٍ وَمِقْصَلَةٍ
وَمَا جَنَينَا سِوَى بُؤْسٍ نُعَانِيهِ
إِنْ قَامَ يَنْخرُ سُوسُ الحُكْمِ فِي أُمَمٍ
فَلَيسَ إِلا شُوَاظ النَّارِ يُفْنِيهِ
وَلَيسَ إِلا زَعَامَاتٌ مُجَاهِدَةٌ
لا مَنْ يُحَاطُ بِتَقْدِيسٍ وَتَأْلِيهِ
سَدِّدْ وَقَارِبْ وَلُذْ بِاللهِ مُحْتَسِبًا
جُهْدَ الحَرِيصِ عَلَى رُضْوَانِ بَارِيهِ
وَالْزَمْ سَبِيلَ رَسُولِ اللهِ فِي سُنَنٍ
أَرْسَتْ مَعَالِمَ إِسْدَاءٍ وَتَوجِيهِ
لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ أُنْمُلَةً
وَثِقْ بِرَبِّكَ وَاطْمَعْ فِي تَجَلِّيهِ
وَاعْمَلْ لِدُنْيَا وَقُمْ فِي أَمْرِهَا أَبَدًا
وَاعْمَلْ لآخِرَةٍ بِالخِيرِ تُرْبِيهِ
لا يُحْقَرُ الطَّلُّ إِنْ جَادَ الجَفَافُ بِهِ
أَو يُتْرَكُ الكُلُّ إِنْ فِي الجُلِّ مَا فِيهِ
وَلا يُعَابُ مَنْ اسْتَهْدَى لِمَنْهَجِهِ
وَإِنَّمَا العَيْبُ فِي خُبْثٍ وَتَشْوِيهِ
لا يَسْتَوِي مَنْ يَسُوقُ المَهْرَ مِنْ دَمِهِ
وَمَنْ يَسُوقُ إِلَيهَا المَهْرَ مِنْ فِيهِ