|
لا رَيْبَ أَنَّكِ مِنْ نَعِيمِ البَارِي |
وَبِأَنَّكِ المَقْسُومُ مِنْ أَقْدَارِي |
وَبِأَنَّ رُوحَكِ رَاحَتِي بَعْدَ العَنَا |
وَبِأَنَّ قَلْبَكِ قُرَّتِي وَقَرَارِي |
وَبِأَنَّ عَيْنَيكِ ابْتِسَامَةُ خَاطِرِي |
وَحَدِيثَهُنَّ مَوَاسِمُ الأَزْهَارِ |
البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ |
وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ |
وَالدَّهْرُ لا عَينٌ تَغضُّ وَلا فَمٌ |
يَحْكِي وَلا أُذُنٌ لِغَيرِ السَّارِي |
وَقَفَ الوُجُودُ عَلَيكِ وَالْتَزَمَ الهَوَى |
يَرْنُو إِلَيكِ بِنَظْرَةِ اسْتِعْبَارِ |
يَرْنُو إِلَيكِ فَأَنْتِ كُلُّ مَسَالِكِي |
وَمَدَائِنِي وَمَرَافِئِي وَبِحَارِي |
وَأَقَامَ حَيثُ الطَّيْفُ نُورُ مُتَيَّمٍ |
يَسْرِي وَحَيثُ حَشَايَ شُعْلَةُ نَارِ |
يَغْفُو عَلَى كَفَّيكِ لَيلِي هَانِئَاً |
وَيفِيقُ فِي شَوقٍ إِلَيكِ نَهَارِي |
وَتُقِيمُ عِنْدَ حُدُودِ عَالَمِكِ الرُّؤَى |
وَتَهِيمُ فِيكِ شَوَارِدُ الأَفْكَارِ |
يَا أَنْتِ يَا حِضْنَ الأَمَانِ لِغُرْبَتِي |
وَلِمُهْجَتِي نَبْعُ الحَنَانِ الجَارِي |
يَا رِفْقَةَ العُمُرِ السَّعِيدِ وَقَدْ سَقَتْ |
كَأْسًا مِنَ الإِيفَاءِ وَالإِيثَارِ |
أَزْهَرْتِ فِي غُصْنِ الفُؤَادِ حَبِيبَةً |
وَحَمَلْتِ دُونَ العَالَمِينَ ثِمَارِي |
وَفَقَأْتِ عَينَ السُّخْطِ لا عَيْبًا أَرَى |
وَفَتَحْتِ عَينًا لِلرِّضَا فِي الدَّارِ |
عِشْرُونَ عَامًا أَو يَكَادُ وَأَنْتِ فِي |
رُوحِي وَقَلْبِي نَجْمَتِي وَمَدَارِي |
أَطْعَمْتِ حَتَّى سَالَ شَهْدُ مَحَبَّتِي |
وَسَقَيتِ حَتَّى غَرَّدَتْ أَطْيَارِي |
وَمَنَحْتِ عَذْبَ الهَمْسِ مِنْ كَأْسِ الهَوَى |
وَصَدَحْتِ لَحْنَ الأُنْسِ مِنْ قِيثَارِي |
خَضَعَ الهَوَى فَأَثَابَ طَرْفَكِ بالسَّنَا |
وَدَنَا لَنَا فِي وَجْنَةِ الأَنْوَارِ |
فَأَنَا أَرَاكِ عَلَى الجَمَالِ مَلِيكَةً |
وَالغِيدُ فِي دُنْيَاكِ بَعْضُ جَوَارِ |
وَأَرَاكِ شُطْآنَ الحَنَانِ تَنَفَّسَتْ |
سِحْرَ الهُدُوءِ وَهَدْأَةِ الأَسْحَارِ |
تُثْرِينَ سَمْعِي مِنْ رَقِيقِ حشَاشَةٍ |
هَمْسًا تَجَلَّى مِنْ فَمٍ مِعْطَارِ |
وَتُرِينَ عَينِي مِنْ أَنِيقِ بَشَاشَةٍ |
جَلَتِ السُّرُور لِحَالِكِ الأَبَصَارِ |
القَلْبُ قَدْ جَعَلَ اتِّبَاعَكِ غَايَةً |
يُبْدِي الصَّبَابَةَ تَارَةً وَيُدَارِي |
وَالعَقْلُ مُنْتَهِلٌ لِخَمْرِكِ سَادِرًا |
يُسْقَى بِيُمْنَى سَعْدَهُ وَيَسَارِ |
جَذْلانَ يَلْهُو فِي أَزَاهِرِ مَا يَرَى |
وَلْهَانَ يَسْهُو فِي خَيَالٍ طَارِي |
وَوَدَدْتُ لَو أَنِّي انْهَمَرْتُ كَعَاشِقٍ |
لَكِنْ سَحَابُ الحَرْفِ بَعْضُ وَقَارِ |
يَا أَنْتِ يَا دُنْيَا السُّرُورِ عَلَى الصَّفَا |
يَا طِفْلَتِي فِي مُقْلَةِ التَّذْكَارِ |
قَدْ كُنْتُ أُهْدِيكِ المَحَبَّةَ وَالرِّضَا |
فِيمَا مَضَى بِقِلادَةٍ وَسوَارِ |
وَاليَومَ أُهْدِي بِالنَّقَاءِ مَشَاعِرِي |
عِقْدًا تَلأْلأَ مِنْ سَنَا الأَشْعَارِ |
وَأَصُوغُ فِيكِ الأَبْجَدِيَّةَ كُلَّهَا |
إِكْلِيلَ فَخْرٍ مِنْ نَضِيدِ الغَارِ |
بِقَصِيدَةٍ كَتَبَ الوَفَاءُ حُرُوفَهَا |
لِتَظَلَّ شَاهِدَةً عَلَى الأَعْصَارِ |