تَدَانَتْ لِلُقْيَاهَا العُيُونُ الْهَوَامِلُ
وَدَانَتْ لِسُقْيَاهَا المُزُونُ الْهَوَاطِلُ
وَحَامَتْ عَلَى نَفْسِي حَمَائِمُ لَهْفَةٍ
تَعُدُّ اللَيَالِي وَاسْتَهَاجَتْ بَلابِلُ
وَذِكْرَى الصِّبَا فِيْهَا وَأَهْلٍ وَمَنْزِلٍ
أَجَدَّ حَنِيْنِي فَهْوَ بالرُّوحِ رَاحِلُ
وَلا غَرْوَ أَنْ يَشْتَاقَ قَلْبِي لِغَزَّةٍ
وَمِنْ دُونِهَا أَنَّى تَطِيبُ المَنَازِلُ
تَمُرُّ بِهَا الأَعْيَادُ فِي اليَمِّ شُرَّعًا
وَعَيْنُ الأَمَانِي فِي يَدِ السَّبْتِ سَاحِلُ
كَأَنَّ هِلالَ العِيدِ تَسْلِيمُ عَابِرٍ
يُلَوِّحُ بِالكَفَّينِ ثُمَّ يُمَاطِلُ
يُعَانِقُهُ أَطْفَالُ غَزَّةَ بِالأَسَى
وَتَبْكِي مِنَ الحِرْمَانِ فِيهِ الأَرَامِلُ
وَمَا العِيدُ إِلا زَائِرٌ غَيرُ مُبْهِجٍ
إِذَا أَوْجَفَتْ ذِكْرَى وَجَفَّتْ مَنَاهِلُ
وَكَيفَ يَكُونُ العِيدُ فِي النَّفْسِ بَهْجَةً
وَفِي كُلِّ بّيتٍ يُتَّمٌ وَثَوَاكِلُ
وَكَيفَ يُرَى لِلكَفِّ بَذْلٌ وَسَطْوَةٌ
إِذَا أَوْجَعَتْ رَاحَ الأَكُفِّ الأَنَامِلُ
هُمُ الأَهْلُ وَالأَحْبَابُ وَالعُزْوَةُ التِي
عَلَيْهِم رَسُولُ الوَجْدِ فِي الْخَدِّ جَائِلُ
أَغَارَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ ذُرَى الشَّرِّ غَارَةٌ
وَكرَّتْ أَسَاطِيْلٌ لَهُمْ وَجَحَافِلُ
وَجَرَّتْ إِلَيهِمْ مَا الرَّدَى مِنْهُ خَائِفٌ
عَلَى نَفْسِـهِ مِمَّا تَدُكُّ القَنَابِلُ
فَولَّى دُعَاةُ السِّلْمِ غَدْرًا وَلَمْ تَزَلْ
يَدُ العِزِّ فِي يَوْمِ التَّلاقِي تُنَاضِلُ
وَهْلْ غَيرَ حَزْمٍ عِنْدَ حَزْبٍ وَسِيْلَةٌ
إِذَا أَرْجَفَتْ رَاْيَ الأَبِيِّ الوَسَائِلُ
رَمَوْهُمْ بِعَزْمِ الْمُسْتَعِيْنِ بِرَبِّهِ
فَأَحْنَتْ لَهُمْ رَأْسَ الوَلاءِ الجَنَادِلُ
لَعَمْرُكَ مَا الشَّكْوَى مِنَ الجَوْرِ حِكْمَةٌ
مَتَى عَزَّ فِي أَهْلِ الزَّمَانِ المُخَاتِلُ
وَمَا يَنْفَعُ الأَحْلامَ تَنْظِيرُ عَالِمٍ
مَتَى ضَيَّعَ التَّدْبِيْرَ فِي الكَونِ جَاهِلُ
وَكَيْفَ يَرَى الإِصْبَاحَ مَنْ لا يَرَى الدُّجَى
وَكَيفَ يَعِي الإِصْلاحَ مَنْ لا يُسَائِلُ
وَمَا قِيمَةُ الإِنْسَانِ إِلا مَنَاقِبٌ
يُهَذِّبُهَا فِي النَّاسِ حَقٌّ وَبَاطِلُ
وَمَا طَابَ لِي بَينَ البَرَايَا سِوَى الذِي
خَلائِقُهُ شَمْسٌ وَفَحْوَاهُ وَابِلُ
وَإِنَّ الذِي أَحْبَبْتُ بَحْرٌ مِنَ النَّدَى
وَغَيْثٌ مِنَ الأَفْكَارِ فِيهَا الشَّمَائِلُ
وَرَوضُ هُدَى فِيهِ النَّوَايَا بَرَاعِمٌ
تَفُوحُ نَقَاءً وَالسَّجَايَا خَمَائِلُ
سَمَيحٌ إِذَا آذَى السَّمَاحَةَ بَاخِلٌ
مَسِيحٌ إِذَا بِالجَورِ آذَاهُ هَامِلُ
فَصِيحٌ إَذَا أَعْيَا الفَصَاحَةَ بَاقِلٌ
حَصِيفٌ إِذَا اصْطَفَّتْ إِلَيهِ المَحَافِلُ
هُمَامٌ يَضِيقُ الشَّعْرُ عَنْ وَصْفِ كُنْهِهِ
وَتَعْجَزُ عَنْ سَرْدِ الخِلالِ الفَضَائِلُ
لَهُ ذُرْوَةُ المَجْدِ المُؤَثَّلِ وَالعُلا
وَسَبْقٌ إَذَا هَمَّ الكّمِيُّ المُنَازِلُ
عَلَيهِ مِنَ الأَخْلاقِ تَاجٌ وَهَيْبَةٌ
وَفِيهِ لمَنْ وَافَاهُ كَافٍ وَكَافِلُ
وَصُولٌ لإخْوَانٍ وَدُودٌ لِصَاحِبٍ
خَلُوقٌ بِإِسْلامٍ عَفِيفٌ وَعَاقِلُ
يَقُودُ نَوَاصِي العِزِّ بالعّزْمِ مَاجِدًا
وَيُقْرِي الذِي تَهْفُو إِليهِ البَوَاسِلُ
إِذَا مَا سَقَانِي مِنْ أَبَارِيقَ وُدِّهِ
فَلا الوَصْلُ مَمْلُولٌ وَلا الشَّوقُ آفِلُ
وَلا الرًّوْضُ مَفْرُوكُ السَرِيرَةِ مَا أَتَى
وَلا عَرفَتْ سِحْرَ المَجَالِسِ بَابِلُ
هُوَ الفَضْلُ يُبْدِي فِي الوَرَى حِينَ كُرْبَةٍ
نَوَافِلَ مَا تُسْدِي الفَرُوضُ الجَلائِلُ
خَلِيلَيَّ مَا فِي اليَأْسِ خَيرٌ لِعَاقِلٍ
وِلا فِي التَّوَانِي قَدْ يَسُودُ الحُلاحِلُ
مَتَى أَيْنَعَتْ فِي النَّفْسِ صِدْقُ مَوَدَّةٍ
تَدُلُّ عَلَيهَا بِالفِعَالِ الدَّلائِلُ
إِذَا الفِكْرُ وَالشِّعْرُ اسْتَقَامَا لِصَادِقٍ
تَسَامَتْ لَهُ بِالمَكْرُمَاتِ العَوَاهِلُ
وإِنِّي أَرَى الإِيمَانَ خَيْرًا لِحَاصِدٍ
إِذَا مَا اسْتَطَالَتْ لِلحَصَادِ السَّنَابِلُ
وسَعْدُ فُؤَادِي أنَّنَا إِخْوَةُ الهُدَى
فَإِنَّ التَّآخِي لِلعُيُونِ المَكَاحِلُ