رَقَّ الحَدِيثُ عَنِ الأَحْبَابِ فَارْتَقِ لِي
وَاقْطفْ زُهُورَ مَعَانِي الوُّدِّ وَانْتَقِ لِي
وَعَتِّقِ الحَرْفَ مِنْ مَكْنُونِ قَافِيَتِي
عَلَى شِفَاهِ متُونِ القَلْبِ وَالقُبَلِ
يَا شِعْرُ إِنِّي بِحُمَى الوَجْدِ فِي وَجَلٍ
وَفِي حُمَيَّا لَذِيذِ الشَّوقِ فِي ثَمَلِ
لا زِلْتُ أَنْهلُ مِنْ فَحْوَى مَشَاعِرِهِ
مَا يَمْلأُ النَّفْسَ مِنْ حِسٍّ بَدِيعِ حُلِي
هَامَتْ عَلَى القَلْبِ مِنْ إِحْسَاسِ ذِي مِقَةٍ
بِهَا يَبُثُّ شَفِيفَ الرُّوحِ فِي الطَّلَلِ
كَنَرْجِسٍ هَزَّهُ النَّيرُوزُ مُحْتَفِلًا
يُعَطِّرُ النَّفْسَ مِنْ ذِكْرَى وَفَاءِ عَلِي
يَا نَوْرَسَ الشَّوقِ حَلِّقْ حَيثُمَا انْتَقَلُوا
وَطُفْ عَلَى شُرْفَةِ الوجْدَانِ وَامْتَثِلِ
وَطِرْ بِرُوحِي إِلَى تِلْكَ الدِّيَارِ غَدًا
فَفِي رُبَاهَا تَرَكْتُ القَلْبَ لَمْ يَزَلِ
هُنَاكَ حَيثُ نَهَارِ الحُبِّ بَشَّ لَنَا
وَأَتْبَعَتْهُ لَيَالِي الوَصْلِ وَالجَذَلِ
فِيهَا اسْتَهَمْنَا عَلَى كَأْسِ الهَنَا زَمَنًا
نُدَلِّلُ النَّفْسَ بَينَ العَلِّ وَالنَّهَلِ
يَا مَنْ عَرفْتُ بِهِ مَعْنَى الرُّخَاءِ فَمًا
وَمِنْ يَدَيْهِ نَدَى مَعْنَى الإِخَاءِ تُلِي
أَدْرَكْتُ مِنْكَ صَحِيحَ الوُدِّ مُبْتَدِرًا
وَكَمْ سِوَاكَ أَصَابَ الوُدَّ بِالعِلَلِ
وَفَاحَ عِنْدَكَ طِيبَ العُودِ فِي زَمَنٍ
بِالغَدْرِ كَدَّرَ أَنْفُ الفُلِّ بِالبَصَلِ
سَأَلْتُ عَنْكَ فَقَالُوا إِنَّهُ رَجُلٌ
فِيهِ اسْتَقَامَتْ مَعَانِي النُّبْلِ وَالمُثُلِ
إِذَا تَمَنَّى سَبِيلُ الخَيْرِ أَمَّنَهُ
وَإِنْ تَسَنَّى أَفَاضَ البِّرَّ لَمْ يَسَلِ
وَإِنْ أَتَتْهُ وُفُودُ الضَّيفِ أَكْرَمَهَا
وَإِنْ دَعَتْهُ بِنُودُ الفَضْلِ يَحْتَفِلِ
غَرَسْتَ حُبَّكَ يَا تَوفِيقُ فِي كَبِدِي
فَأَثْمَرَ الغَرْسُ دَمْعَ الفَخْرِ فِي المُقَلِ
"وَكُنْتُ أرْجُو خَلِيلاً وَالخَلِيلُ قَلِيــ
لٌ فَاجْتبَيْتُ شَقِيقَاً والشَّقِيقُ يَلِي"
حَدِيثُكَ العَذْبُ لِلوجْدَانِ جَنَّتُهُ
وَعِلْمُكَ الخَصْبُ حَازَ القَدْرَ فِي الدُّوَلِ
وَحَرْفُكَ الثَّرُّ لَمْ يَجْمَحْ إِلَى سَفَهٍ
وَفِكْرُكَ الحُرُّ لَمْ يَجْنَحْ إِلَى خَطَلِ
العَدْلُ وَالفَضْلُ إِلا مِنْكَ جَوْهَرُهُ
وَالرِّفْقُ وَالصِّدْقُ إِلا فِيكَ لَمْ يَجُلِ
لا زِلْتُ أَذْكُرُ فِي أَنْشَاصَ سَامِرَنَا
وَالنِّيلُ وَالكَفْرُ وَالنَّجْوَى بِلا مَلَلِ
وَلا تَزَالُ عُيُونُ البَينِ شَاخِصَةً
تَهْمِي بِدَمْعٍ مَعِ التَّسْلِيمِ مُتَّصِلِ
وَلَو مَلَكْتُ لأَبْدَلْتُ العَبُوسَ بِمَنْ
لَهُ تَبَشُّ وُجُوهُ الرَّأْيَ وَالحُلَلِ
لَكِنَّهُ دَيْدَنُ الأَيَّامِ نَحْسبُهَا
مِنَ الزُّلالِ وَنَلْقَاهَا مِنَ الزَّلَلِ
مَا لِي أُحَدِّقُ فِي الأَيَّامِ أَطْلُبُهَا
وَقَدْ تَجَهَّمَ فِيهَا كُلُّ مُقْتَبِلِ
وَكَيفَ أَخْطبُ دُنْيَا مَا لَهَا نَسَبٌ
كَالبِكْرِ زَوَّجَهَا القَاضِي بِغَيرِ وَلِي
تَبَسَّمَتْ وَنُيُوبُ الغَدْرِ بَارِزَةٌ
كَمَا تَبَسَّمَ نَابُ الذِّئْبِ لِلحَمَلِ
وَأَعْجَبُ الأَمْرِ فِيهَا أَنَّهَا خَطَبَتْ
مَنْ لا يُفَرِّقُ بَينَ الرِّجْلِ وَالرَّجُلِ
يَا قَلْبُ هَوِّنْ عَلَيكَ الأَمْرَ إِنَّ لَهُ
مِنَ الشَّوَاهِدِ فِي السَّادَاتِ وَالرُّسُلِ
كَمْ نَالَ فِيهَا مِنَ الأَحْرَارِ كَفُّ أَذَى
وَكَمْ تَأَلَّمَ فِيهَا كُلُّ ذِي أَمَلِ
فَالخَامِلُ الهَمِّ مَنْ يَحْيَا عَلَى سَلَمٍ
وَالبَاذِلُ العَزْم لا يَنْجُو مِنَ العَذَلِ
وَمَا التَّهَافُتُ إِلا طَبْعُ مَنْقَصَةٍ
وَمَا التَّرَفُّعُ إِلا خصْلَةُ الكَمَلِ
وَأَنْتَ سِرْتَ عَلَى دَرْبِ العُلا عَلَمًا
وَقَدْ حَلمْتَ بِدَارِ العَدْلِ فَاحْتَمِلِ
تَوفِيقُ إِنِّي إِلَى لُقْيَاكَ فِي أَمَلٍ
وَمِنْ قُصُورِ حُرُوفِ المَدْحِ فِي خَجَلِ
وَحَقِّ قَدْرِكَ عِنْدِي أَنْتَ خَيرُ أَخٍ
وَلا أَفِيكَ بِشِعْرٍ فِيكَ مُرْتَجَلِ
قَدْ قَالَ قَلْبِي كَثِيرَ الحُبِّ مُبْتَهِلًا
لَكِنَّ شِعْرِي رَزِينَ الحَرْفِ لَمْ يَقُلِ
وَلَو تَرَكْتُ لِحِبْرِ القَلْبِ قَافِيَتِي
لأَغْرَقَ البَّحْرَ فِي حَرْفٍ وَفِي جُمَلِ
فَأَرْفَقُ البِّرِّ مَا لَمْ يُبْنَ مِنْ دَخَنٍ
وَأَصْدَقُ الحُبِّ مَا لَمْ يُجْنَ مِنْ دَجَلِ
وَأَرْفَعُ العَدْلِ مَا نَزَّهْتَ عَنْ غَرَضٍ
وَأَقْنَعُ القَوْلِ مَا صَدَّقْتَ بِالعَمَلِ
بَلِّغْ سَلامِي لِمَنْ تَدْرِي وَرِقَّ لَهُ
وَلِلوَفَاءِ سَيَبْقَى الرَّمْزَ قَلْبُ عَلِي
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ تَحْيَا أَخِي أَبَدًا
كَالنَّحْلِ تَرْفلُ بَينَ الشَّمْعِ وَالعَسَلِ
وَالعَهْدَ أَحْفَظُ فِي عَينِ الزَّمَانِ مَدَى
مَا لَيسَ يَبْلَى وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ بَلِي