أحدث المشاركات
صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 35

الموضوع: عزف تحت نافذة المعشوقة ..أقصوصة .

  1. #21
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    أستاذنا عبد الغني شكرا على منحي ثقتك لتصحيح ما يظهر من أخطاء غير مقصودة خاصّة وأنّ اللغة السّرديّة الشيّقة التي تزيّن النّص تستحقّ الاعتناء بها .
    لكنني أفضّل عكم التّصحيح مباشرة بعد الورطة التي وقعت فيها ، بسبب انقطاع النّت الفجائي والتكرّر ، ويمنع ذلك حسب نصّ رسالة من الإدارة ، بل أشير إليها وباستطاعتك العودة للنّص للتّغيير ومن ثمّ حذف الملاحظة
    تقديري وتحيّتي لإبداعكم القيّم

    الأخطاء في الحلقة الثّانية :
    ضياؤك- أوجّه- شيء- فاتنتي- عنّي- ازدحمت- دلاءهما- الاثنان- وحفظه- اذهب

  2. #22
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    شكراً جزيلاً يا ابنتى المبدعة كامله وأعود فأقول ثقتى فى قدراتك بلا حدود وأرجو الدخول مباشرة على النص والتصويب .هذا مع عاطر تحياتى .

  3. #23
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة السابعة
    وافتقدتني هدى من جديد.. وبعكس ما توقعت تغيرت صورتها الأولى وانسحب ذاك الوهج الطفولي المفرح ليحل مكانه حزن غامض ران على قسمات وجهها.. همست في أذني.. أشعر بالإختناق .. هل ترغب في الخروج من هنا.. ؟ نعم ..نعم ولم لا ؟! ..انتحت بي جانباً من المنزل لايكاد يمر به أحد.. بادرت وسألتها عن سر تغيرها المفاجئ.. بدت وكأنها لم تسمعني .. سرحت ببصرها بعيداً.. بعيداً وأرسلت زفرة عميقة ثم أشاحت بوجهها تحاول أن تمنع الدموع التي سالت في صمت على خديها محركة بركة أحزاني بعنف نهنهاتها وتأوهاتها وغمغمت.. تلك قصة مشاوير من الشجن والحزن والهزائم عشتها خطوة بعد خطوة.. وثانية إثر ثانية.. كنت متفائلة وبريئة وكل أخطائي تمثلت في ثقتي اللامحدودة بالآخرين.. حدث ذلك قبل عامين عندما ذهبت إلى الخرطوم لقضاء العطلة الصيفية بعد عامي الدراسي الأول بالثانوي العالي .. تلك المرحلة التي أوهمتني بأنني كبرت وأن الوقت قد حان لأتذوق طعم الأشواق التى اكتمها في أعماقي وبالطبع حللت بمنزل عمي الذي يعيش بصفة دائمة بالخرطوم.. وبينما كانت العربة الفارهة تتهادى بي من موقف السيارات.. قلت لنفسي هذه فرصتك السانحة يا هدى للدخول إلى تلك العوالم الغامضة من الحب والعشق والمناجاة.. وكنت أسمع أن مجتمع الخرطوم لا يلتفت كثيراً إلى تصرفات الأشخاص بعكس مدينتنا الهامسة الصغيرة.. ولحسن الحظ كان عمي متغيباً ، الشيء الذي سيتيح لي فرصة أكبر للتحرك بحرية..أخذتني منى بنت عمي بالأحضان وحملت عني حقيبتي ثم اعطت السائق قائمة بطلباتها وتأبطت ذراعي وسعادة حقيقية تلون وجهها الجميل.. كانت تكبرني بعام واحد ولكن يخيل لمن يرانا أننا توأمان.. وفي غرفتها قلت لها لقد كبرت وتغيرت أفكاري ومعتقداتي.. فأنا قادمة هذه المرة لأعيش.. لأبتهج.. أريد أن أتعرف على جميع أصدقائك بالخرطوم.. وقد لا تصدق أنني كنت أعني ما أقول.. فقد كنت محتاجة لإنسان يقفز بي من طفولتي إلى مرحلة النضج الحقيقي.. قاطعتني قائلة.. مهلاً.. مهلاً ياعزيزتي الإقليمية.. هنالك فارس نبيل سأتصل به ليحضر إلى هنا ويأخذك على صهوة جواده الأبيض الذي تقول حوافره خطفتها خطفتها.. هتفت بفرح عارم.. صحيح.. من هو.. وما اسمه ؟ وعشرات الأسئلة قذفت بها دفعة واحدة في وجه منى.. نظرت نحوي وهمست.. كوب من الشربات وحمام سريع وسأتصل بمجدي وعمر ليسلما عليك في التلفون.. وفي المساء ألقت بحفنة من المعاذير بوجه والدتها التي رجتها ألا تتأخر. وتدحرجنا في الشارع نحو المكان الذي حدده صديقاها.. وكان عمر لوحده بالعربة وقد صُدمت منى في بادئ الأمر لتغيب مجدي ولكنها استعادت مرحها بسرعة.. وفي داخل العربة تعارفنا وهى لم تأخذ إنطلاقتها الحقيقية بعد. ولعلك ترى كيف سارت الأمور كأنما كل شيء قد خقطط له منذ شهور.. وعندما صرنا لوحدنا ران صمت كثيف بيننا وترك كل واحد منا الفرصة لرفيقه ليبدأ بالكلام.. وبعد أقل من نصف ساعة كان يقص علي أدق أسراره.. وقال لي بصوته العميق، تخاصمت مع خطيبتي بعد رحلة من الأحلام الوردية امتدت لثلاثة أعوام.. نسيت أن أقول لك أنني أعجبت بشخصيته منذ الوهلة الأولى فقد بدا لي ناضجاً ورائعاً بشكل لا يوصف.. واستطرد قائلاً: وحتى هذه اللحظة لا أفهم لماذا كنا نصدق أنفسنا أنا وأميرة .. كنا نتوهم بأننا امتلكنا السعادة وأننا نستطيع أن نفعل ما نريد .. كان كل واحد منا يتلهف للقاء صاحبه.. يموت من أجل رؤيته وسماع صوته وعندما أحب كل واحد منا رفيقه وأفنى ذاته فيه.. اكتشفنا أن كل ما قلناه ليس إلا أكذوبة كبرى كنا أول من صدقها.. واليوم لو استطيع إرجاع عجلة الأيام لبضع شهور.. لو استطيع.. فقط لواستطيع.. كنت أحفظ كتلميذ مجتهد كل ما كانت تقوله لى ..كل همسة حب.. كل دمعة شوق وكل اعتراف.. كانت تبكي بدموع المطر لمجرد تأخري عن موعدها لدقائق قليلة..و رويداً رويداً وجدتها وقد تحولت إلى إنسانة جادة ومتعجرفة وللأسف منطقية كأعظم استاذ في الفلسفة.. كل براءتها.. كل طفولتها وبساطتها.. دهشتها من الأشياء وعفويتها ضاعت منها وتحولت إلى آلة حاسبة لايقدر على مجاراتها سوى العقل الالكتروني.. كان من السهل عليها الوصول إلى استنتاجات لا مهرب منها.. تجيء دامغة ومتوافقة في .. ماذا؟ في تذكيري بأنني مقصر وأنني أناني وأنني صرت غير محتمل واختفت تلك الانسانية الرقيقة التي تخاصمني حينما لا التفت إلى قميصها الجديد.. إلا أفهم كيف كيف يستطيع الواحد منا إلغاء طبيعته الأصلية.. وتركتنى مني بعد أن عمقت في خاطري جرحاً لا يندمل.. وأنت رائعة وجميلة ومقبلة على الحياة بكل هذا التفتح، فهل يستاهل رجل مثلي جرب مشاكل الحب وخاض غمارها زهرة فواحة مثلك..؟ أخشى عليك من الحزن ينثال غلالات.. غلالات فيحجب عنك روعة أعماقي المغمور بالمآسي.. أخشى عليك من بحار المرارة والأسف تغرقين بين موجها الصخاب وأنت دالية أفراح لم يفترعها عصفور ونافذة تضيء ضباب الكون .. وغداً وبعد غدٍ إذا كنت سألتفت ولا أجدك أو القاك وقد صرت مثلها تتهربين من ملاقاتي وتنسجين حولي الأكاذيب.. إذا كان سيحدث لي ذلك معك يوماً ما تأكدي أنني سأموت أو افقد عقلي وإذا كانت مشاويرنا لن تتصل فخير لنا ألا نبدأ.. أخاف من بداية جديدة وأنا لم أتطهر تماماً من أحزاني الماضية.. صرت لا أقوى.. صرت لا أحتمل أية مجازفة جديدة.. صرت أخاف من الظروف والمستقبل وأشياء كثيرة غير منظورة وأحس بأنني مطارد.. وبأنني ملعون.. ضغطت بعنف على يده دون أن أشعر وكنت قد اسلمته أصابع يدي يدعكها في ايقاع لم ينقطع.. وبرفق أخذ كفي إلى شفتيه وغمرها بقبلات صامتة وعذبة.. أسندت رأسي على كتفه وسبحت في سعادة لا تصدق.
    قلت له.. يجب أن تعطيني الفرصة لأبرهن لك أنني اختلف تماماً عنها أنا لست عاطفية كالآخريات لذلك لا تتوقع أن ترى دموعي.. وإذا كان لابد من البكاء فسأبكي لوحدي وسيكون رعافي إلى الداحل.. إنني أحس بأنني سأحبك وأريدك أن تعلم أيضاً بأنني لست عشوائية ولا أؤمن بالحب من أول نظرة ولكنك تحمل الكثير من ملامح الإنسان الذي أبحث عنه.
    وتوالت مشاويرنا وانصل اللقاء أسابيع وشهوراً وبالرغم من كل ذلك خدعني عمر.. ماذا كان بإمكانى فعله ولم أفعل لأبقيه قربي.. لقد منحته طفولة شبابي.. الهبت مشاعره بأشواق بهارية عمقت في خواطره عذوبة الذكريات وزرعت في مسامه عطشي ورعونتي وانطلاقي..وبالرغم منكل ذلك تكنى هكذا بكل بساطة ليتزوج ابنة عمه ..وكأن الرجل بأنانيته البغيضة يحتاج لامرأة للحب وأخرى للزواج ..يتحول من هذه لتلك بدون أن يشعر ولو للحظة بتأنيب الضمير وربما تكون تلك قاعدة الكثيرين من الرجال ..يقول الواحد لنفسه لقد سمحت لى بلمسها وغداً تفعل الشيء ذاته مع آخرين ..لقد مضى عمر وخرج من حياتى وانتهى الأمر بعد أن أعطانى درساً فى الحياة لا يقدر بثمن .

  4. #24
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الثامنة
    نعم ..نعم يا عزيزي بشير ..كثيراً ما أسأل نفسى لماذا تغير عمر فجأة وبدون مقدمات ؟! ..أين أفكاره الحرة عن الناس والحياة التي كان يقنعني بها ويفرضها عليّ ؟ أين نظرته للأشياء بل أين تفهمه لمشاعري ورغباتي .. لقد تغلغل بضميري وحفظته عن ظهر قلب .. وتعودت على عذوبته ورقته .. وتعودت على ضعفه وسذاجته .. وتعودت على حكمته ومعرفته بكل شئ .. لكنه خدعني عمر.. فهل يجوز أن يخدع المعلم تلميذه.؟؟
    كان يقول لي .. لاتضغطى على مشاعرك ياهدى ، افعلي ماتعتقدين انه الصواب .. لا تلتفتي للأقاويل والإشاعات .. إنها حياتك أنت .. إنها عذاباتك ومعاناتك وحدك .. كوني واثقة ومؤمنة بنفسك .. لا تعطى الفرصة لإنسان أياً كان قدره ليمارس ساديته فيك ويلتذ لإذلالك .. كان يقول الكثير والكثير وكنت استمع وأنا مبهورة بما يقول عمر حبيبي وسيد مشاعري ..فكيف ينفذ حكمه بإعدامي دون أن يمنحني الفرصة للدفاع عن نفسي..
    لقد فهمته .. فهمته ولن تستطيع أي واحدة غيري إسعاده .. إنه محتاج لي .. إنه يريدني ولابد أنه آسف الآن ونادم على مافعله بي .. ولكن ماجدوى كل ذلك .. ماجدوى أي شئ ؟ فأنا نفسي لا أتمنى له الألم .. انه معلق هنا بقلبي يتأرجح يمنة ويساراً مثل هاجس لا يهدأ أبدا .. انه يلاحقني بطيفه وذكرياته وأصدائه .. آه من رنين صوته العميق بأذني..
    كنت أتمنى أن أذوب في ثناياه .. أن أغوص في أعماقه أن أتدفق مع دمائه .. أن أنام بوجهة .. لقد اربكتنى مأساتي حتى أنني لم اعد قادرة على البكاء .. فهل يفلح الحزن أحياناً في تحويلك إلى جماد ؟ .. في بعض الأحيان أظل ساهرة طوال الليل أفكر وأناقش نفسي ولا أعثر حتى على ظل من ظلال الحقيقة .. لماذا حدث لي ماحدث ؟ ، لقد آمنت في لحظة ما .. وفي مناسبات كثيرة أنه لا شئ يمكن أن يفرق بيننا .. هل يعتريك الشعور أحيناً بأن هذا الشئ يخصك بما لايدع مجالاً للشك ؟ لقد توصلت إلى قناعة تامة بأنه يخصني وحدي ولن يشاركني فيه أحدُ.. إنني لا اطلب منه إيضاحات .. ولا تبريرا لدوافعه .. ولا اطلب من الأيام اعتذاراً عن سوء الحظ الذي أصادفه .. فقط أريد أن أنسى .. فقط لو أنسى..
    وارتجف الليل حزناً وتأثراً وهي توجه حديثها الرافض إلى وجهي عبر الظلام الكثيف .. هكذا أصبحت أنا الخاسرة الوحيدة .. وصرت ضحية مثل الكثيرات اللواتي وقعن في شراك الحب بنجاواه الغامضة والمعذّبة .. أحيانا أقول لنفسي إن الرجال لا يستحقون البكاء والأسف عليهم .. لأنهم أنانيون مخادعون وجبناء بشكل أو بآخر.. إنهم يعيشون معنا تحت سقف واحد ولكن أنظر إلى سقف المنازل التي تضمنا معاً .. لماذا جعلوا لها أكثر من مدخل .. باب للرجال هو الأكبر والأكثر فخامة وباب صغيرة وحقير للنساء.. وفى ضمير كل ساحة نصبوا ذلك الحائط الأعمى ليفصل بين غرف النساء والرجال رمزاً لاضطهاد المرأة وشاهداً على إذلالها .. نصنع نحن الأكل ليأكل الرجل هو وضيوفه ويبعث لنا الأواني الفارغة .. إنني لا أثير قضية ًضد كل الرجال فهنالك من هم أكثر صدقية وحميمية منا نحن معشر الفتيات ولا ضدك أنت يابشير لأنك فنان في المقام الأول .. والفنان لا يمكن أن يصبح أنانياً .. فأنت تحترم المرأة .. وتعشقها .. وتوقرها من خلال رسوماتك ولوحاتك .. لقد رأيت حبك للمرأة أكثر من مرة .. رأيت ذلك الشئ ينداح بعينيك في آخر لقاء ضمناً مع أميمه وحاولت اقتناصه .. حاولت اصطياده ولكنه كان يخصها وحدها .. وكان نفس الشئ يومض بين جفنيك ويتهادى باتجاهها مقبّلاً وسامتها .. هائماً بين قسماتها .. كنت أراقب وأتأمل محاولة استعادة ذلك الإيماض القديم وهو يتململ بعينّي عمر .. لكم أحبه برغم انه أضاعني .. لماذا أضاعني وقد حرصتُ عليه لماذا .. لماذا ..؟ أرجو ألا تعتقد أنني أحببته من أجل الزواج .. كلا ياعزيزي .ذلك لأنني أبحث عن الحب كغاية وليس كوسيلة ..فالحب شئ عظيم ورائع وهو وحده القمين بدموعنا وعذابنا.. لم أكن أحبه بهدف الزواج منه فقط كنت أحبه وكفى .. لقد تركت نفسي تنغمس حتى النخاع في خضم تحنانه .. أحرقت سفني مصممة أن أبقى بقربة ولا أعود ولكنه تركني في منتصف الطريق .. فلا أنا بقادرة على الحركة ولا أنا بقادرة على السكون .. في مرة قرأت بأنه كتب علينا أن نشقى في هذا الكون لأنه كوكب يخصكم أنتم الرجال ويومها سخرتُ من الكاتبة وخمنت أنها إما حاقدة أو محرومة .. فإذا كانت تملك شخصاً يحبها وتحبه لابد أنها ستعشق الحياة .. واليوم ورغماً عني أراني مقتنعة بوجهة نظرها..
    كان جدي يقول لاشقائى قبيل وفاته .. أراكم يا أبناء هذا الزمن تخافون من نسائكم .. تمازحوهن وتضحكون معهن .. ستون عاماً أمضيتها مع المرحومة جدتكم لم اضحك خلالها معها ولم أمازحها .. الضحك والمزاح مع بنات الهوى أما بنات القبيلة فيجب معاملتهن بالحزم والعزم .. فكيف تسمحون لزوجاتكم بمناداتكم بأسمائكم والعقل أن تنادى الزوجة زوجهاب ( يا أنت ويا أبا فلان..)
    مسكين جدي .. كان يعتقد أن الزمن قد تغير وان الرجل هو الآخر قد تغير ولم يدر أن في داخل كل رجل شرقي بذرة من أفكاره ومعتقداته.
    وأن كل الاختلاف يكمن في المظهر الخلاب .. في الذقن الحليق والحذاء اللامع وربطة العنق الأنيقة .. ولكنهم في الأصل صورة لذلك الذي مات قبل مائة عام ..
    اعذرني ياصديقى إن كنت قد أثقلت عليك بمأساتي فحديثي معك قد أزاح عن صدري هماً مقيماً ورفع عن كاهلي حملاً ثقيلاً .. لقد غسلت بعضاَ من أحزاني ووجدت السلام مع نفسي والفضل يعود إلى اصغائك المتأمل وعطفك البادئ وتفهمك العميق ..
    وفي الساعات الأولى من صباح اليوم التالي ودعتها وقد تقمصتني روح غريبة .. إذ تصورت نفسي بطلاً خرافياً مهمته إزالة الغبن من نفوس المستضعفين .. وأنه محكوم على أن اشقي نيابة عنهم .. ولقد خفف من حدة ذلك الشعور الوعد الذي قطعته هدى على نفسها بأنها لن تسمح بتكرار ما حدث بالنسبة لها فيما يتعلق حبنا أنا وأميمة وأنها ستكلأ ذلك الحب وترعاه حتى النهاية وطلبت منى أن احضر لمنزلهم بعد يومين .. وأردفت هامسة .. هنالك مفاجأة بانتظارك .. وطلبت منها أن تلمح لي ولو بالقليل عن كنة تلك المفاجأة ولكنها همهمت بعد يومين من الآن الساعة الثانية عشرة ظهراً..

  5. #25
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة التاسعة
    كانت أزهار شجرة القطن واحدة من أجمل الأشياء التي تغلب على لوحاتي وأنا طالب بالثانوي العالي .. وكثيراً ما ضاع انتباهي في حصة الجغرافيا فأتصور أنني في حصة الفنون .. وحبي لزهور القطن ليس بالطبع بمقاييس الآخرين باعتبار أن القطن هو أهم المحاصيل النقدية ولكنني أحبها كأزهار حقيقية فيها الكثير من الجمال والكثير من الروعة .. ولكم وقفت لدى تلك الصورة الفوتوغرافية التي تحتل مكاناً بارزاً بكتاب الجغرافيا وكانت لفتاة ً من ولاية (الجزيرة ) تقف بين شجيرات القطن وهي تبتسم في رضًى وجمال فرحةً بما جنته من القطن .. وعلى البعد خط حديدي وقطار ينفث دخاناً كثيفاً .. ثم عنزتان إحداهما رفعت عقيرتها باتجاه صوت القطار والأخرى منكبه على العشب دون أن تنتبه للضوضاء القادمة من بعيد.. وقلت لنفسي .. لابد من عمل شئ حتى موعد ذهابي لمنزل هدى تهرباً من وطأة الانتظار .. حملتُ الواني وفرشاتي وركبتُ إحدى الحافلات التي يستغلها القرويون في نقل الألبان والخضر للمدينة ونزلت بالقرب من أحد الحقول .. وعلى البعد تراءى لي ثلاثة أشخاص منهمكين في عملهم في غمرة ذاك الصباح النديان.. تأملت المكان من جميع زواياه واخترت لنفسي موقعاً يمكنني من استيعاب كل أبعاد الحقل الممتد امامى حتي حافة الأفق .. وقبل أن أبدأ بالرسم قدم نحوى رجل وفتاة سلم الرجل وكان في العقد الخامس من العمر وابتدرني قائلاً:-
    - هل أنت المساح ..
    - لا ياعم .. أنا رسام للفنون بالمدرسة .. ويبدو أنه لم يفهم شيئاً مما قلت وهنا تدخلت تلك الفتاة موضحة :
    إنه أستاذ أبي .. مدرس .. وأعقبت حديثها بضحكة مقتضبة فيها الكثير من الحياء .. وبعيدا بعيدا غاصت الغمازتان الصغيرتان وانثنت الساقان النفاضتان واتسعت ابتسامتها أكثر من ذي قبل ثم أخذت أطراف ثوبها بين شفتيها وكان في وقفتها شئ من الإطراق الحزين .. والكف الصغيرة المخضبة بالحناء ترتاح على الخد النضر .. وفجأة شعرت أن حقل القطن بأزهاره المتفتحة ليس إلا إطار لتلك الصبية العجيبة التي عبر ألوان قوس قزح الذي طاش بعرض السماء قبل لحظات أشعلت المشاعر بخافقي و زغرد الكون .. وعدت أدراجي وأنا احمل خطوطاً مبهمة للوحة كبيرة ..فيها ذلك الاخضرار الموحى لحقل القطن وفيها تلك الصبية الجميلة وكأنها أرادت أن تبرهن لي بأن الكاميرا التي أخذت بها صورة الحقل والفتاة بكتاب الجغرافيا هي الأخرى جُنت مثلى بالرغم من أنها لم تقل ذلك لأحد..
    وفي ذات صباح ذكرني أحدهم بأن العطلة الصيفية على الأبواب وكنت قد نسيت في خضم عواطفي وتشوقاتي كل شئ عن تلك العطلة التي تعودت انتظارها بأحر من الجمر باعتبار أنها فرصة أعود فيها لقريتي النائية حيث أبى وأمي وأشقائي وحيث تستريح أعماقي وتهدأ خواطري من تداعيات الحياة في المدينة وقسوتها والركض على أرصفتها..

    علاقة أي أم بابنتها علاقة فيها الكثير من الخصوصية والصراحة والصدق .. علاقة الشقيقة مع شقيقتها علاقة ثابتة تنضج حباً ونكران ذات .. لذلك أخبرت (أميمة )والدتها وشقيقتها الصغرى بتفاصيل الحديث الذي سمعته منى وكان الفرح والإشراق باديين على قسمات وجهها الطفل..
    ومنحتني في آخر لقاء لنا وعدا وتذكارا.. قلت لها وبدون مقدمات .. سأحضر والدي معي بعد انقضاء العطلة ..
    أحنت رأسها وعاودت النظر اليّ وايقاع ساحر يضرب بضفتي مقلتيها .. وأغفت جفونها إغفاءةً قصيرة وابتسمت ثم وفي طفولة بريئة .. (صحيح..؟) .. انسربت عبر همسة مرعوشة لم أكن مهيئاً لها..
    رجعتُ خطوةً إلى الوراء يدى على رأسي ثم كلتا يدىّ في جيوبي وفركت أصابعي وتلعثمتُ وأنا أبحث عن قوالب مناسبة للمعانى ..
    - طبعاً ياحياتى .. ماذا ننتظر..؟
    - آخ .. غمغت في حضور غافل..
    - آخ .. جاوبتها وكلى أصداء لهمستها الناعمة ، المهم في الموضوع إقتناعك أنت بأنها الخطوة الصحيحة والمناسبة وسيقتصر الأمر على مجئ والدى وتحدثه الى والدك .. و.. كل شئ سيتم حسبما نشتهى بإذنه تعالى..
    - (صمت)
    - خلاص يا أميمة .. سوف أموت إذا وقعت أيه مفاجآت في غير صالحنا .. انت عارفه .. عارفه كويس .. مش؟ انا عارف .. انا دايرك .. دايرك ..

  6. #26
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة العاشرة
    وفي الطريق الى قريتنا صحبنى طيفك .. بلا حقائب بدون متاع .. لاشئ سوى وجهك يتهادى فوق الاخضرار الفسيح ويعود يستلقى بين ضلوعى..
    وهناك أخذتنى أمي الى حنانها المنساب .. وغسلت همومي بدموعها .. ضمتني اليها تلمّ بقايا جسدى المتعب وهتفت كيف حالك يا أماه .. ياحبى الأبدي .. هذا ابنك العائد من أرصفة المدائن .. ضيعته الظروف وغّربته الحياة في دروبها البعيدة ها أنا أعود اليك لأرتاح .. إننى متعب .. اريد ان أنام طويلاً طويلاً..
    بلا أحلام .. بلا تشوقات ..
    تجمعوا حولى .. أتوا الى من كل حدب وصوب .. والفرح الضحوى يلون قسماتهم البريئة .. وساعتها أحسست بأن قدماى تنغرزان في باطن الأرض وبأن ثمة جذور عذراء نبتت بأقدامى وانطلقت تشق طريقها في الرمل .. ومن جديد تماسكت ووقفت شامخاً كمعبد ..
    وجائتنى (أم بشار) .. جميلة الجميلات بالقرية .. هيفاء مع لمحة من عناد وطفولة .. تسليك وتهش لك وعندما تستيقن أنها صرعتك تهرب منك وتقول لك بلغة المدن ..(باي .. باي) وجاءتني (برجوك) عملاقة كما البّان.. رائعة وعظيمة كعظمة التاريخ ..تزهو كملكة وتختال بكل الكبرياء الموجود في العالم..
    وسعيد ُُُ من يحظى بالحديث معها أو حتى بمجرد التفاته منها..
    وفي المساء همست شقيقتي في أذني ..متى نفرح بك يابشير ألم تلاحظ أن جميع أندادك بالقرية تزوجوا .. وبقيت أنت .. الله وحده يعلم متى وأين وكيف ستتزوج ..ولما لاحظت بأنني اتحصن بالصمت وبالشرود انسحبت في هدوء وتركتني لذكرياتي ..
    وانت والقمر الفضي والغياب .. خطوك موسيقى وشعرك مرافئ .. أنت والشاطئ المهجور ورفيف أجنح العصافير على صفحة النهر.. ثم أشواق الإياب بعد كل فراق .. المدى الرابض يحضن نظراتنا .. خطوك موسيقى وشعرك مرافئ..أنا وأنت بذلك الركن القصي.. والمساء الطفل والشوق مسبحة الدراويش ا وذراعاك مجاديفي في رحلة العمر ..نعم حبيبتي يا فواصلى ويا اغنياتي الجريحة النغم .. هل تذكرين .. وهل تعصف بك الأشواق والليل يضرب بحذاءه الثقيل صمت الشارع المرهق .. الليل يتراجع الى ثلثه الأخير وقد غفى الكون بينما أنت وأنا ندق جدار البعد والحرمان .. خطوك موسيقى وشعرك مرافئ..
    - وهل ستحفظ عهدنا ؟ هل ستذكرنى في أصيل البعاد؟
    - وهل سأنسى ؟
    - توعدنى ؟
    - واقسم لك يا ملاكى الصغير.. من أجل أن يبحر الضوء في مجرى العبير بخديك .. من أجل ان يزدهى الشفق المسحور بعينيك ..
    لك والى الابد سابقى .. ومع اطلالة القمر سأتطلع نحوك
    وعلى صفحته ستلتقى نظراتنا .. وسأرسل اليك تحياتى وأؤشر لك .. سأقول له الكثير والكثير وستسمعيننى من خلال ابحارنا فوق دفقة المنساب .. تلك هى دالية افراحنا وملتقانا الأثير..
    وعندما يصفو ضوء القمر سأشرب من صفو نظراتك واستحم في هطول تحنانك .. وأغضبُ ان افتقدتك..
    - بعيدا عنك يا حبيبى أشعر بالمرارة والحزن..أشعر بالغربة والالم غريبة في وطني وبين أهلى وعشيرتى .. الشارع نفق طويل ..
    والناس هياكل بشرية يجر بعضها البعض ..غريبة حتى مع نفسي .. الفرح الممراح يخبو في ضميرى وشئ ما يتنامى في اعماقي ويكبر في كل يوم ويصير بحجم الكون ..إنه حبك ..إنه حنينى إليك..
    - .. حبيبتي .. يافرحة العصافير باخضرار المواسم ..بعيداً عنك حياتي عذاب ..ساعاتى احتضار وأيامى موت بطئ ..افتقدك ويالبشاعة الفقد..
    بعيدة عني وأنا بينكم أحس بأنك قريبة منى ..وشعورى بأننا نشرب من سخونة نهارنا الواحد ونمسى على رحابة ليلنا الواحد نغفو على نفس الأصوات ونتقاسم رهافة نفس النسمات..
    احساسي بأننا نتوحد في أفق واحدٍ يمنحنى الشعور بأننا نلتقى كل يوم..
    وكنت إذ يشتد بي الحنين إليك.. أطوف حول منزلكم متطلعاً نحو نافذتك المضاءة لعلى ألمح بقيايا من ظلالٍ .. فتهدأ نفسي ويرتاح ضميرى ..بعيدة عني الآن وأنت كل شئ بالنسبة لى فيا للبعد عن كل شئ..

  7. #27
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الحادية عشرة
    إييييه يا أميمة .لا بد أنك تقبعين الآن في دواخل الكثيرين غيري من الذين عرفوك كأجمل طفلة والذين تعذبوا بسببك كأروع فتاة أو لمحوك وأنت تطلين من نافذة سيارة أو في ميدان عام أو تعبرين الطريق غير عابئة بشئ .. وجه يستفز مشاعرك ويشعرك بأنه أكبر من إمكاناتك وطموحك وبأنك مهما حاولت وحاولت فلن تصل..
    كانت تقرأ لى حصاد القدماء .. تراكمات البكاء والندم عصارة الكبرياء الجريحة لمن أحب من الشعراء .. أنشدتنى في إحدى الأمسيات : ( انت دائماً تبتعدين ودائماً في المساء .. حينما يسرع الليل ماحياً التماثيل) هتفت من أقصى ركنً بأعماقى ( ياألله) ونهضت من مكاني وجلست بجانبها وهسيس قميصها المشجر يرحب بي ، وهي تقرأ:( على ليلى يطول أساك منتعلاً وسامة قلبك الشاعر..ومطروداً أمام الريح محتملاً جراحات الهوى الخاسر..) وفجأة حاصرتنى الأحزان والهموم فأطرقت بوجهى نحو الأرض والصمت يزرع بيننا عشرات الأسئلة .. ثم افترقنا ..وها أنا أعود من عطلتى أتكوم وسط هذا العدد الكبير من الركاب ..ادخلت يدي في جيبي أتحسس تذكارك الذي أهديتنيه قبيل السفر أخرجته وقبلته ..كان عبارة عن قطعة معدنية مكتوب على جانبها اسم الجلالة وعلى الجانب الآخر اسم النبى الهادي محمد صلوات الله وسلامه عليه بيد أن التذكار انفلت من بين اصابعى المرتجفة وتدحرج فى ثنايا أمتعة ركاب القطار ..

    دفنت أنفي أبحث عن التذكار الضائع بلا هوادة .. صرخ في وجهي رجل يحمل ابريقاً من الشاي ..( من فضلك يا أستاذ السكة) وعلمتُ لحظتها أنني أضعتُ تذكارك .. قلت وأنت تهديننى اياه انهما سبيلى للعودة بسلام .. وعاد وجهك من جديد يطل عبر شبابيك القطار..
    وطاش الهواء الرقيق يطرد رائحة الدخان والأجساد والحقائب..
    ونظرت فإذا بعيني تصافحان تذكارك فاستعدته ثم أخذته بين شفاهى اقبله وضاع وجهك من جديد.

  8. #28
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    الحلقة الثانية عشرة
    وعشية عودتى من العطلة انفلتت فتاة جميلة الى زحمة الشارع وجه جميل يبتاع حاجياته من السوق ولكنه في الوقت ذاته تبرير معقول بأن الحياة جديرة بأن تعاش ودعوة مفتوحة للمرء لينسى احباطه وهزائمه اليومية المتمثلة في طلباته المرفوضة وطموحاته المؤجلة إنها اجتياح محبب لأسوار النفس وهدهدة لكل ايقاع مبعثر في الذات واستسلام نزق لهتاف المشاعر الحبيسة ..أنظر تصور .. والوجه الجميل يذرذر المكان بأناقات مرحة تلفة هالة من الضوء والعطر ..ثم الانتباه الحذر وخطوة أخرى ..لفتة ووقفة تأمل وعيون واسعة تحبل فجأة بالانبهار والدهشة ..وهنا أو هناك البائع والفنان عابر السبيل أسرى ذلك الجمال الغافل الذي بدون أن يقصد ثبت التأزم والحيرة في قلوبهم الجريحة..
    ولكن ..إنها هدى .. كيف لم أعرفك وأنا اتبعك طوال هذا الوقت ..
    صافحتنى ثم وبدون مقدمات ابتدرتنى قائلة :-
    - هل تتحمل أعصابك المفاجآت؟..
    وبتأثيرمن الانزعاج الذي بدا على وجهها تنبهت آلام كثيرة بجسمى استعداداً للانطلاق ..أردفت وهي تشيح بوجهها كأنها تحادث شخصاً غيرى..
    - تزوجت وسافرت لتلحق بشقيقى ..أعنى زوجها بالخليج ..
    - أميمة تزوجت ؟
    كلماتى تفقد رجعها المألوف .. وكألف سرطان مائي تماوجت كل الأوجاع التي تختزنها الطبيعة برأسي وانطلقت بسرعة شديدة الى كل انحاء جسمي حتى انني لم أعد أبصر شيئاً أمامي..
    ولفترة قصيرة أدهشتني لحظة من التماسك واللامبالاة وجدتنى أقول خلالها لنفسي ..ليكن أي شئ ..تسافر أو تتزوج ..لايهم ..لايهم ..بيد انه لم يكتب لتلك اللحظة الاستمرار ..إّذ سرعان ما عاودتنى الآلام من جديد..
    هل أذهلتنى المفاجأة؟ بالتأكيد نعم ولكن ماهو الذهول ؟! أنا شخصياً لا أعرف حدوده ..( عدنا لشخصنة الأشياء ) ..وماهى المفاجأة لألمس أطرافها ..إنها لم تذهلنى فقط بل قل إنها كادت أن تقضى علىّ.. وكانت بدرجة لم أعد أٌدر معها تلمس البعد الحقيقى لحجم مأساتي ..واقسى مافي الأمر الالتزام المناط بى تحمله بما يكفى لتعذبينا نحن الاثنين معاً..هل هو الرضاء المشوش أم غموض فكرة السفر الى بلدٍ جديد..
    ولكن صبراً.. فالذى يحنى هامته عشقاً للجمال لن ينحنى مرغما أمام العاصمة وأيه عاصفة ..إنه الطوفان أو ربما هو الزلزال الذي سيدمر تراث الأبد..
    وهكذا تركتني على رصيف هذه الحياة انتظر.. حد السكين يغوص وأنا امضى .. قلبى بكفى .. منتعلا هشاسة المشاعر المرة .. والاحاسيس المذبوحة ..دمى على كفى .. والرعاف يتدفق الى الداخل وخطاى الواثقة ما عادت نفس الخطى ..حد السكين والقلب المدمى وأنا امضى بنفق الحياة الطويل ..وأنا أضيع فى ظلمة الدهاليز الموحشة ..
    وكيف أطلب منك ايضاحات ..كيف أطلب ؟ وبأي حق ؟بأيه وسيلة ؟ فقط اترك هذا الحزن يطوينى ولا أسأله لماذا ..أتركه يقودنى ولا أسأله الى أين .. وليكن الى الجنون أو الى العدم فكل شئ عندى الآن سيان ..
    حطمى إذّن تماثيل الحب القديمة ..مزقى صحو الكلام وربيع المواسم .. اريقى آخر قطرة زيت بالقنديل فوق رمل الطريق ..
    و اتركينى في الساحة المظلمة .. زمنا يشرد من غابة المجال ..هنيهة جديبة الحواف .. ومآذن للصمت والإنسكاب .. اتركينى اقرع بوابات الليل المائة واستصرخ ضمير الايام الغافل وما ذنبى أنا؟ إن شئت خذينى أو فاتركينى .. وحطام الأمل الضائع بأعماقى والكلام الحلو الذي من عينيك همى مطراً .. ليصمت إذن ذلك الكلام وليتيتم عشقنا النبيل طفلنا ذلك الضارع يمد يديه وهو يهوى الى القاع بينما تحولين نظراتك الى ارفضاض الشراع بصفحة النهر السكران ..ترفعين الانخاب بنفس الأيدى الملطخة بدمائه الدافئة..
    كيف أطلب منك ايضاحات وبأيه صفة وقد صرنا غرباء ..المسافة جسور مهدمة .. وخطاى تهتز قبل أن تلمس شاطئ الأمان ..وها أنا اسقط .. اسقط الى القاع وأنتِ تعمقين أخاديد الجراح..
    حد السكين يغوص وأنا امضى ..حد السكين يصدأ بداخلى يصدأ بضميرى ويغوص بعيداً بعيداً حتى النخاع .. وأنا امضى من وأدٍ لواد.. ومن بلد لبلد .. بينما أنت والزمن تقهقهان من فرط غرابة ماقد حدث ..
    هي إذن نهاية المطاف وتلك تفاصيل الحدث الفريد ..
    كنت استحق على الاقل مجرد اعتذار .. فأنت لست أنت إّذ تقررين وتنفذين .. وانا لستُ أنا لأ قبل وأبارك .. وهنالك النجم الغارب قبل مواقيت الأفول والهلال الذي لا يسعفه الحظ ليكمل استدارته ..
    هذا إّذن هو أصل الحكاية ولايهم بعد ذلك جنون الصدفة أو ذهول المفاجاة .. مادمت تسافرين وترفضين البوح بأي شئ عندما لا يكون هنالك بد من التلميح عوضاً عن كل الإيضاحات الضرورية .
    ومن أنا لأطلب .. من أكون ؟وحد السكين يقص قوادم أجنحتى يتفل شغاف قلبى ودمي .. ينصب شاهدين للذكرى و التاريخ ..
    بحيث تكون هنالك مواسم للعشق .. ومواسم للندم ..وأنت سعيدة وهانئة ..من أخمص قدميك وحتى أم رأسك ..
    حد السكين يغوص .. والسلوان يأبى أن يغدق نفسه وتبقى أميمة كالاجراس
    المعلقة بعنقي تضرب بقسوة كلما تحركت .
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالغني خلف الله ; 26-03-2011 الساعة 08:12 PM

  9. #29
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    متابعون أيها الكريم
    ونراك بت مقلا مؤخرا

    دم بكل الخير
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  10. #30
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 1,149
    المواضيع : 174
    الردود : 1149
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    شكراً لوجودك هنا ..تأخذنى بعيداً عنكم مشغولياتى الخاصة بتأسيس مدرسة أساس ..وتأخذنى بعيداً عن المزاج الخاص بالكتابات الرومانسية لما يتعرض له الشعب الليبى من بطش وتنكيل ..أتمنى أن تصفو الأجواء ونعود كما كنا مقبلين بكل الحب لهذه الواحة العامرة بأهلها ..هذا مع تحياتى .

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قاص تحت الضوء.. نافذة منكم واليكم
    بواسطة أحمد عيسى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 05-03-2014, 10:38 AM
  2. المدينة المعشوقة
    بواسطة إبراهيم القهوايجي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 07-11-2005, 02:05 PM
  3. نافذة على اللغة / أخطاء شائعة
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 24-12-2003, 10:20 PM
  4. هل لي الى عينيك نافذة ؟
    بواسطة منذر ابو حلتم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-08-2003, 12:27 PM
  5. نافذة على الأنتفاضة في الأدب الفلسطيني
    بواسطة زياد مشهورمبسلط في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-05-2003, 08:24 PM