سحابُ الليل ممشاهُ
على ضوءٍ أسير الهَمِّ مسراهُ
فلا نورٌ ولا قمرُ
ولا نجمٌ ولا مطرُ
تضنّ الريح بالسكنِ
فينأى عبر نافذتي يسائل كل ما يلقى
عن الأحلام و الرؤيا .. عن الأمس الذي كانَ
يجيب الموت و العدمُ
وينشر لحنه الألمُ
وألمح من قريب الحزن في صدري
حروف الصمت تنتحبُ
ينزُّ الشعر في قلبي ..
مزيد الملح والماءِ
أنادي وجهها المرسوم بين الغيم والوسن
أراه الآن في الظُلَمٍ
كطفلٍ عاد في الوهمِ
إلى الأمِّ التي تحنو
إلى الصدر الذي يروي و ضمَّ الأمس وحشتهُ
فأجري أرتقي الدرجَ
لأقطف من يديها النور والعمرَ
فتكْسر خطوي الأقدار تسلمني إلى اليأس
تغادر دربي الذكرى وأبقى من وراء الباب كالأمس
وحيد أبتغي شمسا تغشى الليل رؤياها
شريد أرتدي وجهاً من الحلم الذي تاهَ
أنادي وجهها المرسوم أغنيةً
كأن الليل قد يصغي لمعناها
فيتعبُ قلبي المفطور من عشقٍ
ومن نبضٍ رقيقٍ همسُ ذكراهُ
يمجُّ الليل بحر الحزن في صدري
ينزُّ الشعرُ من قلبي ..
ونورُ الروحِ يحتضرُ
فيغلق بابه الأملُ
أنادي وجهها المرسوم كالدارِ
وكانت إذ يطل الليلُ تخفيني
عن الأحزانِ في طيّات بسمتها
وتشري القلبَ عيناها
أنام قرير ضمتها
فيأتي من غدائرِ شعرها الحاني
مزيجُ الدفءِ والسحْرِ
يجودُ الليلُ بالنجمِ
ويبرقُ باسمُ الثغرِ
فأين الآن هذا النجم أيناهُ
وأين الفجر ما جاءت للقياهُ
ستخفي طيفها الظلماء عن عيني
وحين يزول كل النور ألقاني
برغم العجز أرحل صوب أوطاني
فأعثر ثم أرتجفُ
وأعثر ثم أنكسرُ
وأبني السور من خوفي
ويعصر خافقي الألمُ
وتمضي الريحُ بالسحبِ
على ضوءٍ أسير الهمِّ مسراهُ
الأندلسي
9 - 6 - 2004