أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: في الدلالة الصوتية

  1. #1
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي في الدلالة الصوتية

    .. من (فقه اللغة: مفهومه - موضوعاته - قضاياه) لمحمد بن إبراهيم الحمد
    ***
    نظام الألفاظ بالمعاني: والمراد به مقاربة الصيغ اللفظية للمعاني الموضوعة لها

    أو ما يسميه ابن جني (تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني)، حيث أورد بابًا في الخصائص تحت هذا المسمى، وقال تحته: هذا غَوْرٌ من العربية لا ينتصف منه، ولا يكاد يحاط به، وأكثر كلام العرب عليه، وإن كان غُفلًا مسهوًا عنه.
    كما أنه أورد أبوابًا قريبة من هذا، وسيرد ذكر لبعضها.
    ومما حاول إثباته في كتابه مما يتعلق بغرضنا ستة أمور:

    1- أن العرب كانت تقارب حروف الألفاظ حتى تقاربت معانيها
    قال ابن جني: ومن ذلك قول الله تعالى: [أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا]. أي: تزعجهم وتقلقهم؛ فهذا من معنى تهزهم هزًا، والهمزة أخت الهاء؛ فتقارَبَ اللفظان لتقارب المعنيين، وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة؛ لأنها أقوى من الهاء. وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز؛ لأنك قد تهز ما لا بال له كالجذع وساق الشجرة ونحو ذلك.
    ومنه العسف والأسف: والعين أخت الهمزة، كما أن الأسف يعسف النفس، وينال منها.
    والهمزة أقوى من العين، كما أن أسف النفس أغلظ من التردد بالعسف؛ فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين.

    2- أن هذه المقاربة بين الحروف تقع فيها المراعاة حتى في الحروف البعيدة التي لا تتشابه إلا بالتأويل
    قال ابن جني ممثلًا لذلك: ومثله تركيب (ع ل م) في العلامة والعلم.
    وقالوا مع ذلك: بيضة عرماء، وقطيع أعرم إذا كان فيهما سواد وبياض، وإذا وقع ذلك بان أحد اللونيين من صاحبه؛ فكان كل واحد منهما علمًا لصاحبه.

    3- أن المقاربة قد تكون في الأصل الواحد بالحرفين
    وقد مثل له ابن جني بقوله: وقد تقع المضارعة في الأصل الواحد بالحرفين، نحو قولهم: السحيل، والصهيل، وذاك من (س ح ل) وهذا من (ص هـ ل) والصاد أخت السين كما أن الهاء أخت الحاء.
    ونحو منه قولهم: (سحل) في الصوت، و(زحر) والسين أخت الزاي كما أن اللام أخت الراء.

    4- قد تكون المقاربة بالأصول الثلاثية في الفعل (الفاء والعين واللام)
    فقالوا: عصر الشيء، وقالوا: أزَّله إذا حبسه، والعصر نوع من الحبس، وذاك من (ع ص ر) وهذا من (أ ز ل) والعين أخت الهمزة، والصاد أخت الزاي، والراء أخت اللام.
    ومعنى قوله: أخت كذا وكذا- أي في المخارج فالصاد والزاي - على سبيل المثال - من أحرف الصفير، وهكذا.

    5- أن العرب يصورون اللفظ على هيئة المعنى
    وهذا ما عبر عنه ابن جني في الخصائص في باب سماه (باب في إمساس الألفاظ أشباه المعاني)، وقال تحته: اعلم أن هذا موضع شريف لطيف، وقد نبه عليه الخليل وسيبويه، وتلقته الجماعة بالقبول. قال الخليل: كأنهم توهموا في صوت الجُنْدُب استطالة ومدّ فقالوا: صرَّ، وتوهموا في صوت البازي تقطيعًا فقالوا: صرصر. وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفعلان: إنها تأتي للاضطراب والحركة، نحو: النَّقَزَان، والغليان، والغثيان؛ فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال.
    ووجدت أنا من هذا الحديث أشياء كثيرة على سَمْت ما حدَّاه، ومنهاج ما مثَّلاه.
    وذلك أنك تجد المصادر الرباعية المضَّعفة تأتي للتكرير نحو الزعزعة، والقلقلة، والصلصلة، والقعقعة، والصعصعة، والجرجرة، والقرقرة.
    ووجدت - أيضًا - (الفَعَلى) في المصادر والصفات إنما تأتي للسرعة، نحو: البَشَكى والجَمَزَى والوَلَقَى.

    6- مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث
    وهذا من نظام الألفاظ بالمعاني عند العرب، قال عنه ابن جني: باب عظيم واسع، ونهج مُتلَئِبٌّ عند عارفيه مأموم، وذلك أنهم كثيرًا ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المُعَبَّر عنها؛ فيعدلونها بها، ويحتذونها عليها، وذلك أكثر مما نقدِّره، وأضعاف ما نستشعره.
    ومن ذلك قولهم: خضم وقضم: فالخضم لأكل الرَّطْب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب.
    والقضم للصلب اليابس، نحو قَضَمَتِ الدابةُ شعيرها، ونحو ذلك. وفي الخبر: قد يدرك الخضْم بالقضم، أي: قد يدرك الرخاء بالشدة، واللين بالشظف. وعليه قول أبي الدرداء: يخضمون ونقضم، والموعد الله.
    فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب، والقاف لصلابتها لليابس؛ حذو لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث.
    ومن ذلك قولهم: النضح للماء ونحوه، والنضخ أقوى، قال الله سبحانه: [فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ]، فجعلوا الحاء؛ لرقَّتها للماء الضعيف، والخاء؛ لغلظها لما هو أقوى منه.
    احرص على أن تنادي أشياء حياتك الإيمان وشريعة الله تعالى!

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    معلومة قيمة ودرس مفيد
    فكرت لوهلة أن أضع جدولا لهذه المفردات التي تصافبت الفاظها لتصاقب معانيها
    ثم تساءلت
    هل من مرجع نصل منه لكل هذه الأفاظن ام أنها تبقى أمرا متوقفا على أن نجد بعضها في المعاجم ذات صدفة فنبحث عن العلاقة بين الحروف الأخوات ؟

    شكرا لحجهودك القيمة ايها الكريم

    دمت بألق
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #3
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    بوركت أيتها الجليلة، وأكرمت!
    هناك كتاب المقاييس الذي يحصر المعاني العامة للجذور، وكتاب الخصائص لابن جني، وكتاب "التصاقب" للدكتور عبد الكريم جبل، وغير ذلك كثير.

  4. #4
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.19

    افتراضي

    ما أبدع لغتنا !!

    أكتشف دائما الجديد في الخير الذي تنقله إلينا .

    دمت .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

المواضيع المتشابهه

  1. المقاطع الصوتية .. عرض وتدريب
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 12-10-2018, 09:18 AM
  2. المقاطع الصوتية .. وعلوم اللغة العربية
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 20-03-2010, 08:25 PM
  3. المناورة الصوتية في(كلب شقيق العمدة)
    بواسطة أحمد حسن محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-08-2009, 01:22 PM