إلى الحبيب رفعت زيتون ردا على ندى نفسه في قصيدته أمير الشعر
يَصُبُّ المَاءَ صَفْوًا وَهْوَ صَادِ
وَيُطْعِمُ طَاوِيًا مِنْ خَيرِ زَادِ
وَيَضْحَكُ وَهْوَ يَبْكِي غَيرَ شَاكٍ
وَيَعْزِفُ وَهْوَ يَنْزِفُ فِي الفُؤَادِ
وَيُلْقِي الدَّهْرُ فِيهِ بُذُورَ حُبٍّ
فَيَغْرِسُهَا وَيَزْهَدُ فِي الحَصَادِ
أَلا إِنَّ الشَّقَاءَ إِلى فَنَاءٍ
وَبَهْرَجَ مَا يَسُرُّ إِلَى نَفَادِ
هِيَ الأَيَّامُ تَسْعَدُ فِي نَهَارٍ
وَتَنْكَدُ فِي لَيَالِيهَا الشِّدَادِ
تَسِيرُ بِهِ عَلَى الدِّيبَاجِ حِينًا
وَحِينًا فَوقَ حَشْرَجَةِ القَتَادِ
وَمَنْ عَرِفَ المَعِيَّةَ طَابَ نَفْسًا
وَأَنْصَفَ مَنْ يَوَدُّ وَمَنْ يُعَادِي
وَلَمْ يَرْتَعْ بِنَشْوَى ذَاتَ نَجْدٍ
وَلَمْ يَجْزَعْ بِبَلْوَى ذَاتَ وَادِ
لَكَمْ هَجَمَ الجَرَادُ سُمُوقَ نَخْلٍ
فَأَشْبَعَ عِذْقُهُ نَهَمَ الجَرَادِ
وَكَمْ دَهَمَ السَّوَادُ بَيَاضَ فُلٍّ
فَعَبَّقَ قَلْبَهُ رَغْمَ السَّوَادِ
وَمَا اتَّخَذَ التَّذَرُّعَ سَرْجَ عَجْزٍ
وَلا انْتَبَذَ التَّوَرُّعَ نَهْجَ حَادِ
وَهَلْ عَرِفَ الزَّمَانُ الشَّمْسَ إِلا
حَيَاةً لِلبِلادِ وَلِلعِبَادِ
إِذَا أَفَلَتْ تَأَسَّفَ ذُو رَشَادٍ
وَإِنْ سَطَعَتْ تَأَفَّفَ ذُو وِسَادِ
وَمَهْمَا تَلْحَنِ الأَحْقَادُ فِيهَا
تَشِعُّ سَنَا هُنَالِكَ فِي اتِّقَادِ
أَمَا اتَّعَظَ المُجَدِّفُ بِاللَيَالِي
فَمَا يَنْفَكُّ فِي سُبُلِ الفَسَادِ
كَأَنَّ سَفِينَةَ الخَتَلِ اسْتَقَرَّتْ
عَلَى الجُودِيِّ تَحْمِلُ كُلَّ عَادِ
تَأَبَّطَ شَرَّهُ فِيهَا حَسُودٌ
يَرَى طَعْنَ الجَلِيلِ وَذِي المَبَادِي
وَمَفْتُونٌ وَمَوتُورٌ وَغِرٌّ
وَذُو نَقَدٍ يَلِجُّ وَذُو انْقِيَادِ
فَكَيفَ يَكُونُ لِلإِنْسَانِ قَدْرٌ
إِذَا اجْتَرَأَ الضَّلالُ عَلَى الرَّشَادِ
وَكَيفَ يَكُونُ لِلأَوْطَانِ فَجْرٌ
إِذَا اجْتَزَأَ الصَّوَابَ فِي الاعْتِقَادِ
لَقْدْ أَلْهَبْتُ ظَهْرَ العَزْمِ حَتَّى
يَكَادُ يَكِلُّ عَنْ أَرَبِي جَوَادِي
فَدَعْنِي يَا حَسُودُ عَلَى سَبِيلِي
أُنَادِي وَالكِرَامُ مَعِي تُنَادِي
وَطِرْ بِي يَا فُؤَادُ إِلَى سَمَاءٍ
تُطِلُّ مِن الوَفَاءِ عَلَى الودَادِ
يُزَيِّنُ وَجْهَهَا المُمْتَدَّ بَدْرٌ
مُنِيرٌ فِي الرُّقَادِ وَفِي السُّهَادِ
إِذَا اشْتَدَّ الزَّمَانُ دُجَى تَجَلَّى
وَإِنْ غَدَرَ الأَمَانُ أَخًا يُفَادِ
وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ عَلَيكَ جُودًا
مَتَى بَخِلَتْ عَلَى الجُودِ الأَيَادِي
ظَفِرْتُ بِوُدِّهِ فَالكَونُ رَحْبٌ
وَفُزْتُ بِقُرْبِهِ فَالدَّرْبُ هَادِ
كَأَنَّ عَلَى التَّرَفُّعِ كَانَ مَعْنَى
وَلِلزَّيتُونِ كَانَ سَنَا الوِقَادِ
أَخُو شُهُبٍ يُحَلِّقُ فِي مَدَارٍ
وَذُو أَدَبٍ يَسِيرُ عَلَى سَدَادِ
سَعَى بِالحَوزَتَينِ يِرُدُّ جَورًا
كَأَنْبَلِ مَا يَكُونُ مِنَ الذِّيَادِ
بِشِعْرٍ جَاوَزَ الإِبْدَاعَ حَدَّا
بِهِ طَرَبًا تَرَنَّمَ كُلُّ شَادِ
إِذَا خَطَبَ المَطَالِعَ ذُبْنَ شَوقًا
وَإِنْ حَلَبَ الحُرُوفَ فَفِي ازْدِيَادِ
وَكُلُّ قَصِيدَةٍ عَذْرَاءَ تُرْجَى
لَهَا خَاضَ البُحُورَ كَسِنْدِبَادِ
وَفِكْرٍ فَاقَ لُقْمَانَ اقْتِبَاسًا
بِمَأْثَرَةٍ ، وَأَشْجَعُ مِنْ زِيَادِ
لَهُ القَدَحُ المُعَلَّى فِي احْتِرَامٍ
وَجُذْوَةُ رِفْعَةٍ فِي كُلِّ نَادِ
فَسِيَّانَ التَّزَلُّفُ وَالتَّجَافِي
وَشَتَّانَ التَّلَطُّفُ وَالتَّمَادِي
رَعَاكَ اللهُ يَا بنَ القُدْسِ إِنِّي
بِأَكْثَر مَا تُعَدِّدُ ذُو اعْتِدَادِ
وَلَكِنْ فُقْتَ فِي سَبْقٍ وَصِدْقٍ
وَزِدْتَ فَكُنْتَ أَجْوَدَ مِنْ جَوَادِ
أَمِيرَ النُّبْلِ هَلْ فِي المَدْحِ فَضْلٌ
أَجُودُ بِهِ وَأَمْحَضُكَ التَّهَادِي
لَقَدْ أَتْرَعْتَ كَأْسَ المَدْحِ حَتَّى
لَقْدَ جَفَّ اليَرَاعُ مِنَ المِدَادِ
فَخُذْ مِنِّي المَحَبَّةَ بَعْضَ شُكْرٍ
وَحَرْفًا مِنْ سَنَاكَ بِالاجْتِهَادِ
أَمِيرَ النُّبْلِ لا تَأْسَفْ عَلَيهِمْ
وَقَدْ قُدَّتْ قُلُوبٌ مِنْ جَمَادِ
لِئنْ كَفَرَ الحَسُودُ صَحِيحَ وُدٍّ
فَإِنَّ الكُفْرَ مِنْ رُتَبِ العِنَادِ
وَدَعْ مَا كَانَ مِنْ خَوضٍ وَكَيدٍ
وَذِعْ مَا صَارَ مِنْ خَافٍ وَبَادِ
فَإِنَّكَ مِثْلُ صَالِحَ فِي ثَمُودٍ
وَإِنِّي مِثْلُ هُودٍ عِنْدَ عَادِ