بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله أحمد الله و أستعينه
و أستغفره و ما توفيقى إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .
عندما ألحت على الكلمات لأكتب عن بر الوالدين سبقتنى إلى هذه السطور
مشاعر جياشة متزاحمة و كثيفة و تطور الأمور إلى دموع متساقطة من عين طالما
كانت تتمنى أن يكون والديها أمامها الآن لتطبع قبلة حب و مودة على كفيهما .
و بالطبع جميعنا يعرف و يحفظ عن ظهر قلب فضل الوالدين
و فضل طاعتهما ورعايتهما فى الدنيا قبل الآخرة .
و سوف أحاول أن يكون الحديث خارجاً عن حدود الروتين و التكرار .
إن إنتشار ظاهرة العقوق فى عصرنا هذا للأسف الشديد تعتبر جريمة
و يجب أن يتم تناولها فى وسائل الإعلام و التحدث عن مخاطرها
على إعتبار أنها قضية مهمة و جوهرية
و لكن ما يحدث للأسف الشديد من وسائل الإعلام من نشر بعض الأعمال المضللة
و التى تعلم النشء الجرأة و التجرأ على الوالدين
و تبث النقاشات الحادة و الجدال و لغة الندية بين الأبناء و الوالدين .
و كان من الأولى ان تكون هناك برامج جادة و هادفة
توضح نماذج واقعية من الحياة لعواقب العقوق.
ومن ذاكرتى قصة عجيبة واقعية سمعتها منذ فترة من أحد مشايخنا الكرام
وقد كانت هذه القصة لشخص ضجر بأبيه العجوز و قرر فى لحظة زينها له الشيطان
التخلص من والده عن طريق دهسه بسيارته
و جاءت لحظة التنفيذ و بالفعل قام الولد بدهس والده بالسيارة
و لكن لسوء الحظ لمحه بعض المارة و أمسكوا به
و بعد المحاكمة دخل إلى السجن و فى هذه الأثناء شب ابنه الأصغر حتى
أصبح شاباً يافعاً يسعد به أى اب
و فى يوم خروج الأب من السجن بعد فترة العقوبة
كانت الزوجة و الإبن فى إنتظاره .
و بينما كان الإبن فى السيارة يتبادل أطراف الحديث مع والدته فإذا بوالدته تخبره بفرحة
بأن أباه قد خرج من باب السجن و فى لحظة كان الولد يندفع بالسيارة من شدة
الفرح و بسرعة البرق و لكنه لم يستطيع التحكم فى السيارة فدهس والده
و ترجل مسرعاً من السيارة ليسمع آخر ما استطاع أن يتلفظ به والده من كلمات
" فعلت بى دون قصد ما فعلته بأبى عن قصد "
نعم أخى الكريم و أختى الكريمة افعل ما شئت فكما تدين تدان
و صدقونى و الله يشهد على ذلك
إننى لا أتعجب عندما تقول لى ابنتى ما كنت اقوله لأمى و ما كنت أفعله هى أيضاً تفعله
معى قولاً و فعلاً و سبحان الله فالإنسان يحصد ما زرع
و الله هو العدل و الحق و جعل معية طاعته طاعة الوالدين .
بل و كرمهما بالأمر المباشر لك بلين الحديث و خفض الجناح و الرحمة
و حتى أقل كلمات الضجر " أف " غير مسموح لك بقولها لهما أو أى منهما .
و صدقاً لن تجد أخى و أنتِ يا أختِ أحن و لا أدفئ من حضن الوالدين الدافئ
فى كل وقت الحنون فى كل ظرف الذى لا يحمل ضغينة لك .
قلب الوالدين واحة غناء بالعطاء مهما قست صحراء مشاعرك .
إياك أن تعق والديك فهما ثروة و نعمة و رحمة من رب الهدى و ظل وارف
لا تفقده و لا تضيعه و إلا ضيعك الله
أقوال فى بر الوالدين
من القرآن الكريم :
" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً
قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "
[الأحقاف :15]
من السنة المطهرة :
" رضا الرب في رضا الوالدين، و سخطه في سخطهما "
الراوي : عبدالله بن عمرو بن العاص
المحدث : السيوطي -
المصدر : الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم : 4457
خلاصة حكم المحدث : صحيح
السلف الصالح :
* كان أبو هريرة رضى الله تعالى عنه
إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال :
السلام عليك يا أمتاه و رحمة الله و بركاته ،
فتقول : وعليك يا بني و رحمة الله وبركاته ،
فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً ،
فتقول: و رحمك الله كما سررتني كبيراً ، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك .
* كان أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم
كان من سادات التابعين ، و كان كثير البر بأمه حتى قيل له : إنك من أبر الناس بأمك ،
ولسنا نراك تأكل معها في صحفة ،
فقال : أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها ، فأكون قد عققتها
* ذكر العلماء
أن رجلاً حمل أباه الطاعن في السن، و ذهب به إلى خربة فقال الأب :
إلى أين تذهب بي يا ولدي ،
فقال : لأذبحك
فقال : لا تفعل يا ولدي ،
فأقسم الولد ليذبحن أباه ،
فقال الأب :
فإن كنت و لا بد فاعلاً فاذبحني هنا عند هذه الحجرة فإني قد ذبحت أبي هنا ،
وكما تدين تدان.