اِعْتِرافْ
آن الأوان إني اعترف
آن الأوان أصرخ وأقول
زمان كتير كنت ب أخاف
أكتب قصايدي بحبر سري
و ابعت جواب من غير رسول
علشان كده عمر حروفي ما وصلتك
و للا الرسالة بَعَتِها بعلم الوصول
بس إللي جوايا اختلف
فات الزمان إللي كنت أخاف أقول
في حاجات كتير كنت شايلها
هَشرح يا بلدي , وشرحها جايز يطول
.............................................
آن الآوان إني اعترف لك
أولاً ... حقك علينا يا بلد
إزاي سكتنا كل ده
لحد ما يجي إللي إتولد
بعدنا بعشرين سنة .....
تلاتين سنة .....
و يصحي ناس ... قالوا دا ماتت للأبد
............................................
كان همنا بس في حياتنا ونفسنا
ونربي كام بنت و ولد
كنا فاكرين إن إحنا ناس
بس الحقيقة
يا دوب كده .... كِمالة عدد
علشان كده . كانوا يشوفونا صغيرين
كَنْسِة زبالة في الشوارع
أو بالكتير .... فار ينسلخ أو ينجلد
.................................................. ......
كان هَمُهُمْ يغَيبونا بماتش كورة
وفيلم ومسلسل . و هُسْ هُسْ . تعيش و تاكل
والفكر مش مسموح لنا ... الفكر دا بداية المشاكل
إللي هيفكر يا ويله يتسجن . بالأمر يلعب عالشناكل
ورضينا وسكتنا ونمنا .. و بَلعنا لسانا .. و قلنا
هُسْ هُسْ .... اسكت أحسن .... أبقي عاقل
.................................................. ......
معرفش كان العيب في مين
فيكى إنتى ؟ . فينا إحنا ؟
في إللي كانوا بيحكمونا ؟
وللا في ظلم السنين ؟
فِضِلنا ناخد فوق قفانا بالقلم
لحد ما انكسر القلم وبات حزين
زعلان عشان صوتنا إللي عمره ما يوم طلع
رغم الوجَعْ
أي كلمة بيقولوها .... نقول آمين
يا بلد ..... سجلي عني اعترافي
إني كنت أجبن من الجبن
كنت أخاف .. أمشي جنب الحيط
ضل حيطه مُستكين
...........................................
سجلي عنى كمان ...
تلاتين سنة عدوا من عمري الجبان
معرفش غير كلمة
حاضر ... نعم .... تعظيم سلام !!!
حتى صوتي يتخرس لو قلت لأ !!!
كأني بالع مِيتْ لسان
كنت أسَقَف و أعمل غَزِيَه في أي حفلة عندهم
و أتبرا من كلمة إيمان
وكنت أشوف الظلم بِعْنَيه أسكت
ولما أشوف واحد جريء و بيجلدوه
أقول .. يستاهل .. أدبوه .. إدوه كمان
ولما أشوف واحد بيسرق منهم
أقول عليه أشرف شريف ... مَليان حنان
بيحب بلده .. عشان كده ما شبعش منها
بيقول لها ... عاوز كمان
.................................................. ............
بس الحقيقة شفت نفسي عالحقيقة عارفة إمتى ؟
أما بصيت في المرايا يوم 25 يناير . وقت الأدان
و أنا قاعد وسط بيتي الخوف قاتلني
والشباب الحر واقف في الميدان
لما شفت بِعْنَية العساكر ... تِرُشْ بالمية ولادنا
والقنابل المسيلة للدموع نازله تِرُخْ ...
تقول مطر ... تقول طوفان
والولاد من غير سلاح فاتحة الصدور
بتقول يا بلدي .... إحنا فداك
وكلاب حبيب حالفه تاخُدْهُم ع الليمان
وف لحظة سودة شُفت بعنية إللي ما تمنيت أشوفُه
وأتمنى لو كنت إتعميت وقتها وسط الدخان
من فوق سطوح واقفه كتيبة ينشنوا بالرصاص
في صِدْر الشباب ... كل إللي في إيديهم عَلَمْ
حاسين معاه بالدفا وبالأمان
ركزت في الصورة
لقيت إللي ماتوا وملفوفين بالعَلَم ... عِرفتهم
في اللحظة دي ... صرخت من جوايا
قلت كفاية .... لأ .... لأ ..... الحزن بان
دا ابن جاري أعرفه . ودا ابن صاحبي الوحيد
والبنت دى عرفتها . عايشه يتيمة من زمان
إيه ذنبهم ؟ .. كان حلمهم .. يحسوا بالحرية
ويرحموكي م إللي باعك ... وإللي فاسد وإللي خان
ولقيت عنية من الدموع .. بحر دم انفجر ذل وهوان
ولقيت لساني نَطَقْ وقال ... حرام .. حرام !!!
ارحموهم .... لو ولادكم تِقتلوهم !!!!
وللا الجثث تِمْلا المكان ؟؟؟؟!!!!
.................................................. .............
ساعتها حسيت إني صُغَير أوي !!!!
وأصغر كتير من كل شاب . شال حياته فوق كَتافه
كل هَمْه كان بلاده .. لا هَمْهُ . مُوتُه .. وللا خُوفُه
ولا هَمُه عمره يتقصف في زهرة شبابه
ويتقلع من جدوره ومن حروفه
واسمه جايز يتنسي بعد السنين
ننسى شكله ... و ننسى طيفه
.................................................. ........
بس أما فكرت وسألت نفسي
مين إللي عايش بعد موته يتحكي و يتكتب ؟
مين إللي عند الله ميزانه من دهب ؟
مين إللي ضحى بحياته
و إدا عُمْرُه هدية لبلده تتوهب ؟
ساعتها بس عِرفت وقلت
... أكيد من غير كلام
دم الشهيد إللي كَسب
علشان كده دلوقتي جايلك
نفسي تخديني في حضنك
من غير زعل ... من غير غضب
باعترف لك .. جاي أقول العيب في مين ؟
جاي أقول مين السبب !!!
سامحيني أرجوكي يا أمي
العيب كان فيا أنا .....
أكيد أنا.. أيوه أنا كنت السببْ
.......... أيوه أنا كنت السببْ
شعر د : هاني ابوالفتوح
الكويت السبت 19 مارس 2011