وبعد تلك المقدمة في ردّي الأول
أدخل في صلب الموضوع باحثا متأملا وطارقا أبواب المعرفة
وربما محاولا مسح الغبار عن بعض المعنى
ولأن الحديث عن الحروف كأجزاء تكوّن باتحادها كلًا
كان لا بدّ من الغوص في بحر الحروف لكشف معانيها كأجزاء
وكشف أسرار اتحادها عندما تصبح كلًا
وكنت قبل سنوات اقرأ في موضوع لعالم كبير يتحدث عن معاني الحروف
وكيف يمكن أن يؤثر موقعها في الكلمة على معناها إذا كانت في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها
( وحتى أكون موضوعيا فهناك من يعارض هؤلاء العلماء ولهم في ذلك أسبابهم ولكني وجدت
فيه ما يفيد فتبنيت الفكرة كغيري وطبعا هذا يعتبر من باب الاجتهاد لهؤلاء العلماء )
وقدْ وجدت في بعض الكتب هذه المعاني لهذه الحروف التي وردت في هذه النثرية الجميلة,
الصاد: حرف يستعمل في معنى الامتناع
الباء : حرف للظهور والخروج
الراء: للالتزام
ووجدت أن الحرف إذا جاء في الوسط بين حرفين فإنه ينحصر
فإذا كان مثلا الباء الذي يعني الظهور والخروج أصبح الحرف محصورا
أي ينحصر ظهوره وخروجه
والحرف إذا كان في آخر الكلمة فإنه يفيد الاستمرار والديمومة
لأنه آخر الحروف ومستقرها .
وإذا أخذنا هذه الأجزاء بمعناها التي وردت في الأعلى لعرفنا سبب اعتراض هذه الاجزاء
على الكلّ عندما أهملها ويحقّ لها أن تقف مدافعة عن نفسها لأنها الامتناع والظهور المحصور والالتزام الدائم
وهذا ما جعل الكلّ الذي هو الصبر يتراجع ويقرّ بأنه قويّ بقوة أجزائه فهو لا يكون صبرا إذا فقد الامتناع
ولا يكون صبرا إذا فقط الالتزام الدائم والثبات وحتى إن أراد الباء الخروج من هذه المنظومة منعه الحصر
فهو محصور بين الامتناع والالتزام فتعيده إلى رشده .
وهنا يحضرني قول الشاعر
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا .... واذا افترقن تكسّرت آحادا
هذا هو البنيان المرصوص الذي يقوم على صفّ حجارته الواحد بجانب الآخر ليكون جدارا قويا صلبا
هذا ما وصلت إليه من جمع حروفك ومن فهم معناها إذا تمّ تفكيك شيفرتها