.. من إعراب سورة الفيل من "إعراب القرآن وبيانه" للدكتور درويش
نص عبارة ابن خالويه وافية بالغرض: «و"تَرَ" وزنه من الفعل تفعل وقد حذف من آخره حرفان: الألف والهمزة فالألف سقطت للجزم وهي لام الفعل مبدلة من ياء والهمزة هي عين الفعل سقطت تخفيفا، والأصل تَرْأَيُ فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا لفظا وياء خطا، ونقلوا فتحة الهمزة إلى الراء وأسقطوها تخفيفا؛ لأن الماضي من "تَرَى" رَأَيْتُ مهموزا، والمصدر من ذلك رَأَيْتُ زيدا بعيني أراه رُؤْيَة فأنا راءٍ ووزان راءٍ فاعٍ والأصل رَائِيٌ فاستثقلوا الضمة على الياء المتطرفة فحذفوها فالتقى ساكنان الياء والتنوين فأسقطوا الياء لالتقاء الساكنين فصار راءٍ مثل راعٍ وقاضٍ فالهمزة في راءٍ بإزالة العين في راعٍ؛ فإن شئت أثبته خطا فجعلت بعد الألف ياء عوضا عن الهمزة، وإن شئت كتبته بألف ولم تثبت الهمزة؛ لأن الهمزة إذا جاءت بعد الألف تخفى وقفا فحذفوها خطا وكذلك جاءٍ وشاءٍ وساءٍ ومَرَاءٍ جمع مرآة كل ذلك أنت فيه مخيّر في الحذف والإثبات.
فإذا أمرت من رأيت قلتَ: "رَ" يا زيد، براء واحدة، فإذا وقفت قلت: رَهْ. وإنما صار الأمر على حرف واحد، والأصل ثلاثة؛ لأن الهمزة سقطت تخفيفا والألف سقطت للجزم، فبقي الأمر على حرف.
ومثله مما يعتلّ طرفاه فيبقى الأمر على حرف قول العرب: "عِ" كلامي، وَ"شِ" ثوبك، وَ"قِ" زيدا، و"لِ" الأمر، و"فِ" بالوعد، وأصله من وفى يفي ووعى يعي ووشى يشي وولي يلي، فذهبت الياء للجزم والواو لوقوعها بين ياء وكسرة، فبقي الأمر على حرف. قال الله تعالى: وقِنَا عذاب النار، والأصل اوْقِينا، ذهبت الياء للجزم، والواو لوقوعها بين كسرتين، فبقيت قاف واحدة، فتقول: قِ يا زيد وقِيَا وقُوا، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم. وكذلك تقول: رَ زيد ورَيَا للاثنين ورَوْا للجماعة، ورَيْ يا هند ورَيَا مثل المذكَّرَيْن ورَيْنَ يا نسوة. فإذا وقفت على كل ذلك قلت: عَهْ وقِهْ بالهاء لا غير».