صباحكم طاعة و رحمة
أستأذن من كل الأخوة في الإجابة و الإفادة عن كلمة ( اليتيم ) و جواز استعمال الشاعر إياها في قصيدته
أقول بسم الله مبتدئا :
ما ذكره أستاذي " الناشري " في معنى " اليتيم " لا خلاف فيه أبدا
و قد وردت بالمعنى ذاته في كل القواميس و المعاجم
و سأذكر بعض معانيها كما وردت :
ورد في لسان العرب :
- و اليُتْمُ و اليَتَمُ : فِقْدانُ الأَب
- و قال ابن السكيت : اليُتْمُ في الناس من قِبَل الأَب
- الليث : اليَتيمُ الذي مات أَبوه فهو يَتيمٌ حتى يبلغَ ، فإِذا بلغ زال عنه اسمُ اليُتْم
- و اليُتْمُ في الناس : فَقدُ الصبيّ أَباه قبل البلوغ
- قال المفضل : أَصل اليُتْم الغفْلةُ ، و سمي اليَتِيمُ يَتِيماً لأَنه يُتَغافَلُ عن بَرِّه
بالاستناد على ما ذُكر أعلاه , يتضح لكل قارئ مجانبة الصوابِ الشاعرَ في استخدام كلمة ( يتيم ) في رثائيته
إذ كيف يأتي بها و هو يتكلم عن فقده أمَّه ؟
لكن بالرجوع للقرآن الكريم , و تحديدا قول الله عز من قائل في سورة الضحى : [ ألم يجدك يتيماً فآوى ]
و الخطاب للرسول عليه الصلاة و السلام , و كلنا يعلم أنه عاش يتيما كفله جده عبدالمطلب و من بعده عمه أبو طالب
لكن .. لا يخفى على أحد أنه صلى الله عليه و سلم كان فاقدَ الأب و الأم , و كفالته في حجر جده و من بعده عمه كانت بعد وفاة أمه آمنة
و معنى ( اليتيم ) كما ذكر في لسان العرب أعلاه : ( من فقد أباه قبل البلوغ , و زاد الليث : فإذا بلغ زال عنه اليتم )
و لعل هذا المعنى له دلالة في الآية المذكورة و التي بعدها : [ ألم يجدك يتيماً فآوى * و وجدك ضالاً فهدى ]
فذكر حالَه من اليتم صبيا , و حاله قبل البعثة و الهداية بعد بلوغه صلى الله عليه و سلم و دخوله سن الشباب و الرجولة
إذن فكفالته صلى الله عليه و سلم في بيت جده ثم عمه كانت بعد فقده أبويه كليهما , و الآية : [ ألم يجدك يتيماً فآوى ] تذكر فضل الله عليه بأن جعل له مأوىً يأوي إليه من بعد فقدانه أبويه , فقال له مخاطبا : [ ألم يجدك يتيماً ]
فربما جاز عند العرب تسمية من فقد أبويه معا بالـ ( يتيم ) , من باب أنه فاقدُ الأب أصلا لا معيلَ له
و لم أجد لهذا المعنى دليلا مما أعرفه من شعر المتقدمين إلا قول مجنون ليلى :
|
إِلى اللَهِ أَشكو حُبَّ لَيلى كَما شَكا |
إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ |
|
|
و هو من شعراء العصور الأولى ممن يُستشهَد بشعرهم
ما أريد أن أصل إليه , هو جواز تسمية من فقد الأبوين معا : يتيماً ... و الله أعلم
بالعودة للبيت المنشود :
عندما قيل "يا يتيم" انتهينا
ذهبَت من لأجلها لا تضام
فقد يصح استعماله لمفردة ( يتيم ) من باب أنه فاقد الأبوين معاً ( هذا إن كان أبوه مُتوفّىً )
أما إن كان أبوه حيا يرزق , فالصواب مجانب له و لا يصح المعنى حينئذ
و جانبه الصواب أيضا من ناحية أخرى ( هذا إذا افترضنا أنه فاقد الأبوين معا )
و هي أن اليتيم من فقد أباه صبيا , و يزول عنه حال اليتم بعد بلوغه , و الشاعر بالغ منذ عقود
تبقى قضية
و هي ربما يجوز تأويل المعنى
على اعتبار أن من معاني اليتم : [ أَصل اليُتْم الغفْلةُ ، و سمي اليَتِيمُ يَتِيماً لأَنه يُتَغافَلُ عن بَرِّه ] , كما ذكرتُه من لسان الأعرب سابقا
فيكون المعنى أنه أصبح يتيما بانقطاع البر به و التحنان عليه من أمه , فالأم نبع حنان لا ينضب
و الله أعلم
اعذرونا على الإطالة
لكم التحية