هَرَبْتُ بِجِلْدِيَ الذَّاوِي ……
إلَى الْوَادِي الظَّلِيلِ الْفَيْءْ [1]
وَكُنْتُ قَطَعْتُ آلافاً مِنَ الأَمْيَالِ ...
عَبْرَ مَفَاوُزِ الرَّفْضِ [2].
قَطَعْتُ مَضَائِقَ الدُّنْيَا
لأَزْرَعَ فِي فَيَافِي الضَّفَّةِ الأُخْرَى
مِنَ الأَرْضِ [3]
مَوَاوِيلاً وَأُغْنِيَّاتِ لَحْنِ الدِّفْءْ [4].
فَكَانَ أَنِ اسْتَطَالَ ذِرَاعِيَ الْمَبْتُورْ [5]
نَمَا ، كَالنَّبْلِ يُبْعَثُ مِنْ وَرَاءِ السُّورْ [6]
وَكَانَ أَنِ امْتَشَقْتُ مُهَنَّدِي فِي غَيْهَبِ الْغَسَقِ [7]
وَرُحْتُ اُسَائِلُ الْحُرَّاسَ فِي الطُّرُقِ [8]
عَنِ الْمَعْشُوقَةِ الْحَسْنَاءْ [9].
وَاُبْحِرُ فِي زَوَايَا عَالَمِ الْغُرَبَاءْ [10]
وَأَلْوِي الرِّيحَ بِالرُّمْحِ الَّذِي مَا انْفَكَّ يَلْوِينِي [11]
يُخَثِّرُ فِي جِرَاحِي الْمُثْخَنِ النَّفَحَاتِ
فِي أَكْمَامِ ثَغْرِي – الْبُرْءْ [12].
عَرَفْتُ مَحَاكِمَ التَّفْتِيشِ قَدْ بَتَرَتْ يَمِينِي
دُونَمَا أَنْوِي لأَفْعَلَ شَيْءْ [13].
هَرَبْتُ إِلَى فَيَافِي الضَّفَّةِ الأُخْرَى [14]
صَهِيلُ الْخَيْلِ طَارَدَنِي [15]
وَكُثْبَانُ الصَّحَارَى سَدَّتِ الدَّرْ بَا [16]
عَلَيَّ ، فَيَا نُخَيْلاَتِ الْبَرَارِي
كَيْفَ عَاشِقُكِ الْمُتَيَّمُ يَذْبَحُ الْقَلْبَا [17]
عَلَى شَفَرَاتِ دَرْبِ الشَّوْكْ
لاَ…لاَ تَسْتَثِيرِي ذِكْرَيَاتِ الْمَرْءْ [18]
لَسَوْفَ تُمِيتُهُ حَيّاً
وَتُحْيِيهِ ، لِكَيْ مَا يَسْتَعِدَّ لِمَوْتَهٍ اُحْرَى [19].
وَبِالأَحْرَى [20]
اُرِيدُ عُبُورَ هَذَا الْحَاضِرِ الْمُتأَزِّمِ الْمُسْوَدِّ
فِي عَيْنِي [21]
لِكَيْ يَبْيَضَّ .. أَوْ أَبْرَا [22].
وَأَعْبُرُ فَوْقَ جِسْرِ عُصُورِ أَنْدَلُسِ الأَعَارِيبِ [23]
فَأَرْفُلُ فِي إِهَابِ الْبَهْجَةِ الْفَضْفَاضِ
مَأْخُوذَ التَّلاَبِيبِ [24].
تُعَانِقُنِي شِفَاهُ فُسَيْفِسَاءِ زَخَارُفِ " الْحَمْرَاءْ " [25]
وَفِي بَهْوِ الْبِلاَطِ …
وَحَوْلَ صَحْنِ الْقَصْرِ
أَوْ أَتَلَمَّسُ الإِبْرِيزَ وَالْمِينَاءْ [26]
بِوَاجِهَةِ الْمَحَارِيبِ [27].
هُنَا بِمَدِينَةِ " الزَّهْرَاءْ " [28].
وَأَجْدِفُ فِي قَوَارِبِ عُمْرِيَ الْمَغْرُوزِ بِالتُّرْبَةْ [29]
وَأَطْوِي سِفْرَ عُمْرِيَ .. حِقْبَةً .. حِقْبَةْ [30].
أَمُرُّ بِسُورِ قُرْطُبَةٍ … تُحَيِّينِي [31]
جُمُوعُ النَّاسِ تَرْحِيبَا [32].
اُوَدِّعُهُمْ … فَتَبْكِينِي [33]
قُلُوبُهُمُ..
أَمَازِيغاً…أَعَارِيبَا [34]
وَيَبْكُونِي...[35]
مَآذِنَ…آهِ ، وَا أَسَفَاهْ [36]
وَيَبْكُونِي...[37]
مَنَابِرَ…آهِ ، وَأَسَفَاهْ [38]
وَيَبْكُونِي...[39]
مَحَارِيبَا [40].
إِذَنْ ؛ فَعَلاَمَ أَطْرَبَنِي ضُحىً [ زِرْيَابُ ]
ثُمَّ ـ إذَا تَوَارَتْ شَمْسُ أَيَّامِي
وَرَاءَ الْقَلْعَةِ الشَّمَّاءِ …
يَبْكِينِي؟ [41].
أَلاَ .. مَا أَضْيَعَ الْعُمْرَا *؟ [42]
وَما أَقْسَاهُ يُضْنِينِي [43]
مُرُوراً بِالْخَنَاجِرِ وَالسَّكَاكِينِ [44]
أَلاَ آهٍ … أَلاَ آهْ [45].
( للقصيدة تتمة)
© الشاعر الاسلامي الدكتور حكمت صالح