من مقال الأستاذ موريس أبو ناضر :
في نص من نصوص « المقدمة » كتب ابن خلدون فصلاً سماه « في لغات أهل الامصار » يربط فيه اللغة بروابط القوة . .
فاللغة المهيمنة التي تحتكر القول ، وتفرض شرعيتها هي لغة المجتمع المهيمن بدينه ..
وبذلك كما يتحصل من قول ابن خلدون اللغة المهيمنة هي لغة الدولة المهيمنة ، تقوى بقوتها وتضعف بضعفها ،
فحينما كانت روابط القوة لفائدة الدولة الاسلامية ، وصار استعمال اللسان العربي من شعائر الاسلام وطاعة العرب ،
أسندت شرعية احتكار السلطة لفائدة اللغة العربية ، ونهي عن غيرها من اللغات الأعجمية ..
أما حينما أخضعت الدول الإسلامية وفقدت سلطانها فسدت اللغة العربية على الاطلاق ..
=======
حين قرأت هذه الفقرة قفزت إلى ذهني أقوال بعض علماء اللغة بخصوص هيمنة اللغة العربية
مستقبلا ، و قد أشار أحدهم إلى أن بعض الدول تعمل على نسخ كل موروثها المكتوب ،
و ترجمته إلى العربية للحفاظ عليه ، إيمانا منها بصدق المقولة .
يبدو هذا غريبا بعض الشيء و ربما غير معقول، لكن قد يدعمه النظر في تاريخ اللغات الأخرى ،
و ملاحظة التحريف و التقهقر الذي تتعرض له حقبة بعد حقبة .
إن ما جاء في مقدمة ابن خلدون يبدو كأنه قاعدة رياضية و مسلّمة فكرية ، فاللغة المهيمنة هي لغة الأقوى ،
هي لغة المهيمن بدينه ، وكلمة " بدينه " تحتمل تأويلات عدة .
و قد ختم الفقرة بتقرير واقع مرير هو :
أما حينما أخضعت الدول الإسلامية وفقدت سلطانها فسدت اللغة العربية على الاطلاق
إنطلاقا من هذا يمكننا القول :
إن الأمن اللغوي مسألة حيوية غير أنها ليست نهاية المطاف، فتحقيق الأمن اللغوي مطلوب فقط للحفاظ على الإرث، و ضمان بقاء
اللغة ككائن اجتماعي ، ينتظر ازدهار المجتمع ( الهيمنة الدينية ) ليزدهر بدوره .
تحية للجميع .