|
المستعربون |
تعلّلَ بالأخبارِ قلبٌ معذَّبُ |
أدافعُ يأساً إن تسرَبَ ليلةً |
ويفجؤني يأسٌ له الصبحَ مسرَبُ |
أمنْ خبرٍ تسلو به النفسُ ساعةً |
لآخرَ تبكي منه يوماً وتندبُ |
تُحيطُ بيَ الأمواجُ فوق (جزيرةٍ) |
مدافعَ باٍلأرزاءِ نحوي تُصوّبُ |
فيا لك من قلبٍ يٌمزّقُ لوعةً |
ويا لك من شعبٍ يُضامُ ويُنكبُ |
تعوّدَ جرحاً في فلسطينَ راعفاً |
وها هي أقطاري رواعف تشخبُ |
وكنا بأرضٍ من حشانا سليبة |
وتلك الأراضي كلُّها ثَم تُسلبُ |
كأن الطُّغى مستوطنٌ في ديارِنا |
فليس سوى أرضي يعيثُ وينهبُ |
وكلَّ جراحِ الكونِ ضخّتْ دماءها |
هنا نهَراً ينثالُ نزفاً ويخضبُ |
وكلَّ دموعِ الأمهاتِ تقاطرتْ |
على أفقِنا غيماً يسحُّ ويسكبُ |
وهذا الردى مَن يطفئُ اليومَ نهمَه |
ويطردُ أشباحاً له تتعقّبُ |
أحاطت بنا كلَّ الجهاتِ مطامعٌ |
وناءَ بقيدِ العسفِ شرقٌ ومغربُ |
ذئابٌ على لحمي الرخيصِ تكالبتْ |
وقد صرعتْني من بني العُرْبِ أذؤبُ |
بأيدي حُماتي حُزَّ نحري ومنهمُ |
مخالبُ في جسمي الممددِ تنشبُ |
وخلفهمُ أرضي السليبةُ جنةٌ |
فلا نصَبٌ فيها ولا الجندُ يصخبُ |
همُ روّعوا طفلي وثمةَ آمنٌ |
وراء حدودي يستخفُّ ويلعبُ |
فمَن يستردُّ الشمسَ من قعرِ مظلمٍ |
فقد طالَ بي ليلٌ ثقيلٌ وغيهبُ |
ومَن لحليبِ الطفلِ إذ عَزَّ مصدراً |
وما غيرُ أثداءِ المنيةِ تحلبُ |
ومن يرتقُ الخِدرَ المهتَّكَ سترُه |
وقد ولغتْ في زمزمِ الطهرِ أكلُبُ |
تطاول عهدٌ بالمظالمِ مترعٌ |
وقد حُقَّ للمظلومِ دَينٌ ومكسبُ |
ونغبطُ إخواناً هجيرَ احتلالِهم |
لرمضاءِ قُربى تحتَنا تتلهّبُ |
فليت غريباً حازَ من قبلُ قريةً |
يُثَني على كلِّ البلادِ ويغصبُ |
وأغيظٌ ما في الأمرِ أن عدوَّنا |
أرقُّ من المستعربينَ وأطيبُ |
يجوسُ خلالَ الدورِ جندٌ فرنجةٌ |
ويفجعني أن الفرنجةَ يعربُ |
هنا فارسٌ يصطادُ في السُّوحِ أعزلاً |
وعندَ نفيرِ الحربِ في الجحرِ أرنبُ |
تناوشُ أشلائي مناسرُ غابةٍ |
وفي سِكةٍ شلوي يطاف ويسحبُ |
ورأسيَ قد حزّته سكينُ مجرمٍ |
وكلّ إهابي بالرصاصِ مثقّبُ |
فسلْ قاتلاً عن ذنبِ مَن صاح هاتفاً |
كرامَتنا فاغتاله أهْوَ مذنبُ |
صبرنا على قهرِ العزيز وعسفِه |
فقال هنيئاً إن شعبي مؤدَّبُ |
وفاض كظيمُ الصدرِ إذ ضاقَ ذَرعُه |
فما صدّق المأفونُ أنك تشغبُ |
يهددنا بالموتِ والذلُّ أرعبُ |
ويُرْغبنا بالعيشِ والعزُّ أرغبُ |
ويُوعدنا حريةً طالَ شَيمُها |
ووعدُ كَنودِ الخيرِ لا ريبَ خُلَّبُ |
ويغلبنا في جولةٍ ثَم غيرُها |
ولا جَرْمَ يا فرعونُ فاللهُ أغلبُ |
وآخرُ قولي مثلما قلث أولاً |
تعلل بالأخبارِ قلبٌ معذّبُ. |