بـراءة!!





يا سيِّدي القاضي
ألوفٌ
عند هذا البابِ
ترتقبُ المصيرْ.
فاحكمْ بما يُمليه قلبُكَ
لا بما يُرضي الأميرْ.
واقبلْ شهادةَ من أَتَوْكَ
مُحمَّلينَ مُنىً
وآلامًا يئِّنُ لها الضميرْ.
إنَّا تَجرَّعْنا السكوتَ
مع المياهِ الآسنةْ.
يبستْ بأفواهِ الجميعِ
مع الخضوعِ الألسنةْ..
فلقدْ سئمنا الصمتَ
عامًا بعد عامْ.
ولكم ظمئنا للكلامْ.
والآن جئنا
والخُطى فينا
يراودها الترددُ
تارةً للخلفِ
والأخرى
تُوَّجَه للأمامْ.
***
يا سيدي
هل ذنبنا
أنا حَلُمْنَا بانقشاعِ الغيمِ
عن حُلْمٍ
يواريه المنامْ؟
هل ذنبنا
أنا تَقَاسَمْنا الرغيفَ
وما قَبِلْنا المسألةْ؟
أنَّا توسَدْنا الحَصيرَ
بدمعةٍ متفائَلَةْ؟
أنَّا استطعنا السيرَ
حينًا
في الدروبِ المقفلةْ؟
هل ذنبا
أنا سرقنا بسمةً
من وجهِ تمثالٍ
تَبَسَّمَ في الهواءْ؟!
هي بسمةٌ حُفِرَتْ
على شفةِ البكاءْ.
تُلقي علينا بالرضا
دومًا
إذا حَلَّ المساءْ.
هل ذنبنا
أنَّا نرددُ قولَهم:
"وغدًا سننعمُ بالرخاءْ"؟
عفوًا،
فما معنى الرخاءْ؟!
إنَّا احتَرفنا كلَّ ألوانِ الشقاءْ..
لكنْ جَريمتُنا الوحيدةُ
حَلْمُنَا الممزوجُ بالصبرِ السعيدْ.
ما ذنبنا لو تنبتْ الآمالُ فينا
من جديدْ؟!!
***
إنَّا حلمنا بالندى
يَسري على فيء الحقولْ.
وبأننا نجني ثمارَ الأرضِ
زهوًا
في استراحاتِ الهطولْ.
وبأنَّ هذا النَّهْرَ أصبحَ خاليًا
إلا من الماءِ المَعِينْ.
وبأنَّ أنسامَ الهواءِ
إذا تهبُّ نقيةً
تمحو تَجَاعيدَ الشقاءِ،
بوجهِ حاضرنا المهينْ.
وبأنهم
وجدوا قطارًا
للحيارى الواقفينْ.
يمضي بهم،
حتى النهاية،
سالمينْ.
وبأنهم رَصَفوا الطريقْ.
وغدا على الساعينَ رحبًا لا يضيقْ.
وبأننا،
وبرغمِ طولِ الصفِّ
نحظى في النهايةِ
بالرغيفْ.
وبأن ذاكَ الماء في صنبورنا
يومًا، نظيفْ.
وبأننا صرنا ننامُ بملءِ أعيننا
فترتاحُ المُقَلْ.
نصحو بلا همٍ،
فيبتهجُ الأملْ.
***
يا سيدي
إنَّا قَصَدْنَا المَحْكَمَةْ.
أعلنْ براءةَ حُلْمِنَا،
واحكمْ بإعدامِ الأسى
كي لا يَزيدَ جَرائِمَه..
واحكمْ بجلدِ الحَاقدينَ
على نسائمِ فَرْحِنَا،
واحكمْ بنفي الحُزْنِ
أو أهرقْ دَمَه.