|
دِيَمًا سَقَيتُ وَمَا سَقَينَ جنَانِي |
وَرُبَى غَرَسْتُ وَشَوْكُهُنَّ جَنَانِي |
وَبَرَاعِمٌ ثَابَرْتُ أَرْفَعُ ذِكْرَهَا |
فَأَثَبْنَنِي بِالغَدْرِ وَالنُّكْرَانِ |
مَا انْفَكَّ مَا أَسْدَيتُ يُضْرِمُ قَلْبَهَا |
حِقْدًا وَيُبْرِمُ عُقْدَةَ العُدْوَانِ |
وَأَنَا عَلَى سَرْجِ التَّرَفُّعِ لِلعُلا |
أَرْنُو وَيَعْدُو بِالشُّمُوخِ حِصَانِي |
وَأَجُولُ بِالطَّرَفِ الأَغَرِّ وَكَيْدُهُمْ |
يَسْعَى فَيَلْقُفُ إِفْكَهُمْ غُفْرَانِي |
وَيَلُومُ بَعْضُ الوَامِقِينَ سَمَاحَتِي |
وَيَرَونَ أَنَّ الصَّفْحَ بَعْضُ هَوَانِ |
الحِلْمُ أَهْيَبُ لِلرِّجَالِ مِنَ الخَنَا |
وَالمَاءُ أَقْوَى مِنْ لَظَى النِّيرَانِ |
وَالسَّيفُ لا يَدْمَى بِلَطْمَةِ حَاقِدٍ |
وَالشَّمْسُ لا تَعْمَى بِوَصْمَةِ شَانِي |
وَأَنَا الذِي لَو شِئْتُ أَقْدِرُ إِنَّمَا |
أَلْزَمْتُ نَفْسِي شِرْعَةَ الرَّحْمَنِ |
وَاللهِ مَا يَومًا رَمَيتُ مُناوِئًا |
لَكِنَّ قَوْسِي لِلعُلا أَرْدَانِي |
إِذْ سِرْتُ دَرْبِي فِي الحَيَاةِ بِمَنطِـقٍ |
يَسْمُو عَن الأَضْغَانِ لِلإِنْسَانِ |
وَإِلى الحَقِيقَةِ قَدْ مَدَدْتُ يَدَ النُّهَى |
وَإِلَى السُّهَا أَرْخَيتُ كلَّ عَنَانِ |
أَسْعَى وَمِنْ زَمَنِ الطُّفُولَةِ لِلعُلا |
لَكِنَّ صَرْفَ الدَّهْرِ قَدْ أَعْيَانِي |
فِي غُرْبَةٍ خَطَفَتْ شَبَابِيَ عُنْوَةً |
وَأَنَا الذِي يَحْتَاجُ لِلأَوْطَانِ |
ومَسِيرَةٍ مَا انْفَكَّ يَغْرِسُ شَوْكَهَا |
حَسَدٌ وَيَقْلَعُ حِقْدَهَا إِحْسَانِي |
يَا لَيتَ يَا هَذَا الفُؤَادُ جَحَدْتَنِي |
وَجَعَلْتَنِي كَالنَّاسِ فِي المِيزَانِ |
مَا كَانَ أَرْهَقَنِي الزَّمَانُ بِحَاسِدٍ |
أَو جَفَّ مِنْ غَدْرِ الوَرَى بُسْتَانِي |
حَسْبِي مِنَ الحَدَثَانِ مَا ادَّخَرَا لَنَا |
فِي مُهْجَةِ الأَقْرَانِ وَالخِلانِ |
هَذَا يَصُبُّ مِنَ الوَفَاءِ إِخَاءَهُ |
صَفْوًا ، وَذَلِكَ يَحْتَفِي بِمَكَانِي |
فَكَأَنَّنِي وَالصَّحْبُ حَولِيَ أَنْجُمًا |
أَغْنَى المُلُوكَ وَأَعْظَمُ الفُرْسَانِ |
مِنْ كُلِّ ذِي شَأْوٍ عَظِيمٍ نَاضِحًا |
بِالوُدِّ عِطْرَ الوَرْدِ أَو ذِي شَانِ |
وَكَرِيمَةٍ تَرْتَادُ كلَّ مُهَذَّبٍ |
مِنْ حُسْنِ أَخْلاقٍ وحُسْنِ بَيَانِ |
هَبَّتْ كَمُنْصَلِتِ الصَوَارِمِ فِي الوَغَى |
لِتَجُزَّ هَامَ الزِّيفِ وَالبُهْتَانِ |
وَتُعِيدُ صَوْتَ الحَقِّ تَقْدَحُ زِنْدَهُ |
فِي حَوْزَةِ الأَذْهَانِ بِالبُرْهَانِ |
تُثْنِي عَلَى البَانِي وَتَمْدَحُ جُهْدَهُ |
وَتَصُونُ صِدْقَ العَهْدِ لِلبُنْيَانِ |
يَا ذَاتَ صَوْمَعَةٍ بِزُهْدِ تَقِيَّةٍ |
يَا رَبَّةَ الإِحْسَاسِ وَالإِحْسَانِ |
أَكْرَمْتِ مِلْءَ الحَمْدِ نُجْعَةَ شَاكِرٍ |
وَنَصَرْتِ جُهْدًا أُمَّةَ القُرْآنِ |
وَصَبَبْتِ حَرْفَ الشِّعْرِ كَأْسَ سُلافَةٍ |
مَا انْفَكَّ يُصْبِي مُهْجَةَ الكَرَوَانِ |
هَذِي فَضَائِلُكِ النَبِيلَةُ أَعْجَزَتْ |
لُغَةَ الثَّنَاءِ تَعضُّ طَرْفَ بَنَانِي |
فَإِلَيكِ مِنْ قَلْبِي السَّلامُ أَسُوقُهُ |
فِي كُلِّ حِينٍ شَاهِدًا وَأَوَانِ |
قَدْ قَالَ شِعْرِي مِنْ بَيَانِيَ مَا سَرَى |
لِكِنْ شُعُورِي لَمْ يَقُلْهُ لِسَانِي |