أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ندوة قراءات في شعر الدكتور سمير العمري

  1. #1
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي ندوة قراءات في شعر الدكتور سمير العمري



    ضمن أنشطة فرع الواحة لدولة الكويت
    في الاجتماع المنعقد يوم الجمعة بتاريخ 23/02/2007 , والذي كان بعنوان : قراءات في ابداعات الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري , والذي حضره كل من الاخوة الأدباء :
    الدكتور سلطان الحريري
    الدكتور مصطفى عراقي
    الدكتور مصطفى عطية
    الاستاذ محمد الحريري
    الاستاذ حسام القاضي
    الاستاذ مأمون المغازي
    الاستاذ محمد سامي البوهي
    الدكتور محمد حسن السمان

    يمكن تلخيص القراءات المشتركة فيما يلي :

    عند التكلم عن اللغة ,لابد من الاشارة الواضحة الى رقي اللغة عند الشاعر الدكتور سمير العمري وموسوعيتها , فهو يمتلك مخزونا غزيرا من المفردات , وهذا ما جعل القوافي تأتي طيعة سهلة في قصائده , وأعطاه زخما وثراء في التعبير عن مكنوناته الشعرية .
    والالفاظ عند الشاعر العمري ذات جزالة وفخامة , وتحمل رتما موسيقيا عاليا , وهو ما أحب أن يطلق عليه أحد الأدباء الموسيقا النحاسية للمفردة , على الرغم من وجود بعض القصائد لديه ذات الالفاظ الموسيقية الهادئة , وربما استخدم ذلك في توظيف نوع المفردة والجرس والهدف ليخدم الغرض من القصيدة , وحيث أن الدكتور العمري يميل الى الفكر والتعبير عن مآسي الأمة ومشاكلها , ويتصدى للمواضيع الفكرية والاجتماعية , فقد غلبت جزالة المفردة والموسيقا ذات الرتم العالي على قصائده , لدرجة أن ذلك هو بصمة مميّزة لشعره , ولابد أن نذكر هنا بأن الدكتور العمري على الرغم من جزالة الكلمة لديه إلا أنه لم يسخدم الفاظا معقدة أو محشورة أو حوشية , بل يستخدم الكلمة القوية المعبّرة المقبولة فهما وجرسا .
    ولعل أهم ما يميّز شعر العمري هذا التوازن البنائي الناجح, والامتداد النفسي والفكري للمفردة والصورة الحركية الممتدة , التي احيانأ تصل الى مستوى الحالة الشاعرية , ثم الترابط الجميل بين الابعاد الحسية والاحساسية في التوافقات اللفظية التي يستخدمها , في كثير من قصائده .
    - وفي المعارضة الشعرية عند سمير العمري , بعد الاستماع الى احد النماذج من شعره , وهي قصيدة معارضة نونية ابن زيدون , التي تالق بها الشاعر , تالق ابن زيدون بنونيته , نلاحظ أن العمري لامس فيها حالة من الابداع والسمو , قلما يصل اليه شعر المعارضة , وفي بعض حالات معروفة , و المعارضة في الشعر العربي , فن جميل , تميّز به الشعر العربي , وتفوق فيه على بقية أنواع الشعر في اللغات الاخرى .
    - ودون أدنى شك , فإن قصائد العمري وأعماله , اتسمت بالالتزام الديني الوسطي , فهو لم يقع في تجاوزات تحيد به عن شرع أو عرف او خلق , وربما يمكن أن نعزو ذلك الى أن العمري , يعتبر الأدب والشعر وسيلة للتعبير عن فكره ونظريته المستقبلية , ففي فكر العمري : الفكر قبل الشعر .
    - وفي مسالة تعدد الأغراض والمواضيع التي تناولها الشاعر الدكتور العمري , يلاحظ مدى التنوع الواسع , وغزارة الشعر محافظا في اغلب الحالات على مستوى عال , متأججا في كل موضوع مطروح , وماهذا سوى مؤشر على غزارة الثقافة وعمق التجربة .
    - ولدى الاستماع الى قصائد منتقاة من شعر الدكتور سمير العمري , ألقاها الدكتور سلطان الحريري , في محاولة للتذوق الجمالي العام للقصائد , ودراسة التموسق والترابط بين البناء والمعنى ومدى تحقيق الغرض من القصيدة , ومحاولة القيام بمشابهات مع بعض الشعراء الاعلام , في مدى التمكن والمقدرة الشعرية والابداعية , والحس الجمالي , يلاحظ التفوق الذي يتمتع به الشاعر الدكتور سمير العمري , وخاصة في التوافق بين كل هذه المقومات الجمالية مجتمعة .
    و في تقييم لواقع رابطة الواحة الثقافية , في ظل أن الدكتور سمير العمري هو المؤسس لها , لابد من الإشادة بموقع الواحة الثقافية كمنبر أدبي وفكري متميّز, من حيث الحرية المتوازنة في تناول المواضيع , ومستوى الأدب والفكر والنقاشات , ومستوى التعامل الراقي بين الاعضاء والمتحاورين , كما أن ملتقى الواحة الثقافية , تميّز بالقيام بالقراءات الأدبية والدراسات النقدية , ذات البعد التذوقي , والحكم الايجابي المنصف , وقد انعكس ذلك بتحقيق الواحة لأحد أهدافها المعلنة في الرقي بمستوى الأدب

  2. #2
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    أستاذي الحبيب الأستاذ الدكتور محمد حسن السمان
    أشكرك جميل الشكر وجزيله على هذا العرض المعبر المصور ، ويشرفني أن تتقبلوا ما قدمته بين أيديكم من إطلالة أولى على عالم شاعرنا القدير الدكتور سمير العمري:
    إطلالة أولى على عالم الشاعر: سمير العمري
    الناظر المتأمل في عالم الشاعر القدير سمير العمري يلمح تميزه بسماتٍ عديدة أحب أن أشير هنا إلى ملمحين مهمين من ملامحها :
    أولاهما : اتساق البناء وتوازنه :
    والثانية : العزف البارع على أوتار اللغة مبناها ومعناها؛ لبلوغ آفاق شعرية تتجلى في هذا التلاقي الحميم تشكيلا تصويريا ، وتوظيفا عضويا.
    وقد تجلت هاتان السمتان وما يتفرع عنهما من سمات فنية وأسلوبية في العديد من قصائده
    ولكنني سأمثل لها هنا أولا: بقصيدته " قرتي وقراري"
    ويمثل هذا التلاقي بين الكلمتين هنا ظاهرة أسلوبية لدى شاعرنا حيث تطالعها في الكتب الفكرية: مثل:
    القيمة والشيمة
    والقصة كما في المفارقة الدرامية بين الكنه والنكهة في قصة"نكهة"
    وتنظير وتدبير
    ولست أقصد هنا إلى ما قد يتبادر إلى الذهن من الجناس اللفظي فإن هذا سهل ميسور وإنما أشير إلى ما يتولد من الجمع بينهما من مفارقة تدعو إلى التأمل الدلالي . فتكون العناية باللفظ هنا ليست من باب إظهار البراعة والاقتدار بل من باب اللجوء إلى التشكيل الفني اللفظي المؤدي إلى تحقيق جوهر الغرض الدلالي.
    ثم يضاف إلى ذلك المفارقة المعنوية ويكون ذلك بالجمع بين كلمتين مختلفتين في اللفظ ولكن الشاعر يقرنهما في قرَنٍ واحد لتحقيق التوازن المنشود في المعنى والمبنى.
    وسوف أتناول هاتين السمتين مجتمعتين كما أتتا في نسيج القصائد متضافرتين ، متشابكتين
    حيث يتجلى توازن البناء منذ البيت الأول :
    لا رَيْبَ أَنَّكِ مِنْ نَعِيمِ البَارِي وَبِأَنَّكِ المَقْسُومُ مِنْ أَقْدَارِي

    حيث يقرن "النعيم" إلى "المقسوم" ؛ ليجمع بين كلمتين ينتمي كل منهما إلى خقل دلالي مغاير ، لكنهما تتآزران معا في سياق تجربة إنسانية متميزة وذلك بالجمع بين فضيلة شكر النعمة ، وفضيلة الرضا بما قسمه الله له. في اتساقٍ واضح.
    على أنني لم أحبذ استهلال القصيدة بعبارة "لا ريب" التي أراها بعيدة عن روح الشعر التي تجلت في القصيدة كلها.
    ثم يقصد الشاعر إلى رسم الشخصية المحورية هنا بإشارة غاية في الذكاء بالتلميح ، الذي هو هنا أنسب وأليق للمقام
    وَبِأَنَّ عَيْنَيكِ ابْتِسَامَةُ خَاطِرِي وَحَدِيثَهُنَّ مَوَاسِمُ الأَزْهَارِ

    بالجمع بين الابتسامة والحديث لأن بهما كليهما تكتمل الصورة الإيجابية بخلاف ما لو اكتفى بأحدهما دون الآخر.، ومن الجميل أنه لم يضف الحديث إليها بل إلى روحها وعينيها مستخدما نون النسوة فكأنها صارت شخوصا حية في القصيدة
    فأما على مستوى التشكيل فنلمسه في هذه الأبيات التي تتضافر فيها عناصر الطبيعة مع سمات المحبوبة لرسم صورة شعرية مشهدية ، حيث يتم تبادل الدوار بينها فيما يسمى في البلاغة العربية بالتشبيه المقلوب تحقيق عنصر الإدهاش في ذهن المتلقي:
    البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ
    وَالدَّهْرُ لا عَينٌ تَغضُّ وَلا فَمٌ يَحْكِي وَلا أُذُنٌ لِغَيرِ السَّارِي
    وَقَفَ الوُجُودُ عَلَيكِ وَالْتَزَمَ الهَوَى يَرْنُو إِلَيكِ بِنَظْرَةِ اسْتِعْبَارِ
    يَرْنُو إِلَيكِ فَأَنْتِ كُلُّ مَسَالِكِي وَمَدَائِنِي وَمَرَافِئِي وَبِحَارِي

    فالبدر هو الذي يعرف فيها رقة فجره ، ولا تقف الصورة هنا بل تنمو تصاعديا فإذا بنا نتأمل هذا الفجر في الأطهار، بل إن الدهر بل الوجود كله يشارك في هذا المشهد المثير وقد أضحينا نطالعها وقد أضحت فيه كل المسالك والمدائن والمرافئ والبحار يضيفها الشاعر إلى ذاته .
    وتأمل معي كيف تحقق توازن البناء هنا في هذه الأبيات :
    بين النور، والنار: للجمع بين نور الطيف في العين ، ولوعة الشوق في الحشا
    وَأَقَامَ حَيثُ الطَّيْفُ نُورُ مُتَيَّمٍ يَسْرِي وَحَيثُ حَشَايَ شُعْلَةُ نَارِ

    بين الليل، والنهار: للمزج بين غفو الحلم وإفاقة اليقظة
    يَغْفُو عَلَى كَفَّيكِ لَيلِي هَانِئَاً وَيفِيقُ فِي شَوقٍ إِلَيكِ نَهَارِ

    يبين الرؤى، وشوارد الأفكار: للالتقاء الرؤى الجلية ، وشوارد الأفكار الهائمة
    وَتُقِيمُ عِنْدَ حُدُودِ عَالَمِكِ الرُّؤَى وَتَهِيمُ فِيكِ شَوَارِدُ الأَفْكَارِ

    بين حصن الأمان، ونبع الحنان: حيث يمثل الأول حاجة الجسد ، والثاني ضرورة الروح
    يَا أَنْتِ يَا حِضْنَ الأَمَانِ لِغُرْبَتِي وَلِمُهْجَتِي نَبْعُ الحَنَانِ الجَارِي

    بل إن الشاعر يوازن حتى بين سخطٍ مفترض ، ورضا متحقق:
    وَفَقَأْتِ عَينَ السُّخْطِ لا عَيْبَاً أَرَى وَفَتَحْتِ عَينَاً لِلرِّضَا فِي الدَّارِ

    وإن كنت أفضل اختيار فعل غير فقأت الذي أراه هنا يخدش سياق الجمال في القصيدة رغم وضوح مقصد الشاعر.
    ومن طرائف التوازن هذا المقابلة الحميمة بين الإطعام والسقي ، في استخدام موفق لمفردات الحياة الزوجية التي تتسق مع التجربة اتساقا جليا:
    أَطْعَمْتِ حَتَّى سَالَ شَهْدُ مَحَبَّتِي وَسَقَيتِ حَتَّى غَرَّدَتْ أَطْيَارِي

    ثم هذا التوازن الجميل بين عذوبة الهمس ، وجمال الحديث المؤنس:
    وَمَنَحْتِ عَذْبَ الهَمْسِ مِنْ كَأْسِ الهَوَى وَصَدَحْتِ لَحْنَ الأُنْسِ مِنْ قِيثَارِي

    ومن الجلي أن هذه المقابلات قد نجحت في تصوير ثراء التجربة، وحركتها الداخلية والخارجية، لأنها تجربة إنسانية حية تموج بالحركة والحيوية.
    ومن نماذج توازن البناء العالية التي تجمع بين جمال الشعر ودقة الفكر قوله في قصيدته النونية " لوعة البين" التي تجاوز فيها فكرة التأسي في المعارضة إلى آفاق أرقى حيث ينقل القصيدة من تجربة حب ذاتية إلى تجربة حين نكتشف في النهاية مع الشاعر اسم المحبوبة إذ يقول:
    :
    حَبِيْبَـةٌ أَسْكَنَـتْ قَلْبِـي وَتَسْكُنُنِـي
    وَفِـي الشِّغَـافِ أَنَادِيْهَـا فِلِسْطِيْنَـا

    وفي هذه القصيدة نلمح التوازن بين الأمل المكتوب ، والأمل المكذوب:
    فَصِرْتِ لِلأَلَمِ المَكْتُوْبِ مُدْمِنَةً
    وَصِرْتِ بِالأَمَلِ المَكْذُوْبِ تُغْرِيْنَا

    بما يحقق التوازن بين الإحساس الصادق بالألم ،
    وبالرغم من الأمل هنا مكذوب فإنه يمد المتلقي بقيمة تحققه رغم افتقاده أو ربما بسبب افتقاده هنا ، ولكنه يعود إليه بعد ذلك في صياغة شعرية فكرية :
    مَنْ عَاَش فِي أَمَلٍ عَاشَتْ مُشَعْشِعَـةً فِيْهِ الحَيَاةُ وَأَوْفَـى العَهْـدَ وَالدِّيْنَـا
    وَمَنْ تَمَطَّى عَلَى خَرْجِ القُنُوْطِ قَضَى وَأَصْبَحَ التِّبْرُ فِـي أَحْزَانِـهِ طِيْنَـا

    دلالة على أن الشاعر يتجاوز هنا فكرة الاكتفاء بالألم والجرح والبكاء إلى الأمل الحي الإيجابي
    وأما فيما يتعلق بملمح الجمع بين التشكيل والتوظيف ، فأحب أن اعرض له من خلال مشهد مثير هو مشهد الطوفان ، من قصيدة : "فلك نوح":
    حيث جاء الرمز هنا مصورا موفقا في قلب القصيدة حيث جاء مناسبا للبداية الشبيهة بالطوفان، وتمهيدا لرجاء الشاعر بالانتصارعلى الظلم وكأنه استحضار ضمني لقوله تعالى :
    "فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (سورة القمر: 10)
    فنهض الرمز (عبارةً وإشارةً أو تصريحا وتلميحا) بوظيفته في تشكيل القصيدة وبنائها بناءً جماليا ودلاليا ، ولم يجئ مجرد حلية جمالية !
    فجاء المشهد ثريا عن طريق تعدد طبقات الصوت : بين الشدة كما في
    "صَفِّقِي يا روحُ
    ثُوري
    وازأرِي كالليثِ فِي الغاباتِ "
    فهو هنا صوت رهيب صارخ كما تدل ظلال الفعل :"صفقي" ودلالة الفعل "ازأري" بما يوحي بالرهبة والجلال
    ثم ينحو منحى الجمال حيث نسمعه
    "كالأطيارِ
    تشدُو الحبَّ في دوحٍ صدوحْ"
    وكما تعددت طبقات الصوت في رسم المشهد حيا متدفقا، يأتي دور الحركة متراوحة كذلك بين التحليق الخارجي في الأفق مع الأفلاك والأطياف
    والتحليق في الذات مع مشاعر العز والإيمان
    كما أثرى المشهد هذه المفارقة بين ضجيج ليل الواقع وارتقاب إشراق شمس الأمل
    ولم يكتف شاعرنا بتصوير المشهد بل جعلنا نطالع من خلاله رموزا فرعية تتصارع بينها صراعا فنيا مثيرا
    أعاصير و ريح - طوفان آخر داخل قلب الشاعر - خيل جموح في مهجته .
    مما جلى المشهد أمامنا حيا مثيرا.
    هذا من حيث التصوير
    أما من حيث التعبير
    فقد وقفت بإعجاب ودهشة عند "القلب النحوي البلاغي" هنا:
    قدْ ملَّتِ النفسَ الْجروحْ
    حيث جعل الشاعر "الجروح" فاعلا ، و"النفس" مفعولا ، فصارت الجروح هي التي تمل النفس والأصل أن النفس هي التي تمل، ولكن الشاعر رسم لنا صورة نحوية إبداعية مبتكرة عن طريق تبادل الوظائف النحوية بمهارة للدلالة على المبالغة الشعورية.
    وهذا قريب من التشبيه المقلوب الذي أشرت إليه في قول الشاعر:
    البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ=وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ
    ومن النماذج المشرقة للتصوير عبر التوظيف قوله في قصيدة :"يا مصر"
    يَا مِصْرُ إِنِّـي أَنَـا يَعْقُـوبُ لَهْفَتُـهُ
    لِرِيحِ يُوسُفَ قَدْ أَذْكَـى الحُشَاشَـاتِ
    أَلْقِي القَمِيصَ فَفِي عَيْنَـيَّ مِـنْ وَلَـهٍ
    هَالاتُ نُورٍ وَفِـي القَلْـبِ ابْتِهَالاتِـي

    حيث يوظف قصة يوسف توظيفا دراميا ناميا لتصوير مدى الشوق .
    وبعد فهذه إطلالة أولى أرجو أن تتبعها إطلالات أكثر تعمقا . لشاعرنا ولشعراء وأدباء الواحة الأجلاء ، وشواعرها وأديباتها الفضليات.
    ودمتم بكل الخير والسعادة والتوفيق
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  3. #3
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي


    ملامح القراءة في "إطلالة أولى على عالم الشاعر: سمير العمري "
    للأديب الكبير والناقد الراقي الاستاذ الدكتور مصطفى عراقي
    بقلم د. محمد حسن السمان

    عندما أقرأ للأديب الكبير والناقد الراقي الاستاذ الدكتور مصطفى عراقي , أشعرني أهيم
    في عالم من السحر الحلال , لا ادري كيف يصل الى هذه اللمحات الخارقة , في تذوق اللفظ ,
    ويغوص متأملا في حركيته الموسيقية , وكأنه يعالج لحنا موسيقيا , يتعمق في شاراته
    وطبقات الصوت والتناغم فيه , يفعل ذلك بشكل مذهل , حتى جعلني بشكل فطري , اتبع معه
    النغمات والايحاءات والمدلولات , لأجد نفسي , في عالم ثرّ من المتعة وتذوق الابداع ,
    تفوق فيه على مدارس النقاد , حينما يخرج من اطار الشكل , في علوم البديع , ليحس
    البلاغة والبعد النفسي ويستشرف الصورة بابعادها اللفظية والموسيقية والنفسية والفكرية ,
    قلّما يجاريه في ذلك قارئ أو ناقد , وكأنه جواهري يقدّر قيمة النقاء والصفاء , والوزن
    والقيمة , ومستويات القطع وتناغم المستويات , والبريق المتولد عن حركة الضوء في
    التشكيل الهندسي , وأشعر برغبة بين الدهشة والاعجاب , لأسوق هنا بعضا مما حلّق به
    الأديب الكبير الناقد الراقي :
    وأما فيما يتعلق بملمح الجمع بين التشكيل والتوظيف ، فأحب أن اعرض له من خلال مشهد
    مثير هو مشهد الطوفان ، من قصيدة : "فلك نوح":
    حيث جاء الرمز هنا مصورا موفقا في قلب القصيدة حيث جاء مناسبا للبداية الشبيهة بالطوفان،
    وتمهيدا لرجاء الشاعر بالانتصارعلى الظلم وكأنه استحضار ضمني لقوله تعالى :
    "فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (سورة القمر: 10)
    فنهض الرمز (عبارةً وإشارةً أو تصريحا وتلميحا) بوظيفته في تشكيل القصيدة وبنائها بناءً
    جماليا ودلاليا ، ولم يجئ مجرد حلية جمالية !
    فجاء المشهد ثريا عن طريق تعدد طبقات الصوت : بين الشدة كما في
    "صَفِّقِي يا روحُ
    ثُوري
    وازأرِي كالليثِ فِي الغاباتِ "
    فهو هنا صوت رهيب صارخ كما تدل ظلال الفعل :"صفقي" ودلالة الفعل "ازأري" بما يوحي
    بالرهبة والجلال
    ثم ينحو منحى الجمال حيث نسمعه
    "كالأطيارِ
    تشدُو الحبَّ في دوحٍ صدوحْ"
    وكما تعددت طبقات الصوت في رسم المشهد حيا متدفقا، يأتي دور الحركة متراوحة كذلك بين
    التحليق الخارجي في الأفق مع الأفلاك والأطياف
    والتحليق في الذات مع مشاعر العز والإيمان
    كما أثرى المشهد هذه المفارقة بين ضجيج ليل الواقع وارتقاب إشراق شمس الأمل
    ولم يكتف شاعرنا بتصوير المشهد بل جعلنا نطالع من خلاله رموزا فرعية تتصارع بينها
    صراعا فنيا مثيرا
    أعاصير و ريح - طوفان آخر داخل قلب الشاعر - خيل جموح في مهجته .
    مما جلى المشهد أمامنا حيا مثيرا.
    هذا من حيث التصوير
    أما من حيث التعبير
    فقد وقفت بإعجاب ودهشة عند "القلب النحوي البلاغي" هنا:
    قدْ ملَّتِ النفسَ الْجروحْ
    حيث جعل الشاعر "الجروح" فاعلا ، و"النفس" مفعولا ، فصارت الجروح هي التي تمل
    النفس والأصل أن النفس هي التي تمل، ولكن الشاعر رسم لنا صورة نحوية إبداعية مبتكرة
    عن طريق تبادل الوظائف النحوية بمهارة للدلالة على المبالغة الشعورية.
    وهذا قريب من التشبيه المقلوب الذي أشرت إليه في قول الشاعر:
    البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ=وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ "
    ويشدنا الناقد ببراعة وتشويق , نحو تذوق مفهوم البناء التوازني , مستشهدا بنماذج ناجحة ,
    في شعر الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري , حيث تتضافر الصور مختلفة الانتماء
    الاحساسي والحسي , لتستكمل مشهدا ما , او التعبير عن حالة شعرية ما :

    "
    وَبِأَنَّ عَيْنَيكِ ابْتِسَامَةُ خَاطِرِي وَحَدِيثَهُنَّ مَوَاسِمُ الأَزْهَـارِ


    بالجمع بين الابتسامة والحديث لأن بهما كليهما تكتمل الصورة الإيجابية بخلاف ما لو اكتفى
    بأحدهما دون الآخر.، ومن الجميل أنه لم يضف الحديث إليها بل إلى روحها وعينيها مستخدما
    نون النسوة فكأنها صارت شخوصا حية في القصيدة
    فأما على مستوى التشكيل فنلمسه في هذه الأبيات التي تتضافر فيها عناصر الطبيعة مع سمات المحبوبة لرسم صورة شعرية مشهدية ، حيث يتم تبادل الدوار بينها فيما يسمى في البلاغة
    العربية بالتشبيه المقلوب تحقيق عنصر الإدهاش في ذهن المتلقي:

    البَدْرُ يَعْرِفُ فِيـكِ رِقَّـةَ فَجْـرِهِ وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَـارِ
    وَالدَّهْرُ لا عَينٌ تَغـضُّ وَلا فَـمٌ يَحْكِي وَلا أُذُنٌ لِغَيـرِ السَّـارِي
    وَقَفَ الوُجُودُ عَلَيكِ وَالْتَزَمَ الهَوَى يَرْنُـو إِلَيـكِ بِنَظْـرَةِ اسْتِعْبَـارِ
    يَرْنُو إِلَيكِ فَأَنْتِ كُـلُّ مَسَالِكِـي وَمَدَائِنِـي وَمَرَافِئِـي وَبِحَـارِي


    فالبدر هو الذي يعرف فيها رقة فجره ، ولا تقف الصورة هنا بل تنمو تصاعديا فإذا بنا نتأمل
    هذا الفجر في الأطهار، بل إن الدهر بل الوجود كله يشارك في هذا المشهد المثير وقد أضحينا
    نطالعها وقد أضحت فيه كل المسالك والمدائن والمرافئ والبحار يضيفها الشاعر إلى ذاته .

    نجد أنفسنا في هذه القراءة , أمام درس شيّق في الدراسة الفنية والتذوق الجمالي , يعلمنا
    ليس كيف نفتح اعيننا على مواطن الجمال في العمل , بل أن نعمل كل حواسنا , لتحسس
    الابعاد الفنية والأدبية والجمالية , بل ويقود المشهد نحو تكريس النقد الايجابي , حيثما تلوح
    ملامح ابداعية .

المواضيع المتشابهه

  1. قراءات شعرية ثم قراءات أدبية ونقدية في شعر الحداثة
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى فَرْعُ دَولَةِ الكوَيتِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-02-2017, 12:39 AM
  2. قراءة في قراءة الدكتور مصطفى عراقي في الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 10-03-2015, 01:23 AM
  3. ندوة قراءات في شعر الدكتور سمير العمري
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 27-12-2010, 09:52 PM
  4. قراءة مجملة عن قراءات في شعر وفكر الدكتور سمير العمري
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى فَرْعُ دَولَةِ الكوَيتِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-06-2010, 01:54 PM
  5. قراءات في ابداعات الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى فَرْعُ دَولَةِ الكوَيتِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 23-06-2010, 01:47 PM