|
حذاءُ الطنبوري |
أعيا حذائي حيلةَ الإسكافِ |
متفتِّقٌ والفتقُ يستشري وما |
من لاصقٍ يُجدي ولا من رافِ |
يسري البلاءُ بجلدِه متفشّياً |
كرغيبِ جرحٍ فاغرٍ رعّافِ |
كفمِ امرئٍ مترنمٍ بشخيرِه |
وعلى ثقيلِ وسادةٍ هو غافِ |
ما كان يرضى صاحبي قذفي له |
في الحاوياتِ ولستُ بالقذّافِ |
إن الوفاءَ سجيّةٌ في يعربٍ |
ومروءةٌ في شعبِنا المضيافِ |
لسنا بمن يرمي خَليقَ نعالِنا |
بل يستظلُّ بأمْنةٍ ولِحافِ |
أنجورُ حينَ الدهرُ جارَ بسِنِّهِ |
أم نحفظُ المعروفَ كالأسلافِ |
كلٌّ يرقّعُ نعلَه ويصونُه |
خيراً له من مستجدٍّ جافِ |
لا تبتئسْ يا شِدقَ أقدامي فلن |
أرضى بغيرِ مطبِّبٍ لك شافِ |
لو عَزَّ صمغٌ في الوجودِ صنعتُه |
بدمي فقد يشفيك بعدَ جفافِ |
أو عَزّ رَتْقٌ أو رقاعٌ ساترٌ |
سأقدُّ رقْعَك من صميمِ شغافي |
أصبحتُ طنبوريَّ بغدادٍ به |
والأمرُ مشتهَرٌ وليس بخافِ |
حتى هدَتْني للخلاصِ جزيرةٌ |
قطريّةُ الكفّينِ والأعطافِ |
لمعتْ بذهني فكرةٌ خلابةٌ |
في غمرةِ الأخبارِ والألطافِ |
في كلِّ قُطرٍ ثورةٌ مزعومةٌ |
ووقاحةٌ من فِتيةٍ أجلافِ |
الكلُّ يصرخُ في الرئيسِ مغاضِباً |
إرحلْ فيومٌ في جحيمِك كافِ |
يا سَوءةً لشبابِنا وعقوقِهم |
وسلوكِهم في دَرْكةِ الإسفافِ |
يا ويحَهم يتطاولونَ على أبٍ |
ساسَ البلادَ بشِرْعةِ الإنصافِ |
حقاً همُ جاعوا وعانوا فاقةً |
قَصداً ليعتادوا حياةَ كَفافِ |
ولربما سُجنوا وعُذّبَ بعضُهم |
أدباً على خُلُقٍ ونهجِ عَفافِ |
ولربما قتَل المئاتِ بعهدِه |
حَدّاً لنسلٍ زادَ بالآلافِ |
ومع العدوِّ مُدجَّنٌ لكنكم |
لا تفهمونَ سياسةَ الأحلافِ |
ولكَم رَجوتم سائلينَ كرامةً |
فأجابكم دون اكتراثٍ ما في! |
لو أنهم عرفوا بنُدرةِ جنسِه |
حملوه من حِرصٍ على الأكتافِ |
أثَرٌ كديناصورَ بل هو تُحفةٌ |
ومكانُه في متحفٍ شفّافِ |
صنفٌ يعِزُّ وجودُه إلا هنا |
حفلَ الثرى بحثالةِ الأصنافِ |
جادَ الزمانُ عليكمُ بخليفةٍ |
لُبَدٍ وقِرْمٍ كاملِ الأوصافِ |
عَجَم الحياةَ بحِنكةٍ ودرايةٍ |
والدهرُ خيرُ معلمٍ ومُكافي |
مَلَّ الردى منه وظنَّ خُلودَه |
وغفا بعيداً عنه في الأكنافِ |
بادت عروشٌ وانطوى أصحابُها |
وبقيتَ من عادٍ ذوي الأحقافِ |
حتى اكتسى عندَ الخطابةِ حكمةً |
من وحيِ ربٍّ لا رؤى عَرّافِ |
ووجدتُ فيه خبرةً ومهارةً |
فاقت بحقٍّ خبرةَ الإسكافِ |
أتَراه والكرسيُّ ملتصِقٌ به |
فكأنه أحدٌ بلا أنصافِ |
لا غُروَ إنْ ظلَّ الزعيمُ موحَّداً |
فينا فإنا أمّةُ الأحنافِ |
يا لَلغِراءِ وفعلِه مَن لي به |
حتى أواريَ سوءةَ الأخفافِ |
يا سيدي إني أتيتُك حافياً |
متخففاً في هيئةِ المصطافِ |
يشكو إليك النعلُ فتقاً مزمناً |
مِن غيرِ دَركِك فاتَ كلُّ تلافِ |
أصبحتُ بين العالمينَ فكاهةً: |
وطنٌ غنيّ والمُواطنُ حافِ |
ما كنتُ أعبأُ لو طريقي مُعشِبٌ |
لكنّ ربعي مُجدِبٌ وفيافِ |
أنى التفتُّ تسِفُّني برمالِها |
والجوعُ رملٌ والهوانُ سوافِ |
قل لي بربِّك أيُّ سحرٍ جئتَه |
حتى التصقْتَ بمقعدٍ رفرافِ |
هل دامَ حكمُك إثرَ دعوةِ عابدٍ |
خالٍ إلى محرابِه عَكّافِ |
أم صِرتَ عن ربِّ الخلائقِ نائباً |
فكلامُكم بالنونِ بعدَ الكافِ |
هل لي بصمغٍ قد طَلى كرسيَّكم |
وعجيزةً رَيّانَةَ الأردافِ |
أطلي به شِدقَ الحذاءِ مُداوياً |
ذاك الجريحَ بخيمةِ الإسعافِ |
هبْهُ لروحِك صَدْقةً تربو لكم |
في كلِّ نعلٍ ظاهرِ الإتلافِ |
أو ضَعْ بأكنافِ المساجدِ علبةً |
نحظى بها وقفاً من الأوقافِ |
هذا رجائي في الحذاءِ لَفَفْتُهُ |
في عَرضِ حالٍ بائسٍ وقوافِ |
إن تقبَلوا أو تُعرضوا سِيّانَ قد |
حقّقتُ في مرماكمُ أهدافي. |