كَأَنَّكَ مَفْتُونٌ بِوَهْمِ المُرَاهِنِ
تَنِي وَالمُنَى بَتَّارَةٌ لِلعَوَاهِنِ
فَمَا السَّيفُ يُصْمِي الرُّوحَ إِنْ هِيَ حَلَّقَتْ
وَلا الحَيفُ يَحْمِي ظَهْرَ بَاغٍ وَمَاجِنِ
تُحَدِّثُ بِالإِصْلاحِ وَالكَونُ شَاهِدٌ
بِأَنَّكَ لِلإِفْسَادِ مِيزَابُ سَادِنِ
وَتَسْعَى بِذَاتِ المَينِ تَشْكُو تَآمُرًا
وَلَيسَ سِوَاكَ الأَمْرُ يَا شَرَّ مَائِنِ
أَتَحْرِقُ أَرْضَ الشَّامِ يَا غِرُّ ضَاحِكًا
وَتَفْتِكُ بِالشَّعْبِ الأَبِيِّ المُهَادِنِ
تَبُثُّ سَرَايَا المَوتِ فِي كُلِّ شَارِعٍ
وَتُجْرِي دَمَ الأَحْرَارِ بَينَ المَسَاكِنِ
وَتَأْتِي الخَزَايَا بِالأَذَى غَيْرَ زَاجِرٍ
وَتُفْتِي البَرَايَا بِالرَّدَى خِدْنَ كَاهِنِ
وَكُنَّا عَلِمْنَا جُرْمَ شَعْبٍ مُعَارِضٍ
فَهَلا عَلِمْنَا أَيْنَ جُرْمُ المَآذِنِ
وَأَيْنَ التَّصَدِّي وَالمُقَاوَمَةُ التِي
سَلَبْتَ بِهَا فِي الدَّهْرِ حَقَّ المُوَاطِنِ
وَأَيْنَ عَنِ الجُولانِ عَيْنَا مُرَاوِغٍ
يَخَبُّ بِهَا مُسْتَظْهِرًا غَيْرَ بَاطِنِ
كَأَنَّ جُيُوشَ النَّصْرِ قَدْ كَانَ بَعْثُهَا
لِحْفْظِ الكَرَاسِيْ وَاقْتِفَاءِ الدَّوَاجِنِ
وَأَنَّ سِلاحَ الشَّعْبِ فِي الشَّعْبِ نَصْلُهُ
لِقَمْعِ أَبِيٍّ أَوْ لِتَرْوِيعِ آمِنِ
لَقَدْ ضَاقَ صَدْرُ الرِّيحِ مِنْ عُذْرِ فَاجِرٍ
وَضَجَّتْ قُبُورُ الصَّمْتِ مِنْ غَدْرِ غَابِنِ
وَعَيْنُ المَدَى غَصَّتْ بِدَمْعَةِ مُشْفِقٍ
وَجَفنُ المُدَى جَافَى وِسَادَ التَّهَاوِنِ
أَتَجْتَرُّ مَا تَأْبَى النُّهَى مِنْ تَحَذْلُقٍ
وَتَجْتَثُّ مَا تَرْجُو النُّهَى مِنْ قَرَائِنِ
تَخَيَّلْتَ حِزْبَ البَعْثِ يُفْضِي إِلَى الهُدَى
سَتَعْلَمُ مَعْنَى البَّعْثِ يَومَ التَّغَابُنِ
فَلا أَنْتَ بَشَّارٌ وَلا أَسَدٌ وَلا
رَئِيسٌ وَلا رَبُّ النَّدَى وَالمَحَاسِنِ
وَلَسْتَ عَلَى الأَوْطَانِ رَبًّا مُتَوَّجًا
وَلا أَنْتَ تَقْضِي بِالذِي غَيْرُ كَائِنِ
وَمَا أَنْتَ إِلا فِي الوَرَى جَرْوُ ثَعْلَبٍ
سَقَتْهُ حَلِيبَ المَكْرِ أُمُّ الضَغَائِنِ
وَإِلا نُصَيْرِيٌّ خَبِيثٌ وَإِنْ بَدَا
بِثَوبِ نَصِيرٍ لِلهُدَى غَيْرِ دَاخِنِ
وَكَانَ أَبُوكَ الوَغْدُ مِنْ قَبْلُ خَائِنًا
فَيَا خَائِنًا قَدْ جَاءَ مِنْ بَعْدِ خَائِنِ
مَلأتُمْ سُجُونَ الجَوْرِ بِالقَومِ مِثْلَمَا
مَلأتُمْ أَقَالِيمَ القُرَى بِالرَّهَائِنِ
وَتَمْشِي الهُوَيْنَى مُشْمَخِرًّا إِلَى الثَّرَى
كَأَنَّكَ كِسْرَى يَزْدَهِي فِي المَدَائِنِ
تَظُنُّونَ أَنَّ القَهْرَ بِالقَيْدِ جُنَّةً
وَأَنَّ المَطَايَا مِنْ نَحِيبِ الأَمَاكِنِ
وَهَلْ يَنْفَعُ المَأْفُونَ بِالخَوْفِ دُرُّهُ
مَتَى دَسَّ هَذَا الدُّرَّ مِلْءَ الخَزَائِنِ؟
فَثُبْ يَا عَدُوَّ اللهِ لِلرُّشْدِ وَالنُّهَى
وَتُبْ يَا عَدُوَّ اللهِ عَنْ كَيْدِ وَاهِنِ
هِيَ الشَّامُ لا تَصْغَى إِلَى العَيْشِ رَاغِدًا
بِذُلٍّ وَلا تَرْضَى افْتِرَاءَ المُدَاهِنِ
فَكَيْفَ وَقَدْ أَنْشَبْتَ فِيهَا أَظَافِرًا
وَأَسْرَفْتَ فِيهَا عَدْوَةً بِالبَرَاثِنِ
سَتَأْتِيكَ دَرْعَا بِالمَنَايَا مَيَاسِرًا
وَتَأْتِيكَ دَيْرُ الزَّوْرِ صَوْبَ المَيَامِنِ
وَتَسْمَعُ مَا فِي اللاذِقِيَّةِ مِنْ قِلًى
وَتُصْفَعُ فِي حِمْصٍ بِكَفِّ التَّضَامُنِ
وَفِي حَلَبِ الشَّهْبَاءَ سَوْطُ الذِي اكْتَوَى
وَفِي بَانِيَاسٍ صَوْتُ مَنْ لَمْ يُهَادِنِ
جَفَاكَ جَمِيعُ القَوْمِ فَارْضَخْ مُذَمَّمًا
وَكُفَّ عَنِ الطُّغْيَانِ يَا شِلْوَ بَائِنِ
دِمَشْقُ لَكِ الفَخْرُ الذِي أَنْتِ أَهْلُهُ
وَصَانَكِ رَبُّ العَرْشِ مِنْ كُلِّ فَاتِنِ
تَعَالَيتِ فَوقَ الجَوْرِ قَعْسَاءَ فِي المَدَى
وَعِشْتِ عَلَى الأَيَّامِ خَيْرَ المَوَاطِنِ
قَلِيلا وَتُتْلَى سُوْرَةُ الفَتْحِ فِي الرُّبَى
وَتُبْنَى صُرُوحُ المَجْدِ شَأْوًا بِصَائِنِ
وَتُشْرِقُ شَمْسُ العِزِّ وَالنَّصْرِ فِي غَدٍ
يَكُونُ لأَهْلِ الصَّبْرِ عُنْوَانَ قَاطِنِ