بعثرة المشاعر
أنت مع الأنترنت أاو ضده ؟ كثيرا ما أسأل هذا السؤال وكثيرا ما جاوب عنه بعضنا لكنه يبقي السؤال الأهم والأبرز في معضلة تناولنا للأمور العامة وبعيدا عن السفسطة والإجابات العامة التي تحمل الكثير من المعني ، مثل لكل شيء جانبة الإيجابي والسلبي ، أري إن تحديد موقفنا تجاة الأنترنت يتوقف دوما علي موقفنا الشخصي حال السؤال ويتغير بتغير الحال ، فنحن حين نفيد منه وهذا واقع الأمر نكون معه وحين يفجئنا ويصدمنا ببعض سلبياته نرفضه ونكون ضده ، هذا حالنا جميعا وأنا شخصيا حدث معي هذا أكثر من مره وابتعدت وغضبت من الأنترنت ووطدت العزم علي إلا أعود إليه أبدا ولم ألبث سوي أسابيع وعدت إليه ،
والأنترنت الآن أصبح المعلم والمكتبة التي تتسع لمعارف الدنيا قاطبة فلم يعد من المهم أن نقتني مكتبة ضخمة فيها من شتى صنوف الكتب بل اقتصر هذا الآن عند كثيرين علي مكتبة صغيره فيها ما يتعلق بتخصصه واهتماماته ، أما الثقافة والعلوم العامة فإن الانترنت هو خير كفيل بها بما يحملة كل يوم من جديد المعرفة ، وفي رأي المتواضع إن الأنترنت لو اقتصر علي هذا لكان أعظم وأفضل رفيق علي الأطلاق ، لكن وللأسف فإن الأنترنت خالطة الكثير من السلبيات حال معظم الأختراعات والإكتشافات الإنسانية فهو اولا أصبح مرتعا لكثير من أصحاب الأنفس المريضه ينثروا فيه من عفنهم الكثير ومن أفكارهم الشاذه ما تعاف النفس ذكره أضف إلي هذا الأباحية الفجة التي تنتشر عبر صفحاته والعرى الفكري والجسدي الذي أصبح علامة ووصمة ترافق الأنترنت ،
وبعيدا كل ما سبق أود أن أشير إلي ظاهرة تفشت كثيرا ولاحظتها من واقع أهتمامي بالمواقع الأدبية والإجتماعية إلا وهي بعثرة المشاعر عبر الصفحات فكل من يعيش تجربة عاطفية يسارع بنشر ونثر مشاعرة علي الصفحات وكأنه يدعو الجميع لمشاركتة حالتة العشقية الخاصة ويستجلب عطف الحبيب عن طريق ما يردة من تعليقات علي ما نشرة بل ويحاول أن يقحم الجميع في قصتة فيخرجها من حيز الخصوصية إلي حيز العام وأعرف البعض يحاول أن يجبر من يحب علي مبادلتة المشاعر من هذا الطريق ، وأنا وإن كنت لست وصيا علي تصرفات البعض إلا أنني أجل المشاعر جدا وأري إنه من غير المقبول أن نشبب بالحبيب كما كان يفعل فحول الشعر في الجاهلية لأن هذا التشبيب كان دوما يفضي بخسارة الحبيب لحبيبة ، وهذا طبيعي في أمر يتعلق بأثنين فقط ،
وأنا وغيري خضنا غمار هذا النشر في بعض الأحيان وكانت الخسارة دوما ملازمة لتصرفنا أقول هذا عن تجربة ونقلا عن بعض أصدقائي الذين خلصوا إلي أن الأنترنت ليس مكانا مناسبا لبعثرة المشاعر خاصة إذا كانت صادقة ونقية ، فهي تفقد الكثير من نقائها حين يخالطها زهو نشرها ، وتتحول من شيء خاص إلي موضوع عام يحق للجميع الخوض فيه وابدأ الرأي صوابا كان أو خطئا ، يحمل النصح الصادق أو يشي بقبح السريره في شماتة ،
المشاعر زهرة رقيقة تنبت في القلوب تنثر أريجها عبر الأعين والقلوب وتزرع الأمل في العروق وتسموا بالنفس من قاع المادية القبيحه وشراسة الواقع إلي سمو رهافة المشاعر وصدقها وجمال الأحلام ونقائها ، وهي بهذه الرقه وذاك الوصف لا تحتمل أن تتناولها الكثير من الايدي ، فهذا التدخل يفقدها أريجها ورونقها ويذهب بهجتها فتغدو زابلة كسيرة وتزوي إلي الضياع ، وكلما أمعن المحب في التواصل بمشاعره مع من يحب وفقط كلما أينتعت زهرة المشاعر وفاح أريجها أكثير ، ثم أتت ثمارها التي ترجي من تقارب وارتباط بما يتوافق وشرع الله ،،
أشرف نبوي
أديب وصحفي عربي