يوميّات الحبّ
حُوْرِيَّةٌ فِي ثَغْرِهَا الْوَضَّاءِ تَخْتَالُ ابْتِسَامةْ
فِي كُلِّ حُسْنٍ لَاحَ لِي يَوْمًا أَرَى مِنْهَا عَلَامَة
هَيْفَا كَغُصْنِ الْبَانِ بَلْ فَاقَتْ بِقَامَتِهَا قَوَامَهْ
وَجْهٌ لَهَا كَالسِّفْرِ تُتْلَى فِيْهِ آَيَاتُ الْوَسَامَة
وَجْهٌ وَرَاءَ خِمَارِهَا كَالْبَدْرِ تُخْفِيهِ الْغَمَامَة
وَإِذَا بَدَتْ فِي الَّليْلِ يَمْحُو نُوْرُ طَلْعَتِهَا ظَلَامَهْ
مِنْ حُبِّهَا كَمْ كُنْتُ أَدْعُو اللهَ أَرْجُوهُ السَّلَامَة
لَكِنَّهَا سَبَت الْفُؤَادَ بِلَحْظِهَا مَلَكَتْ زِمَامَه
فَغَدَا يَهِيمُ بِحُبِّهَا لَمْ يَسْتَمِعْ فِيْهَا مَلَامَة
مَلَّكْتُهَا عُمْرِي وَأَرْجُو قُرْبَهَا يَوْمَ الْقِيَامَة
...
أَنَا فِي هَوَاهَا تَائِهٌ إِنْ فَكَّرَتْ فِي الْبُعْدِ عَنِّي
صَارَتْ حَيَاتِي سَاعَةَ اللُّقْيَا وَأَيَّامَ التَّمَنِّي
إِنْ وَاعَدَتْنِي خِلْتُ دُنْيَايَ ارْتَوَتْ مِنْ كُلِّ فَنِّ
أَنْسَى إِذَا قَابَلْتُهَا كَرْبِي وَآَلَامِي وَحُزْنِي
وَأَقُولُ إِنِّي مَثْلَهَا فِي الْحُسْنِ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي
أُصْغِي لِحُلْوِ كَلَامِهَا تَحْكِي كَعُصْفُورٍ يُغَنِّي
وَأَغَارُ مِنْ قَدَحٍ يُصَافِحُ ثَغْرَها وَيَغَارُ مِنِّي
وَإِذَا سَأَلْتُ لِمَ الْحَيَاةُ بِقُرْبِهَا كَجِنَانِ عَدْنِ؟؟
قَالَتْ بِصَوْتٍ سَاحِرِ الْأَنْغَامِ أَخَّاذٍ لِأَنِّي
أَنَا يَا حَبِيْبِي حِيْنَ جِئْتُ وَهَبْتُهَا مِنْ بَعْضِ حُسْنِي
...
حَاوَلْتُ ذَاتَ قَصِيْدَةٍ وَصْفًا لِدُنْيَاهَا الْجَمِيْلَة
فَكَتَبْتُ شِعْرًا صَامِتًا لَمْ يَرْوِ فِي قَلْبِي غَلِيْلَه
أًدْرَكْتُ أَنَّ بَلَاغَةَ الشُّعَرَاءِ مَا زَالَتْ ضَئِيلَة
كُلُّ الْقَصَائِدِ وَالْحُرُوفِ أَمَامَهَا تَبْقَى قَلِيْلَة
أَحْيَا أُنَاجِي طَيْفَهَا شِعْرًا وَنَثْرًا أَشْتَكِي لَه
وَأَبُثُّ فِي صَمْتِ الْمَسَاءِ مَشَاعِرًا حَرَّى عَلِيْلَة
يَا مَنْ مَلَأْتِ دَفَاتِرِي دَمْعًا وَأَشْوَاقًا طَوِيْلَة
وَسَكَنْتِ قَلْبًا مَا لَهُ يَوْمًا عَلَى الْهُجْرَانِ حِيْلَة
مُنِّي عَلَيَّ بِبَسْمَةٍ أَغْفُو بِهَا فِي كُلِّ لَيْلَة
تَبْقَى حَيَاتِي دُوْنَ وَعْدٍ بِالتَّلَاقِي مُسْتَحِيْلَة
...
أَشْكُو هُمُومِي لِلْمَسَاءِ بِلَهْجَةٍ تُشْجِي الْخَوَاطِر
وَأَبُوحُ لِلْكَلِمَاتِ وَالْأَوْرَاقِ عَنْهَا وَالدَّفَاتِر
تِلْكَ اللَّطِيْفَةُ كَيْفَ صَادَتْنِي؟ يَظَلُّ الْقَلْب حَائِر
خَمْرِيَّةُ الْأحْدَاقِ فِي آَفَاقِ مُقْلَتِهَا أُسَافِر
مَمْشُوقَةُ الْقَدِّ النَّحِيْلِ جَمِيْلَةٌ تَسْبِي السَّرَائِر
أَشْتَاقُ للثَّغْرِ النَّدِيِّ وَلِلْخُدُودِ وَلِلضَّفَائِر
أَنْسَى بِلُقْيَاهَا جِرَاحَ الْبُعْدِ فِي دِفْءِ الْمَشَاعِر
وَأُعَانِقُ الْحُسْنَ الَّذِي فِي رَوْعَةِ الْعَيْنَيْنِ ظَاهِر
لَوْلَا ضِيَاؤُكِ يَا هُدَايَ لَمَا نَوَيْتُ بِأَنْ أُغَامِر
لَوْلَاكِ يَا عِطْرَ الْقَصِيْدِ لَمَا دُعِيْتُ هُنَا بِشَاعِر
...
شَرْقِيَّةُ الْأَوْصَافِ صَنْعَانِيَّةُ الْفَمِ وَالْمَآَقِي
عَنْ وَصْفِهَا وَعَنِ اسْمِها دَوْمًا يُسَائِلُنِي رِفَاقِي
فَأَقُولُ تِلْكَ مُغِيْرَةُ الْوَرْدِ المُزُيِّنِ لِلسَّوَاقِي
وَأَقُولُ تِلْكَ غَزَالَةٌ لَمْ تُبْقِ مِنْ سَلْوَايَ بَاقِي
وَأَقُولُ تِلْكَ فَنَارُ طُهْرٍ فِي مَتَاهَاتِ النِّفَاقِ
أَدْمَنْتُ طِيْبَ وِصَالَهَا فَهَتَفْتُ فِي لَيْلِ الْفُرَاقِ
أَحْكَمْتِ بِالْأَلْحَاظِ يَا فَتَّانَةَ الْوَادِي وَثَاقِي
قَدْ صِرْتُ أَهْذِي فِيْ بُعَادِكِ أَرْتَجِي يَوْمَ التَّلَاقِي
وَأَعِيْشُ أَيَّامِي أُضِيءُ الدَّرْبَ مِنْ نَارِ احْتِرَاقِي
رُدِّيْ فُؤَادِي إِنَّنِي قَدْ تُهْتُ فِي بَحْرِ اشْتِيَاقِي
...
إِنْ خَاصَمَتْنِي صَارَتِ الْأَفْكَارُ مِنْ حَوْلِي سُجُونِي
وَخَيَالُهَا يَبْدُو يُعَابِثُ عَبْرَةً تَكْوِي جُفُونِي
يُشْجِي الْمَسَا قِيْثَارُ قَلْبِي يُزْعِجُ الدُّنْيَا سُكُونِي
وَيَصِيْحُ صَمْتِي قَائِلًا لِطُيُوفِهَا لَا لَمْ تَخُونِي
إِنِّي كُثيِّرُ أَوْ جَمِيْلُ فَعَزِّةً أّوْ بُثْنَ كُوْنِي
وَأَنَا الْمُعَذَّبُ قَيْسُ يَا لَيْلَايَ فِي دَرْبِ الْجُنُونِ
إِنِّي أُوتِيلُّوْ فَاغْمُرِي قَلْبِي بِحُبٍّ دَيْدَمُونِي
وَتَذَكَّرِي إِنْ غَابَ طَيْفِي عَنْكِ إِنْ لَمْ تَذْكُرِيْنِي
أَحْزَانَ مَجْدُوْلِيْنَ إِذْ أَبْكَتْ ظِلَالَ الزَّيْزَفُونِ
لَا تَرْحَلِي عَنِّي وَعُوْدِي لِي فَلَنْ تَحْيَيْ بِدُونِي