أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حتى إذا بلغ أشُدّه

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 2,069
    المواضيع : 373
    الردود : 2069
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي حتى إذا بلغ أشُدّه

    حتى إذا بلغ أشدّه
    الدكتور عثمان قدري مكانسي
    قال تعالى:
    وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ ....... حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) سورة الأحقاف
    لما ذكر تعالى في الآية التوحيد له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه عطف بالوصية بالوالدين كما هو مقرون في آيات عدة من القرآن كقوله عز وجل" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً " ، وقوله جل جلاله " أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير " إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة وما ذلك إلا أن الله تعالى سببُ الخلق فهو المعبود بحق ، أما الوالدان فأداة الوجود ولولاهما ما جاء الولد،. وقد أمر المولى تعالى بالإحسان إليهما والحنوّ عليهما لفضلهما الكبير عليه " حملته أمه كرها " فقاست بسببه الكثير إذ حملته مشقة وتعبا من وحم وغثيان وثقل وكرب إلى غير ذلك مما تنال الحوامل من التعب والمشقة " ووضعته كرها " فكانت المشقة أيضا من الطلق وشدته " .
    الحديث الشريف الذي أمر بالإحسان إلى الوالدين ذكر الأم ثلاث مرات بحسن الصحبة وذكر الأب مرة واحدة ( من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال أمك ...) فلما قالت الآية ( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً ) ذُكر الأب والأم مرة واحدة فلما أتبعه ( حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً ) ذُكرت الأم مرتين في الحمل والوضع فاكتمل ذكرها ثلاث مرات . فكان التوافق بين الآية والحديث واضحاً .
    وبلوغ الأشد أن يصير المرء قادراً على الزواج مدركاً أوليات الحياة ، فيوسف عليه السلام بلغ في الآية ( حتى إذا بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً ) ثلاثة عشرة سنة أو أكثر بقليل . أما الحديث عن موسى عليه السلام في قوله تعالى ( حتى إذا بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً ) فقد زاد في الآية كلمة ( استوى) الدالة على تجاوزه العشرين سنة وأكثر ، والاستواء أكثر قوة وتحملاً ومتانة .
    وفي هذه الآية نرى عطف كلمة ( أربعين ) بالواو على قوله : (حتى إذا بلغ أشده ) فدل العطف على وجود محذوف يفهم من السياق ، كأن تقدّر : قويَ وشبّ وارتجل و تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه فصار أباً أو جَدّاً وخبر الحياة ( وبلغ أربعين سنة )
    ويخطئ من ظن أنّ الأربعين هي الأشد ، ودليل ذلك قوله تعالى في إعادة المال لليتيم الذي بلغ أشده ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدّه) والأشد هنا حسن التصرف بالمال من بيع وشراء وغير ذلك . ومن قدر على الزواج في سن الرابعة عشرة قدِر على التصرف بماله ، فليس من المعقول أن يسترد اليتيم ماله في الأربعين ! فالأربعون إذاً سن الكمال العقلي والفهم والإدراك فكان النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنّ أهلاً للرسالة التي كلفه الله تعالى بها .
    ويقال إنّ الإنسان لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين .قال القاسم بن عبد الرحمن : قلت لمسروق متى يؤخذ الرجل بذنوبه قال إذا بلغت الأربعين ، فخذ حذرك . وعن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنّ العبد المسلم إذا بلغ أربعين سنة خفف الله تعالى حسابه ، وإذا بلغ ستين سنة رزقه الله تعالى الإنابة إليه ، وإذا بلغ سبعين سنة أحبه أهل السماء وإذا بلغ ثمانين سنة ثبت الله تعالى حسناته ومحا سيئاته ، وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وشفعه الله تعالى في أهل بيته وكتب في السماء أسير الله في أرضه " { من الدرر السنية وقالوا : إنه صالح الحُجّيّة },
    وقد قال الحجاج بن عبد الله الحكمي تركت المعاصي والذنوب أربعين سنة حياءً من الناس ثم تركتها حياء من الله عز وجل وما أحسن قول الشاعر :
    صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه === فلما علاه قال للباطل ابعُد
    ويبدأ بعد سن الأربعين – سن الكمال – منحنى الضعف فما بعد الكمال – وهذه سمة كل مخلوق - إلا النقص ، ولا بد من شكر المولى الذي حبانا حياة طويلة ، فيتجه الإنسان إلى مولاه سبحانه يحمده ويشكره على :
    1- النعمة التي يتقلب في أعطافها ، ويعيش في أكنافها .
    2- وعلى ما أنعم الله به على والديه اللذين ربياه التربية الصالحة ، فيشكره عنهما وهذا غاية في البِر والإحسان إلى الوالدين .
    3- ويسأله أن يتم نعمته عليه في ذرية صالحة تدعو له وتكمل ما بدأه من خير.
    4- ويعلن توبته عما يغضب الله تعالى ويؤوب إليه مستغفراً ، وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله عز وجل ويعزم عليها
    5- أن يدعو الله تعالى أن يرشده إلى الهدى ويحفظ عليه النعمة ، فقد روى أبو داود في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أن يقولوا في التشهد :
    " اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها أتممها علينا " .

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    ماذا يقتبس القاريء من هذا الموضوع الكبير وماذا يقول فيه
    حكيم وواعظ وثقيل العيار
    لا حرمت أجره أيها المبدع

    تحيتي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #3
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 2,069
    المواضيع : 373
    الردود : 2069
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    استغفر الله وأتوب إليه من صفة لست من أهلها
    لك شكري أيتها الأخت الفاضلة وأسأل الله تعالى أن يرزقنا حياة سعيدة وموتاً في سبيله
    أرجوك أن تدعي لإخوانك في سورية واليمن بالخير ، وأن يرزقهم النصر على الظالمين

المواضيع المتشابهه

  1. بلغ مُنــاي
    بواسطة سمو الكعبي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 13-11-2013, 09:30 PM
  2. حتى القبر حتى القبر حتى القبر
    بواسطة زهراء المقدسية في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-02-2011, 11:12 PM
  3. إذا أردتِ أن نتفق
    بواسطة محمد الحسين الزمزمي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 21-04-2010, 11:40 PM
  4. بلّغ سلامي ...
    بواسطة سيد أحمد قرشاوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 17-01-2008, 08:51 PM
  5. بلغ رسول الله
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 01-10-2006, 11:05 AM