|
مالحٌ في فمي الفراتُ النميرُ |
ودجىً في عيني الصباحُ المنيرُ |
خدّد القهرُ وجنتيَّ مَسيلاً |
كلما جفَّ جادَهُ المقهورُ |
|
|
عندما يسمجُ العذْبُ أو يستحيل مالحا , ويظلمُ الصبحُ الباسم فيستحيل كالحا
عندما يشق القهر بما يجلبه من دمع أخاديد في سفوح العين , هو لا يغالبه هنا وهذا شيء مُستعذب لدى الشاعر
أو أنَّه لا يستطيع الامتناع فكأنه بهذه الحالة يجود على رضا !!
سنكون على موعدٍ مع الدهشة بعيداً عن نفسية الشاعر التي أعرفها جيدا , بل ربما أستطيع التنبؤ
بما هيَّجَ قلبَه الشفيف , لستُ قارئ فنجان ! إنَّما تلميذ يعرف معلَّمَه فقط .
|
وجبيناً ملوَّحاً بشقاءٍ |
خُطَّ وشمٌ في متنِهِ محفورُ |
ما أنا غيرَ هيكلٍ من رَميمٍ |
كيف يحيا ذا الهيكلُ المنخورُ |
لم يُبقِّ الزمانُ فيَّ محلاً |
من معاشٍ لدودةٍ تستميرُ |
هدّني الدهرُ مُثقلا فأنا أحـ |
ـبو على هامشٍ وأنّى المَسيرُ |
ليست الدارُ لي بدارِ مقامٍ |
فمتى ترتضي الظعينَ قبورُ |
|
|
هنا في هذا المقتبس
محور ما فتئ بوح الشاعر يجود بها بين حين وآخر , كثيرة نصوصه التي تحمل هذه الفكرة
لكنَّ هنا شيئاً مختلفاً هذه المرة , وهي المرحلية النابضة في قلب هذا النص
عندما يصور الشاعر نهاية رحلته التي يراها أصبحت على هامش المسير , يرى أنَّه اضحى هيكلاً
لا حياةَ فيه لنفسه فضلاً عن بقيَّة باقية لدودةٍ ربما لا ترى بالعين المجرَّدة ,, كم هو موجعُ هذا التصوير المصوَّب والدقيق
ربما (متنه) لو كانت في صَفْحِه - وهو الجَنْبُ من الشيء - فما ترى ؟؟ .
|
خسر النومَ مَن رعا الهمَّ ليلاً |
واشتراه منه الخليُّ القريرُ |
أقطع الليلَ بالدخانِ كأني |
مرجلٌ يغتلي وماءٌ يفورُ |
مُستكنٌّ على جِمارٍ وإني |
بدخاني من رمضِها مستجيرُ |
ضامني الدهرُغربةً وشقاءً |
أينما سرتُ فالشآمُ يسيرُ |
كلما شِمتُ بارقاً كذّب الصحْـ |
ـوُ بروقي وربعُ جاري مَطيرُ |
قيل هاجِرْ لعلَّ جدَّك في غيـْ |
ـرِ مكانٍ فأين جدّي العثيرُ |
وتغرّبْتُ أضرب الأرضَ سعياً |
فكأني حيث ابتدأتُ أدورُ |
إنما طائري معي-لا تلُمْ جدّاً |
ولا رزقاً- وفوق رأسي يطيرُ |
(تعبٌ كلُّها الحياةُ فما أعْـ |
ـجبُ إلا) ممن عَراهُ سرورُ. |
|
|
عندما يكون الشاعر بعيداً عنْ ذويه , نائياً عنْ محبيه , غارقاً في لجج الغربة , لابساً برود الكربة
الشام معلَّقةٌ بين عينيه , وفي غصون قلبه بين جنبيه , لا يملُّ من ذكرها طرفة عين , لمَ ؟؟
إنَّها التراب الذي أكله في صباه !!
هو لا يشتاق فقط , هو لا يتمنى العودة فقط !! هو يتمنى الراحة من شوقٍ لاعج , ومن تلاطم فقد مائج
وشيخوخة وميضها حارق هائج !! على أنَّه وفوق ذلك كلّه تراه مستكنَّاً وهو في حقيقة الأمر
ثورةٌ بكل ما تعني الكلمة من معنى !! أتظنون أنَّ هكذا نصاً يمكن أن يكتب في زوايا النهار وبين ساعات العمل ؟؟
هذا لعمري كُتِبَ بمداد الليل تحت نظرات شموعٍ تخبو لحظة , وتنتبه أخرى .
أقفُ هنا آسفا , اعتور رأسي صداعٌ
لا زلتُ أتهيَّبُ محراب حرفك ,, لا مزيد لدينا من الدموع لنجود بها
شكراً لك أيها المنقرض1 لأني وجدتُ نفسي هنا ( :
تلميذك المنقرض2 .