أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قراءة في قصة الباب الأزرق

  1. #1
    الصورة الرمزية صفاء الزرقان أديبة ناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 715
    المواضيع : 31
    الردود : 715
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي قراءة في قصة الباب الأزرق

    http://https://www.rabitat-alwaha.ne...ad.php?t=54967


    البــــــاب الأزرق (حلم قصير )عنوان القصة رمزيٌ ذو دلالات عميقة كبيرة , بداية "الباب" رمز يمثل معبراً للانتقال لعالم الحرية المرجوة و القريبة التي لا يفصلنا عنها الا عتبة الباب , لم يكن محكم الإغلاق فالحرية قريبة منا لكننا لا ندرك كذلك كما هو حال الباب هنا قريب لكنهم خافوا ولوجه و اجتيازه ,و اللون "الازرق" لون السماء و الماء و هما من اكثر الأشياء ارتباطاً بالحرية " تحليق و إبحارٌ و ارتواء ", أما حلم فهو حلم الانعتاق و التحرر من أسر السجن و العبودية هاهم قد تعلقت عيونهم به يحلمون بما ورائه "رغم أن عيون الرجال لا تنفك تتأمله بشغف، و هم يشيرون إليه في أحاديثهم." يشيرون إليه بشغف يتمنون معرفة المجهول الذي خلفه لكنهم لم يحاولو الاقتراب منه بالرغم من أنه ليس محكم الإغلاق و هذا أمر غريب لأن الطبيعي في حال كنا نتوق للحصول على شئ ان نسعى للحصول عليه و هم قد منحوا ميزة بعدم إحكام الباب لكن الحلم ليس بمتناول الجميع هناك من هم جديرون به و يستحقونه ,أما هم فإن خوفهم من المجهول و مما بعد اجتياز الباب جعلهم يفضلون الرتابة
    على التغيير .


    افتُتحت القصة بمشهد جلوس هؤلاء الأشخاص ليبدو المشهد مُقتطعاً من حياة لأشخاص عاديين لم تبدو معالم السجن واضحة و لا فترة سجنهم فهم يتسامرون ليلاً ليتبادلوا أطراف الحديث و يتناولون وجبات تشاركوا في إعدادها و تناولها و في السجون لا يقوم السجناء بإعداد الطعام بأنفسهم , فتأتي صورة ذلك السجن من دون اسلاك شائكة او أبراج مراقبة و هي أُمور تعد من أساسيات السجون و ضروراتها "في زنزانات مشرعة الأبــواب، غير موصدة، بلا أبراج للمراقبة أو أسلاك شائكة…" ," جدار واطئ، له باب حديدي لا يعرف أحد جدواه… الباب أزرق غير محكم الإغلاق" ليبدو هذا السجن غريباً .



    "للحارس حكاية صمت طويل… يمضي جل وقته سارحا في خيالاته، قرب جدول ماء لا يُتعب تفكيره ليفهم من أين منبعه، و لا أين مصبه.. يكتفي بالجلوس على صخرة و رجلاه مغمورتين بالماء الذي يجري عذبا زلالا.. يراقبهم و يتتبع حركاتهم، و يتساءل في نفسه: من هؤلاء؟ و ماذا يفعلون هنا؟
    و ما هذا المكان! جدران قصيرة و ماء في غير محله وغرباء.. و صمته لا يجدي في الإجابة عن أي سؤال: يحرسهم أم يحرسونه!.. و هل حقا يحتاج هؤلاء حارسا لهم؟.. فهم مستسلمون جدا لسجنهم! لا بل هم به سعداء، هادئون في غرفهم المفتوحة على السماء، يتجولون بحرية تامة في أرجاء المكان، و لا يعيرون وجوده اهتماما…"


    تبادل للأدوار فهو بدا هنا السجين و ليس السجان فحالة الشرود و الصمت يعيشها السجين لا السجان , صفات السجن غريبة و كأنك تقول أننا نتوهم وجودنا داخل سجن و لكن هذا السجن من صنعنا غير موجود حقيقة بدليل خروج ذلك الرجل منه دون اي مقاومة من السجان و الذي اتوقع انه هو من وضع أو اعتقد أنه سجان وما هو إلا فرد عادي في هذه المجموعة و لا وجود للسجن إلا في عقله , مشهد الماء الذي كان يغمر قدماه يدل على نعمة الحرية والابحار و الارتواء التي لم يتمتع بها طول فترة جلوسه هناك فكان ظمآناً و الماء أمامه و ما من عقاب أشد من ذلك . اعطاه ذلك الرجل الابريق و كأنه يدعوه لأن يعيش نعمة الحرية و يتطهر من وهمه و ينعتق .


    "أصوات تكسر رتابة الليل وتسحب بعض الحالمين من أحلامهم.. و لا يبلغ صداها من أفرط في السهر منهم.. يكتفون بمداعبة نوم لذيذ تحت سماء حالمة..."

    بدا الآذان و كأنه دعوة لأُناس مخصوصين حُرم منها من لم يُهيئ لها العُدة , مشهد الصلاة و دلالة القبلة التي اتخذها السجان الذي بدا اسيراً ايضاً فهو صلى باتجاه باب الحرية والانعتاق ,هو اتخذ من خوفه و شغفه قبلة يصلي لها علها تحن عليه , إنفراده عنهم و صلاته منفرداً تعكس انعزالاً غريباً لا يليق بسجانٍ من المُفترض أن يكون مصدر الرعب و القوة و هو قد بدا ضعيفاً منعزلاً وجوده غير ملحوظ .



    " لقد فعلها.. اجتاز باب الحرية الأزرق"! تظهر هذه العبارة الرهاب الجماعي الذي عاشوه من فكرة اجتياز الباب التي بدت لهم مستحيلة حتى قام هو باجتيازه , انبهروا من تصرفه و كان جديراً بالحرية ,إن اكتشاف السجان للهاوية التي يطل عليها الباب يدل على انه هو ايضاً عرضة للسقوط فيها في حال خروجه و هو امر يتنافى مع كونه سجاناً , الهاوية التي رأها قد تكون انعكاساً داخلياً للظلام الذي يسكن روحه و للهاوية بداخله و ربما لم يكن الموجود خارج الباب هاوية و هو ما يؤكده تصويرك لحال الرجل الذي تعدا عتبة الباب :

    "ومرة أخرى كان يبتسم ملء وجهه و يرمقه بنظرة غريبة تشع فرحا و جلالا.. و ما إن وصل إليه حتى اختفى خلف المجهول..."

    فلو انه رأى هاوية لما ابتسم و كان محلقاً تحيطه هالة نورانية بدت من خلال كلماتك التي رسمتها فهذا المجهول كان له سماء صافية زرقاء و كان لسجانه هاوية مظلمة وهو ما اكدته آخر جملة:

    لكن دهشته الكبرى كانت سؤالا كاد يكسر صمته الطويل بعويل و صراخ: لماذا كان صاحب الإناء يبتسم و لماذا يسمونه باب الحرية الأزرق؟
    جملة مفتوحة على تأويلات عديدة , و تساؤلٌ جعلنا نتوق لرؤية العالم الذي دخله ذلك الرجل كما رأه هو علنا نبتسم . كأن الباب يقول للقارئ ان ما من سجن الا السجن الداخلي الذي نصنعه نحن و نقيم فيه ليقول لنا لا يوجد السجن إلا في خيالك ,ها هو ذلك الرجل قرر المُغادرة و حقق حلمه لانه عرف العالم الذي ينتظره و لم يقبل بذل الواقع خوفاً من المجهول كما فعلوا هم ,ذكرتني قصتك بجملة لعدنان الصائغ "أطرقُ باباً.. أفتحهُ.. لا أبصر إلا نفسي باباً.. أفتحهُ.. أدخلُ.. لا شيء سوى باب آخر.. يا ربي.. كم باباً يفصلني عني! " .

    قصة جميلة و رائعة وفقت في رسم الصورة ونسج الحكاية .

    التعديل الأخير تم بواسطة صفاء الزرقان ; 31-01-2012 الساعة 01:35 AM

  2. #2
    الصورة الرمزية حميد العمراوي أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    المشاركات : 407
    المواضيع : 52
    الردود : 407
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    صباح الخير أستاذتي الكريمة صفاء الزرقان

    تفاجات و أنا أتجول في واحة الكرام بهذه القراءة في قصتي.. فجئت جريا أكتشف ما يجود علي به قلمك
    فاذا بدهشتي تزداد و أنا اتلمس حجم الاهتمام الذي ناله النص منك و مقدار العناية التي أوليتها لقراءته
    فكانت قراءتك غنية مثمرة لا تشرح بقدر ما توسع المعاني و تمددها
    و قد راقني كيف تستقبلين ترميزي البسيط ( المتواضع )

    و لا أخفيك أنني في هذه القصة رفعت درجة الترميز عمدا لأن الفكرة منذ البداية كانت ان أنسجها على شاكلة الحلــم
    و في الأحلام تتغيــر ملامح المكان و يشوه الزمن أو قد يلغى...
    و لو عدت معي لنص القصة سنجد كلمة الحلم و مشتقاتها قد تكررت مرارا
    فكيف يفسر جدول ماء في سطح بناية! وسجناء - كما أشرت سيدتي - يعدون وجباتهم و يتسامرون ليلهم و أكثر من هذا يقيمون صلاتهم جماعة!!



    لكن الحلم ليس بمتناول الجميع هناك من هم جديرون به و يستحقونه

    ما من سجن الا السجن الداخلي الذي نصنعه نحن و نقيم فيه

    الهاوية التي رأها قد تكون انعكاساً داخلياً للظلام الذي يسكن روحه و للهاوية بداخله

    استاذتي الكريمة شكرا لروحك المشبعة أملا و فرحا..

    أعود لاحقا الى هذا الموضوع سيدتي

    تقبلي تحياتي و احترامي

  3. #3
    الصورة الرمزية سامية الحربي أديبة
    غصن الحربي

    تاريخ التسجيل : Sep 2011
    المشاركات : 1,578
    المواضيع : 60
    الردود : 1578
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    قرائة رائعة للمتألقة الأخت صفاء دعتني لقرائة القصة . كم تتبادل الأدوار بين السجين والسجان وكم هي لحظة رهيبة تلك التي يخطو السجين فيها نحو بوابة الحرية والعوالم التي كاد أن ينساها.

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    وُفِّق الكاتب الأديب ، والأخ المغربي الجميل ( حميد ) في كتابة هذه القصة الهادفة ، وبطريقة ذكية ، ورائعة ، وزادتها روعةً النّاقدة الكريمة ( صفاء ) بهذا التّحليل الواعي والرّاقي ، والذي يشهدُ لها بالامتياز في هذا الفنّ ( فن النّقد ) ، زادها الله من فضله ، وصراحة لا أخرج من نصوصها إلا مُستفيداً ...
    وهكذا فليكن الإبداع ، والتواصل بين هذه الأسرة المثقفة ( أسرة الواحة ) وفقها الله ...
    دمتُما مُتألقين في سماء واحة الخير والعلم والثّقافة المثمرة
    تحيتي وتقديري لكما
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    لم أكن قرأت القصة حين ولجت هذه القراءة العميقة فيها، واعترف انها قادتني لأذهب للقصة ولم اقم بعد بالرد هنا، فما قرأت شوّقني فاسرعت للأصل أشرب من معينه لأعود إلى هنا وأعاود القراءة

    تحليل ناقدتنا الكريمة للرمز والساقط التي اختارت لدلالاتها جاءت واعية متأملة فتحت النص على مساحات أوسع للتاويل
    كان النص رائعا والقراءة باهرة

    شكرا لأديبينا الكريمين

    تحيتي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  6. #6
    الصورة الرمزية صفاء الزرقان أديبة ناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 715
    المواضيع : 31
    الردود : 715
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد العمراوي مشاهدة المشاركة
    صباح الخير أستاذتي الكريمة صفاء الزرقان


    و لا أخفيك أنني في هذه القصة رفعت درجة الترميز عمدا لأن الفكرة منذ البداية كانت ان أنسجها على شاكلة الحلــم
    و في الأحلام تتغيــر ملامح المكان و يشوه الزمن أو قد يلغى...
    و لو عدت معي لنص القصة سنجد كلمة الحلم و مشتقاتها قد تكررت مرارا
    فكيف يفسر جدول ماء في سطح بناية! وسجناء - كما أشرت سيدتي - يعدون وجباتهم و يتسامرون ليلهم و أكثر من هذا يقيمون صلاتهم جماعة!!

    استاذتي الكريمة شكرا لروحك المشبعة أملا و فرحا..

    أعود لاحقا الى هذا الموضوع سيدتي

    تقبلي تحياتي و احترامي
    اسعد الله كل اوقاتك استاذ حميد

    الترميز في القصة كان جميلاً تم توظيفه بذكاء

    ليستحوذ الرمز في القصة على اهتمام القارئ

    محاولاً فهم الرمز و دلالته و ما خلفه من دلات .

    شكراً لك
    بانتظار عودتك
    تحيتي و تقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية صفاء الزرقان أديبة ناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 715
    المواضيع : 31
    الردود : 715
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غصن الحربي مشاهدة المشاركة
    قرائة رائعة للمتألقة الأخت صفاء دعتني لقرائة القصة . كم تتبادل الأدوار بين السجين والسجان وكم هي لحظة رهيبة تلك التي يخطو السجين فيها نحو بوابة الحرية والعوالم التي كاد أن ينساها.
    السجن و السجان اشكالية قائمة منذ الأزل

    فكم هناك من اشخاص يحملون سجنهم بداخلهم ؟؟

    هم من يسجنون ارواحهم و قلوبهم و يحرمونها من الحرية

    و كان السجن حسب ما رأيت سجناً ذاتياً .

    شكرا لك على هذا المرور الجميل و التعليق الذي اسعدني

    تحيتي و تقديري

المواضيع المتشابهه

  1. من سيرة الأزرق !
    بواسطة سمير الفيل في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 28-09-2014, 12:44 AM
  2. نَغْمَةٌ فِي مَقْبَضِ البَابِ تَشِفُّ
    بواسطة سعيد العواجي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 10-08-2014, 12:11 AM
  3. الإيقاع الأزرق
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-04-2009, 07:51 AM
  4. هجرة .. نحو الأزرق
    بواسطة محمد وسيه حسن في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 22-04-2007, 08:16 AM
  5. الحوت الأزرق
    بواسطة سحر الليالي في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08-11-2006, 11:29 PM