بسم الله الرحمن الرحيم
حماية حقوق المستهلك في الاسلام
عبدالغني خلف الله
أهداني الابن العزيز النقيب شرطة كمال سليمان آدم نسخة من مطبوعته الراقية والتي حملت عنوان ( حماية حقوق المستهلك في الشريعة والقانون ) ..وهي عباره عن أطروحته التي نال بها درجة الماجستير بامتياز ..والطبعة تتكون من 255 صفحه من القطع المتوسط والناشر شركة إعلانات الخرطوم ..وبعد تصفحها اكتشفت بأنني مثل الكثيرين غيري أتمتع بثقافة محدودة للغاية فيما يتعلق بحقوق المستهلك ..ربما في حدود مسئوليتي السابقة فقط كضابط شرطه سابق مطلوب منه مراقبة الأسعار ومنع الإحتكار وتخزين السلع والأوامر المحلية التي تنظم الأسواق والعلاقة بين المنتج والمستهلك.. وقد فأجأني حقاً ذلك التراث العريض الذي تنطوي عليه الشريعة الإسلامية التي نظمت قضايا البيوع والأسعار وعقود التجارة بشكل يبعث علي الدهشة بالنظر إلي الشمول والإحاطة والدقة التي صبغت قوانين الشريعة ولم يكن مستغرباً طبعاً ورود ذلك العدد الكبير من الآيات القرآنية ذات الصلة .. لقرب جميع المسلمين من نصوص القرآن الكريم وهم يتلونه آناء الليل والنهار ..خذ هذه القصة التي تروي عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه فقد مر علي صرة طعام فأدخل يده الكريمة فيها فنالت أصابعه بللاً فقال : ما هذا يا بائع الطعام ؟ قال : أصابته السماء يا رسول الله ..قال : أفلا جعلته فوق الطعام ليراه الناس ..من غشنا فليس منا .وحقوق المستهلك كثيرة ومتنوعة بيد أن المواطن لا يبدي حرصاً كبيراً في التمتع بتلك الحقوق .. وتلعب العلاقات الأسرية والإجتماعية دوراً كبيراً في تغذية وتنمية مثل ذلك السلوك السلبي .. فلا أحد يجرؤ علي فتح بلاغ ضد صاحب بقالة أو جزارة أو حتي مخبز ..لأن المجتمع سيأخذ منه ببساطة موقفاً سالباً ويتهمه بالسوء وقلة الأدب وعدم الذوق وربما يقول قائل ( الزول ده متلقي حجج ) ..لذلك ينبغي علي السلطة وجمعية حماية المستهلك وهي جمعية تطوعية أخذت علي عاتقها الوقوف بجانب المستهلك وتوعيته ومساعدته في التمتع بحقوقه كمستهلك منعاً للإستغلال والتهميش ..ينبغي عليهما أخذ زمام المبادرة بالتنسيق مع الهيئة العامة للمواصفات .. ومن تلك الحقوق حقه في السلامة الشخصية له ولأفراد أسرته ويجب أن يكون القانون صارماً وناجزاً في هذه النقطة فلا نسمع عن تلاميذ وتلميذات أصيبوا بتسمم أو أن ثمة مواطنين أصيبوا نقلوا علي عجل للمستشفي لدي تناولهم أطعمة ملوثه ..كذلك من حق المستهلك الحصول علي البيانات الصحيحة حول السلعة المعنية .. كتاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء االصلاحية ويجب أن توضح التواريخ نقشاً علي السلعة المستوردة بواسطة المصدر وليس طباعة ختم بالحبر الجاف بإمكان أي شخص تغييره وتبديله كما يشاء بالإضافة لتوضيح السعار ..ويلاحظ في الآونة الأخيرة أن حقوق المستهلك تسجل تراجعاً مخيفاً وأن قبضة السلطات المحلية علي الأسواق هي الحل الأنسب ليس بمنهج الإيرادات وإنما بالنسبة لإنعاش الإقتصاديات الريفيه والتوسع في مواعين التمويل الأصغر ..وقد اختفت فيما أظن مباحث التموين ربما لعدم وجود ضائقة في وفرة البضائع لكن وجود مباحث لحماية المستهلك تعد أكثر من ضرورية لتضمن لنا خبزاً خالياً من (البوتاسيوم برومايد) وألبان لا تحتوي علي البنسلين أو حتي مغشوشة ..ولحوم خضعت قبل جلبها للجزارة إلي الفحص البيطري الدقيق منعاً لانتقال أمراض الحيوان للإنسان ولا ننسي طبعاً الإهمال المريع في ضبط الأسواق وتهيئة الأجواء الصالحة لشراء حاجيات الأسرة بأمن وأمان .. مكبرات الصوت تصك الآذان في الأسواق معلنة أسعار اللحوم وبقية السلع والتجاذب الحاصل بينها وبين المستهلك ومقاعد الحافلات المهترئة في بعض الأحيان التي كثيرأ ما تؤذي الراكب فتمزق ثيابه وتدمي جلده والأطعمة المفترشة علي قارعة الطريق من خضر وفواكه تحوم فوقها أسراب الذباب ..وقبل هذا وذاك المستهلكين أن يفهموا بأن لهم الحق في طلب التعويض عن أية أضرار يتعرضون لها وعلي نيابات الدولة تسهيل مهمة التقاضي لرد الحقوق لأصحابها وبالمقابل علي المستهلك أن يطور في شخصيته موهبة الحس الذوقي والنوعي
فلا يقبل بأي سلعة دون أن يكّون راياً مسبقاً عن جودتها وصلاحيتها ونظافتها حتي يضطر أصحاب السلع في التنافس علي العناية بمنتوجاتهم وعرضها بأفضل طريقة إرضاءً لذوق المستهلك وقبل أن أختم رسالتي هذه لا بد من التوقف عند الحراك الكبير الذي أحدثته جمعية حماية المستهلك عندما أعلنت الإضراب عن شراء اللحوم بعد أن وصلت اسعارها أرقاماً ( خرافية) وكذلك وقفتها مع المواطنين بالنسبة للأضحية ولا نريد لهذه الجمعية أن تكون أنشطتها موسمية فهي قد أنتجت لنا تجاوباً كبيراً من قبل الجهات المختصة فشهدنا مراكز البيع المخفض ونأمل أن تتوسع أكثر لتشمل جميع ولايات السودان ..كذلك نطلب منها أن تتابع صلاحية الإنتهاء بالنسبة لأية سلعة منتجة إن كان علي صعيد الأستيراد أو الصناعات الوطنية . وبالله التوفيق .
عن صحيفة آخر لحظة