أحدث المشاركات
صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 68

الموضوع: بمعروف

  1. #1
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي بمعروف


    أَشعَلَتِ الشَّمعَةَ المُعَطَّرَةَ العَاشِرَةَ أَمَامَهَا ثُمَّ انْثَنَتْ فِي رِقَّةٍ تُلَمْلِمُ أَطْرَافَ شَالِهَا المُخْمَلِيِّ عَلَى ثَوبِهَا الحَرِيرِيِّ ، وَأَسنَدَتْ خَدَّيهَا عَلى رَاحَتيهَا تَتَأَمَّلُ فِي صَمْتٍ تِلكَ الثُلُوج التِي تَهْطلُ بِرِفقٍ وَهُدوءٍ مِن خَلْفِ نَافِذَتِهَا ، تَتَرَقَّبُ بِشَوقٍ ظَاهِرٍ وَقَلَقٍ بَادٍ لا يَمْنَعُ بَسْمَةً هَادئَةً أَنْ تَسْكُنَ أَطْرَافَ شَفَتَيهَا. كَانَتْ قَدْ أَعْتَدَتْ لَهُ مُتَّكَأً عَلى أَرِيكَةٍ وَثِيرةٍ ، وَزَيَّنَتْ المَائِدةَ بِمَا يُحِبُّ مِن طَعَامٍ ، وَأَطْلَقَتْ مِن زَاوِيَةٍ بَعِيدَةٍ رَجْعَ مُوسِيقَى هَادِئَةٍ يَرُوقُ بِهَا. أَجَالَت النَّظَرَ مَرَّةً أُخْرَى لتَتَأكَّدَ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ عَلَى مَا يُرامُ ثُمَّ عَادَت تُسْنِدُ وَجْهَهَا عَلَى رَاحَتيهَا وَتَتَرَقَّبُ فِي هُدُوءٍ وُصُولَهُ.

    عَشْرُ سَنَوَاتٍ مَرَّتْ مُنْذُ التَقَتْهُ ، وَمَا زَالَ هَذَا الوُدُّ يَكْبُرُ حَتَّى بَاتَ حُبًّا بَنَى لَهُمَا بَيتًا أَسَاسُهُ المَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ وَالاحْتِرَامُ المُتبَادَلُ. ابْتَسَمَتْ وَهِيَ تَسْتَعِيدُ ذِكْرَياتِ السِّنِين الدَّافِئَةَ وَالعِشْرَةِ الطَّيِّبَةِ وَالآمَالَ وَالآلامَ. قَدْ أَسْعَدَنِي هَذَا الرَّجُلُ وَوَفَّرَ لِي حَيَاةً أَحْبَبْتُهَا وَمَا مَسَّنِي بِسُوءٍ قَط حَتَّى وَإِنِ انْزَعَجَ أَو تَبَرَّمَ. هُوَ مَا انْفَكَّ مَعِي سَمْحًا كَرِيمًا وَلَسْتُ أَدْرِي لِمَ أَشْعُرُ بِهَذَا الفَرَاغِ فِي صَدْرِي وَهَذَا القَلَقِ يَعْتَرِينِي مُنْذُ شُهُورٍ.

    التَفَتَتْ نَحْوَ صُورَتِهِمَا حَيثُ ابْتَسَامَتُهُ وَابْتِسَامَتُهَا وَمَدَّتْ يَدَهَا تَرْفَعُ الصُّورَةَ وَتُقَبِّلُ ابْتِسَامَتَهُ تِلكَ ، تُناجِيهِ بِبَعْضِ وَلَهٍ وَوَجْدٍ ثُمَّ تُعِيدُهَا إِلى مَكَانِهَا. لِمَ هَذَا الوَجْدُ يَجْتَاحُنِي؟؟ وَلِمَ أَشعُرُ بِهِ حَائِرًا وَأَرَاهُ وَجِيدًا تَهْرُبُ نَظَرَاتُهُ مِنِّي وَبَعْضُ دَمْعٍ حَبِيسٍ فِي عَيْنَيهِ يُفْصِحُ؟ لَيتَهُ يُصَارِحُنِي بِمَا يُؤْلِمُهُ فَأُهَدْهِدَ رُوحَهُ وَأُلَمْلِمُ شَتَاتَ مَشَاعِرِهِ. لَيتَهُ يُفْصِحُ لِي عَمَّا يُتْعِبُهُ فَلَيسَ ثَمَّةَ مَنْ يَهْتَمُّ لَهُ وَلِرَاحَتِهِ مِثْلِي!

    انْتَبَهَتْ مِنْ خَيَالِهَا إِذْ وَصَلَ فَسَارَعَتْ وَهِيَ تَمْسَحُ بَقَايَا دُمُوعٍ بَرِيئَةٍ وَتَرْسِمُ بَسْمَةً كَبيرَةً تَسْتَقْبِلهُ بِهَا تُغَالِبُ وَجْدَهَا . قَبَّلَ جَبِينَهَا وَضَمَّهَا بِحُنُوٍّ ثُمَّ ابْتَسَمَ شَاكِرًا مَا يَرَى مِنْ حَفَاوَةِ اللِقَاءِ ونَسَائِمِ العِطْرِ فِي الأَجْوَاءِ. أَمْسَكَتْ يَدَهُ بِرِقَّةٍ بَعْدَ أَنْ تَنَاوَلا الطَّعَامَ تَتْبَعُهُ إِلى حَيثُ المُتَّكَأِ وَهِيَ تَهْمِسُ بِدَلالٍ:
    - اشْتَقْتُ لَكَ يَا جُوزِيفُ.
    - وَأَنَا أَكْثَرُ يَا مَارِيَّا.

    جَلسَ وَجَلَسَتْ ، وَعاَد الصَّمْتُ يَسُودُ المَكَانَ ؛ عَيناهَا تَبحًثُ عَن عَينيهِ الهَارِبتينِ حَتَّى اصْطَادَتهُمَا بِنَظْرَةٍ وَدَمْعَةٍ. تَنَحْنَحَ مُرْتَبِكًا ثُمَّ قَالَ:
    - هِيَ زَمِيلَتِي فِي العَمَلِ. لَسْتُ أَعْلَمُ كَيفَ تَسَلَّلَتْ إِلى قَلبِي الذِي يُحِبُّكِ حُبَّا جَمًّا. حَاوَلْتُ الهَرُوبَ وَحَاوَلَتْ فَلَمْ نُفْلِحْ. تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحِبُّكِ وَأُرِيدكِ وَلَكنَّنِي مُتَعَلِّقٌ بِهَا أَيضًا بِشَكلٍ يَستَولِي عَلَيَّ وَأَشعُرُ بِحُبِّهَا وَحَاجَتِي لَهَا. هِيَ لَيستْ أَجْمَلَ مِنْكِ وَلا أَرَقَّ وَلَكنْ بِينَنَا مِنَ الاهْتِمَامَاتِ والمُيُولِ مَا يَجْعَلُنِي لا أَسْتَطِيعُ إِلا أَنْ أُحِبَّهَا وَأُرِيدَهَا.
    - ....
    - أَنَا أُصَارِعُ مَشَاعِرِي هَذِهِ مُنذُ حِينٍ وَأَهْرُبُ مِنْ كُلِّ شِيءٍ إِلَيكِ ؛ أَنْتِ التِي لا مِثلكِ حُنُوًّا وَرِقَّةً وَوَفاَءَ ، وَلَكِنِّي أَفْشَلُ وَأَتَأَلَّمُ بَينَ رَغْبَتِي بِكِ وَرَغْبَتِي بِهَا.

    مَالَ عَلَيهَا - وَقَد خَذَلَتْهُ عَينُهُ - وَضَمَّهَا بِرِفْقٍ:
    - سَامِحِيني حَبيبَتِي ، مَا قَصَدْتُ أَنْ أُؤْذِيَكِ بِشَيءٍ وَأَنْتِ مَنْ أَغْدَقَ عَلَيَّ بِحُبِّهِ وَاحْتَمَلَ مِنِّي نَزَقِي وَشَارَكَنِي الحَيَاةَ بِحُلوِهَا وَمُرِّهَا.
    - لا تَعْتَذِرْ حَبِيبي! لا كُنْتُ وَلا كَانَ مَنْ يَضْطَرُّكَ لأَلَمٍ أَو اعتِذَارٍ!

    غَالَبتْ تَمْسَحُ دُمُوعًا ثُمَّ أَرْدَفَتْ:
    - أَنْتَ عِنْدِي كُلُّ هَذِهِ الحَياةِ وَمَا أَرَدْتُ يَومًا سِوَاكَ ، وَلَيتَ فِي القَانُونِ مَا يَسْمَحُ فَأَظَلُّ زَوْجَكَ مَا عِشْتُ ، وَتَكُونُ هِيَ لَكَ زَوجًا أحْتَرمُ وُجُودَهَا في حَيَاتِكَ ، لَكِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مِمَّا لا يَسْمَحُ بِهِ قَانُونُ الدَّولَةِ وَلا حَتَّى الكنِيسَةُ ، وهَا بَاتَ عَلَيكَ أَنْ تَخْتَارَ بَينَنَا غَيرَ مُذَمَّمٍ ، وَإِنِّي لَولا أَنْ تَظُنَّ بِي غَضَبًا مِنْكَ أَو نُفُورًا عَنْكَ لَسَارَعْتُ أُفْسِحُ لَهَا المَكَانَ الذِي يَسْعَدُ بِهِ قَلْبُكَ وتهْنَأَ بِهِ نَفْسُكَ.

    اتَّصَلَتْ بِهَا بَعْدَ أَيَّامٍ تُعَدِّدُ مَنَاقِبَ جُوزِيفَ وَتُوصِيهَا بِهِ خَيرًا وَتَتَمَنَّى لَهُمَا السَّعَادَةَ وَالسُّرُورِ وَتَسْتَأْذِنُهَا فِي أَنْ تَكُونَ صَدِيقَةً لَهُمَا تَطْمَئِنُ عَلَيهِمَا بَينَ الحَينِ وَالحِينِ
    .
    أَغْلَقَتِ الهَاتِفَ وَالتَفَتتْ إِلَيهِ تُغَالبُ دَمْعةَ فِرَاقٍ بَابْتِسَامَةِ وُدٍّ وَقَالَتْ:
    - أَتَمَنَّى لَكُمَا السَّعَادَةَ ، وَسَأَكُونُ لَكَ دَومًا حَيثُ وَضَعْتَنِي لا يَكُونُ مِنِّي إِلا مَا تُمْلِيهِ فُرُوضُ الحُبِّ الصَّادِقِ. هَلْ تَسْمَحُ لِي بِالاحْتِفَاظِ بِهَذِهِ االصُّورَةِ ذِكْرَى عَهْدٍ مُحَبَّبٍ جَمِيلٍ؟

    عَانَقَهَا وَقَبَّلَ رَأْسَهَا وَاخْتَلَطَتْ بَينَهُمَا دُمُوعُ الشَّوقِ وَالفِرَاقِ.

    **************


    لَمْلَمَ يُوسُفُ بَقَايَا أَورَاقِهِ بَعْدَ يَومٍ جَامِعِيٍّ طَوِيلٍ ، وَأَسْرَعَ يَلْبسُ مِعْطَفَهُ الثَّقِيلِ مُحَدِّقًا عَبْر النَّافِذَةِ يَنْظُرُ لِنَهَارٍ شُتْوِيٍّ تَكَادُ تَتَفَطَّرُ مِنْ بَرْدِهِ أَكْبَادُ الصُّخُورِ. كَانَ عَليهِ أَنْ يُسْرِعَ لإتْمَامِ بَعْضَ أَوْرَاقٍ عَلَى مَكْتَبِهِ فِي عَمَادَةِ الكُلِيَّةِ ثُمَّ يَنْطَلِقُ لِتَسجِيلِ بَرْنَامَجٍ مُهِمٍّ لإِحْدَى القَنَواتِ الفَضَائِيَّةِ.

    - هَذَا مِلَفُّ طَالبٍ يَرْجُو فِيهِ إِعْفَاءَهُ مِن الرُّسُومِ الجَامِعِيَّةِ لِظَرفِهِ الصَّعْبِ ، وَهَذَا مِلَفٌّ جَهَّزْتُهُ لَكَ حَولَ دِرَاسَتِكَ "تَأثِيرُ الحَالَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ عَلى مُسْتَوَى التَّحْصِيلِ". سَأُجَهِزُّ لَكَ الآنَ فِنْجَانًا مِن القَهْوَةِ وَأُحَضِّرُ لَكَ بَعْضَ أَورَاقٍ تَخُصُّ لِقَاءَكَ التِّلْفَازِي بَعْدَ قَلِيلٍ.

    ابْتَسَمَ لَهَا مُمْتَنًّا ثُمَّ أنْهَمَكَ فِي إِنْهَاءِ المِلَفَّاتِ سَرِيعًا قَبلَ أَنْ يَدْهَمَهُ الوَقْتُ. هِيَ زَمِيلَتُهُ أَسْتَاذَةٌ تُشَارِكُهُ تَخَصُّصَهُ وَبَعْضَ مَسؤُولِيَاتٍ جَامِعِيَّةٍ أُخَرٍ ، لَكِنْ كَانَ لِلقَدَرِ مَسَارُهُ وَلِلقَلْبِ قَرَارُهُ فَقَدْ شَغَفَهَا حُبَّا بَدَمَاثَتِهِ وَوَقَارِهِ وَرُقِيِّ هِمَّتِهِ. وَمَا زَالتْ تُؤْثِرُهُ عَلَى نَفْسِهَا وَتَتَفَانَى فِي رِضَاهُ وَرِعَايَتِهِ بِرِفْقٍ وَصِدْقٍ حَتَّى وَجَدَ قَلْبَهُ يَنْسَاقُ إِلَيهَا بِلا تَكَلُّفٍ وَنَفْسَهُ تُنَازِعُهُ مَيلَهُ إِلَيها وحِرْصَهُ عَلَى زَوْجٍ يَودُّهَا وَيَسْعَى فِي سَعَادَتِهَا وَرِضَاهَا لا يَرُدُّه عَنْ ذَلِكَ مَا يَجِدُ مِنْهَا مَن كَدَرِ مُغَالِبٍ وَجَدَلِ مُجَاذِبٍ.

    لَمْ يَنْسَ مَا كَانَ مِنْ كَدَرٍ أَثَارَتَهُ البَارِحَةَ فَاشْتَرَى طَاقَةَ وَرْدٍ أَنِيقَةٍ فِي طَرِيقِهِ لِلبَيتِ بَعْدَ لِقَاءٍ نَاجِحٍ. لَقَدْ أَحَبَّهَا وَتَوَدَّدَ لَهَا رَغْمَ زَواجِهِ التَّقْلِيدِي وَألْزَمَتْهُ أَخْلَاقُهُ أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْهَا وَأَن يَجِدَ لَهَا العُذْرَ تلوَ العَذرِ ، وَاحْتَوَاهَا فَلَمْ يَضِقْ يَومًا ذَرْعًا بِمَا سَاءَهُ مِنْ نَزَقِهَا وَتَجَاهُلِهَا لِمَشاعِرِهِ بَلْ وَاسْتِخْفَافِهَا بِقَدْرِهِ الذِي يَوَقِّرُهُ الجَمِيعُ.

    دَخَلَ البَيتَ بِابْتسَامَةٍ عَرِيضَةٍ يَبْحَثُ عَنْهَا حَتَّى وَجَدَهَا تَحْتَسِي القَهْوَةَ بِعُبُوسٍ ظَاهرٍ زَادَ فِي أَثَرِهِ شَعَرٌ لَمْ يُسَرَّحْ وَمَلابِسُ لَمْ تُهَنْدَمْ. جَلَسَ إِلَى جِوَارِهَا يَحْتَضِنُهَا فَدَفَعَتْهُ عَنْهَا. قَدَّمَ لَهَا طَاقَةَ الوَرْدِ مُبْتَسِمًا فَأَمْسَكَتَهَا تَنْظُرُ باسْتِخْفَافٍ وَقَالَتْ:
    - أَهَذَا كُلُّ مَا قَدِرْتَ عَليهِ؟
    - لا شَيءَ فِي الكَونُ أَثْمَنُ عِنْدِي مِن ابْتِسَامَتِكِ يَا مَرْيَمُ ، وَلَمْ يُسْعِفُنٍي وَقْتِي اليَومَ لأَكْثَرِ مِنْ هَذَا ، وَالوَرْدُ جَمِيلٌ عَاطِرٌ كَشَوقِي وَعِشْقِي.
    - هَذَا مَا أَجِدُ مِنْكَ دَومًا ؛ كَلامًا رَقِيقًا تُخَاتِلنِي بِهِ ، وَحَدِيثًا عَنْ شِوقٍ وَعِشْقٍ لا أَجِدُهُ مِنْكَ ، وَوَرْدًا لا قِيمَةَ لَهُ تَظُنُّ أَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ رِضَاي.
    - هَلْ سَتَبْدَئِينَ مُجَدَّدًا؟ عَشْرُ سَنَواتٍ عِشْناهَا سَوِيَّةً لَمْ أحْرِمْكِ مِنْ شَيءٍ مَادِّيًّا كَانَ أَو مَعنَويَّا ، أَمْسَكْتُكِ بِمَعْرُوفٍ وَحَفِظْتُكِ فِي نَفْسِي ، وَاحْتَمَلتُ مِنْكِ الجَورَ حُكْمًا وَالكَدَرَ عاَدَةً وَالجُحُودَ استِزَادَةً ، وَحَرِصْتُ جَهْدِي لأَكُونَ لَكِ نِعْمَ الزَّوْجِ الحَافِظِ وَالشَّرِيكِ الحَانِي ، وَلَستُ .....
    - أَأَنَا مَنْ يَبْدَأُ أَمْ أَنْتَ؟؟ عَشْرُ سَنَواتٍ وَأَنَا أَحْتَمِلُ مَعِيشَتِي مَعَكَ وَمَا عُدْتُ أُطِيقُ هَذَا. أَنْتَ لا تُقَدِّرُ قِيمَة ما عِندِك أَمْ تُرَاكَ نَسِيتَ كَمْ تَقَدَّمَ لِي مَنْ هُمْ خَيرٌ مِنكَ ، وَكَانُوا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ يُوَفِّرُوا لِي حَيَاةً أَفْضَل مِنْ حَيَاتِكَ المُقْرِفَةِ هَذِهِ. وَيحِي كَيفَ رَفَضْتُهُمْ وَقَبِلْتُ بِكَ! سَامَحَ اللهُ أَبِي.
    - وَسَامَحَ اللهُ أُمِّي ، وَلَكِنِّي أُوَفِّرُ لَكَ حَيَاةً كَرِيمَةً وَأُسْرَةً مُحْتَرَمَةً وَأَحْفَظُكِ بِالمَعْرُوفِ.

    حَاولَ أَن يَضُمَّهَا إِليهِ بِوُدٍّ فَدَفَعَتهُ عَنْهَا بِغِلْظَةٍ. صَمَتَ قَليلا يَبْتَلِعُ أَلَمَهُ ثُمَّ أَرْدَفَ:
    - تَعْلَمِينَ يَا مَرْيَمُ أَنَّكِ مَنْ يَبَادرُ غَالبًا إِلَى الكَدَرِ وَالجَدَلِ والتَّأَفُّفِ ، وَمَا أَتَيتُكِ دَومًا إِلا بِوُدِّي وَوَرْدِي ، فَمَا الذِي لا يُرْضِيكِ فِي حَيَاةٍ يَحلُمُ بِهَا الكَثِيرُ؟ هَلْ قَصَّرْتُ بِحَقِّكِ يَومًا؟؟ هَلْ قَسَوتُ عَلَيكِ يَومًا؟؟ هَلْ ...؟
    - لا أَعْلَمُ ، لا أَعْلَمُ! كُلُّ ما أَعْلَمُهُ أنَّكَ مُقَصِّرٌ مَعِي وَقَاسٍ في حُكْمِكَ عَلَيَّ.
    - التَّقْصِيرُ وَالقَسْوَةُ مَعَانٍ تَخْتَلِفُ بِحَسْبِ وُجْهَاتِ النَّظَرِ وَمَآرِبِ النُّفُوسِ ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِيهِمَا التَّجَرُّدُ وَالصِّدْقُ مَع النَّفْسِ ، وَأَنَا أُحَاسِبُ نَفْسِي تَهذِيبًا كُلَّمَا تَجَاوَزَتْ فَمَا مِنْ أَحَدٍ بَلَغَ حَدَّ الكَمَالِ فَهَلْ بَلَغْتِ؟
    - يَكْفِينِي جَمَالِي هَذَا وَكَانَ عَليكَ أَنْ تَكُونَ شَاكِرًا أَنِّي زَوجُكَ. مَنْ كَانَ سَيَقْبَلُ بِكَ إِلا حَمْقَاءُ مِثْلِي؟.

    ابْتَسَمَ بِمَرَارَةٍ وَهُوَ يَنْظُرُ بِهُدُوءٍ إِلَى لِبَاسِهَا وَشَعَرِهَا وَعُبُوسِهَا. تَنَهَّدَ عَمِيقًا بِينَ حَيرَةٍ وَأَسٍف. كَانَ كَثِيرًا مَا يُرَاجِعُ أَمْرَهُ مَعَهَا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا ؛ يَأْسَفُ مِنْ تَبَرُّمِهَا وَجُحُودِهَا وَيَتَأَلَّمُ مِنْ إِصْرَارِهَا عَلى أَنْ تَحْشُرَهُ فِي زَاوِيَةِ الاتِّهَامِ بِظُنُونَ لا تُوجَدُ إِلا فِي مُخَيِّلَتِهَا ، وَاليَومَ وَجَدَ نَفْسَهُ أَكْثَرَ إِلحَاحًا فِي أَنْ يوَاجِهَ حِيرَتَهُ وَتَرَدُّدَهُ وَأن يَرحَمَ نَفْسَهُ التِي لَطَالمَا آثَرَ عَلَيهَا ، وَقَرَّرَ.
    - حَسَنًا يَا مَرْيَمُ ، فَهُنَاكَ مَنْ تَقْبَلُ بِي وَهِيَ رَاضِيَةٌ رَاغِبَةٌ فَخُورَةٌ ، وَلَعَلَّهُ قَد حَانَ الوَقْتُ لأَتَزَوَّجَ بِهَا.
    - مَاذَا؟ هَا أَنْتَ تكْشِفُ عَن غَدْرِكَ وخِيانَتِكَ ، وَسَأَعَلِّمُكَ دَرْسًا لَنْ تَنْسَاهُ إِنْ لَمْ تَتَرَاجَعْ عَنْ قَرَارِكَ هَذَا وتَعْتَذِرْ لِي.
    - كَلا لَنْ أَتَرَاجَعَ. وَأَنَا لم أَغْدُرْ وَلَمْ أخْدَعْ وَإِنَّ الذِي أَبَاحَكِ لِي هُوَ مَنْ أَبَاحَ غَيرَكِ. أَنَا لَنْ أَتَخَلَّى عَنْكِ ولَنْ أَهْضِمَ حَقَّكِ ، وَلَكِنِّي أُرِيدُهَا أَيضًا وَأَحْتَاجُهَا.

    أَسْرَعَتْ إِلى صُورَتِهِمَا المُعَلَّقَةِ فِي زَاوِيَةٍ مُهْمَلَةٍ عَلَى الجِدَارِ وَنَزَعَتْهَا نَزْعًا ثُمَّ أَلْقَتْهَا عَلَى الأَرْضِ بِنَزَقٍ لِتُحَطِّمَهُ بِهَا إِلى شَظَايَا مِنْ هَشِيمٍ. أَمْسَكَتْ الهَاتِفَ وَهِيَ تُزْبِدُ بَحْثًا عَنْ أَرْقَامِ أَهْلِهَا:
    - سَتَنْدَمُ ، وَسَتَدْفَعُ الثَّمَنَ غَالِيًا!

    أَمْسَكَ الصَّحِيفَةَ وَهُوَ يَتَحَسَّسَ جُرْحًا فِي رَأْسِهِ وآخَرَ فِي قَلْبِه يَقْرَأُ بِحَسرَةٍ عُنْوَانًا رَئيسِيًا "أُسْتَاذٌ جَامِعِيٍّ يَتَعَرَّضَ لِهُجُومٍ هَمَجِيٍّ مِنْ قِبَلِ مَجْهُولِينَ" ، ثُمَّ التَفَتَ إِلى وَرَقَةٍ وَصَلَتْهُ صَبَاحًا مِنْ مُحَامِيهِمْ تُطَالِبُهُ بِالمُثُولِ أَمَام المَحْكَمَةِ لِدَفْعِ النَّفَقَةِ وَالمُقَاضَاةِ فِي طَلَبِ مُخَالَعَةٍ.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي


    - التَّقْصِيرُ وَالقَسْوَةُ مَعَانٍ تَخْتَلِفُ بِحَسْبِ وُجْهَاتِ النَّظَرِ وَمَآرِبِ النُّفُوسِ ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِيهِمَا التَّجَرُّدُ وَالصِّدْقُ مَع النَّفْسِ ، وَأَنَا أُحَاسِبُ نَفْسِي تَهذِيبًا كُلَّمَا تَجَاوَزَتْ فَمَا مِنْ أَحَدٍ بَلَغَ حَدَّ الكَمَالِ فَهَلْ بَلَغْتِ؟
    ما شاء الله
    قصّة رائعة جدّا وهادفة ..
    بارك الله فيك وفي قلمك وفكرك النّيّريْن ، كم هي ممتعة نصوصك أستاذنا الكريم د . سمير العمري ، حقّا تمتلك قلماً رائعاً وفكراً خصباً ، زادك الله من فضله
    دمتَ ودام هذا الفيض البياني الأدبي أخي الكريم
    ولي عودة بإذن الله لأعيد قراءتها مرّات ..
    واعذرني أستاذي كنتُ أودّ أن أقول للتثبيت استحقاقاً ولكن للأسف وجدتُ نفسي في قسم القصة وليسَ في قسم النّثر نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    تحياتي والمودة مع فائق الاحترام
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع بن المدني السملالي ; 24-02-2012 الساعة 12:44 AM

  3. #3
    الصورة الرمزية عايد راشد احمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : تائه في دنيا المعاني
    المشاركات : 1,865
    المواضيع : 49
    الردود : 1865
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله

    دكتورنا الفاضل سمير العمري

    تركتنا مع اقصوصتين كلا منهما تحكي واقعة بطرح يختلف عن الاخري في الفهم والحب

    الاولي اثنان يعطيان مشاعر لكن الرجل لم يكن علي مستوي عطاء زوجته الا انهما افترقا بمعروف

    والثانية جحود من زوجة يقابله تفاني من الزوج لكن النتيجة كانت لا تسر وافترقا بمحكم

    نحن امام موقفين متناقضين ونتائج مختلفة

    لا اجيد المدح لكن العمل يمدح نفسه

    تقبل مروري وتحيتي
    صاحب البسمة والنسمة
    تقيمك بمشاركة مطلوب كما انت تحتاج فلا تبخل

  4. #4
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.19

    افتراضي

    جوزيف و يوسف و عشر سنوات زواج و حب جديد في حياة كل منهما ،

    هل يستويان ؟؟

    دين مختلف و قوانين مختلفة ، لكن للنفوس كلمتها عند الخطوب .

    سألت نفسي :

    لمَ تعاطفت مع زوجة جوزيف و لم أتعاطف مع زوجة يوسف ؟؟

    و أجبت :

    لأنني ملتُ حيث وجدتُ أثرا للمعروف .

    قد تبدو القصة الأولى مثالية ، و الثانية واقعية ، لكن مثالية الأولى

    لا تعني أنها لا تحدث إلا في الخيال ، و واقعية الثانية لا تعني أنها تعبّر عن السلوك الصحيح .

    فمن عرف الحبّ الحقيقي ، تجد التضحية إلى قلبه طريقا معبّدا ،

    و يعلم أن الإمساك لا يكون إلا بمعروف ، و ليس بالإجبار و الإكراه ،

    و يعلم أن الفراق لا يعني الإنفصال و العداوة .

    ذكرتني حالة زوجة جوزيف و هي تستبقي الصورة للذكرى ، بقصيدتي

    " عزمت على الرحيل " حين قلت :

    مَنِ الهَيْفَاءُ قُرْبَكَ ؟؟ مِنْ حَلاَها = كَإِنّي خِلْتُها دُرَّ اللآلي

    سَقَتْكَ بِحُسْنِهَا الفَتَّانِ حَتَّى = رَأَيْتُكَ قَدْ أُسِرْتَ بِلاَ نِزَالِ

    هَمَمَتُ بأَنْ أَسِيرَ إِلَيْكَ لَكِنْ = عَدَلْتُ عَنِ المَسِير لِمَا بَدَا لي

    سَكَبْتُ مِنَ الفُؤادِ دُموعَ حُزنٍ = فَقَدْ صَارَ اللِّقاءُ مِنَ المُحَالِ

    و عُدْتُ إلَى دِيَارِيَ فِي انْكِسَارٍ =و جَمْرُ الوَجْدِ يُلْهِبُهُ اشْتِعَالي

    وَمَا غَيْر التَّفّكّرِ لِي أَنِيسٌ = يُعَالِجُ لَهْفَتي وَ بِهِ انْشِغالي

    إلَيْكَ أحِنُّ فِي سُهْدِ اللَّيَالِي = كَمَا حَنَّ اليَبيسُ إلَى الطِّلال


    أما زوجة يوسف فرأيت أنها تستحق أن يقول لها بعد أن كسرت صورتهما بكل عنف : " أنا لا أراك "

    آثَرْتِ نَـقـْضَ عُهُودِنا = فِي طُهْرِهَا شَبّتْ لَظاكِ ؟؟

    أَمْـعَـنـْتِ فِي ضَـرْبِ الخَنَاجرِ = و احْتَمَلْتُ ، وَمَا كَفَاكِ

    أَذْكَـيـْتِ حِقْدِكِ في دَمي= وَ مَضَـيـْتِ نَاظـِرَةً هَلاكِي

    سَـقَـطَ الـقـِنَاعُ، تَكَشَّفَتْ = عَوْرَاتُ قَلْبِـكِ يَا مَلاَكِي

    مَا أضْـيـَعَ العـُمـْرَ الـذِّي = أَنْـفـَقـْتـُهُ أَبْـغِي رِضَاكِ


    =======

    قصتان رائعتان تفرضان على القارئ النظر في أدق جزئياتهما ،

    و إجراء المقارنة ليستخرج الفارق بينهما .

    الدكتور سمير العمري ،

    لنصوصك النثرية و القصصية عبق مختلف قريب من النفس ،

    يلمس أعمق أفكارها و يحرّك أبعد تأملاتها .

    شكرا لك على ما أتحفتنا به من مشاعر إنسانية ، لا تخلو من زفرات مؤلمة ،

    لكنه ألمٌ موَجِّه ، يرسل إشارات تربوية ، فضلا عن الإشارات الأدبية الفنية التي عنوانها :

    المدرسة العمرية لفنون الكتابة .

    عذرا عن الإطالة فأدبك يثير شجونا ، و مازال هناك الكثير مما يمكن أن يقال .

    بوركت و دمتَ بكل خير .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  5. #5
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.81

    افتراضي

    لن أطيل التعليق على القصة الرائعة التي قرأتها ، وسأكتفي بالدرس التربوي الذي تعلمته منها، والدرس الأدبي الذي نلته بقراءتها
    وهل يخرج قاريء من قصة للأمير أو قصيدة من دون فائدة أدبية وفكرية يجد أثرها في لغته وتفكيره؟

    أعظم الأدباء من يقدم مع المتعة المنفعة
    وهو ما ننال في أدبك أيها الأمير

    بوركت

  6. #6
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    نموذجان لزوجين كلاهما بلغ من المثالية مداها رغم اختلاف الأديان
    انتهت الأولى بالمعروف الذي أمر به سبحانه وتعالى وذكرى عطرة محببة
    أما الثانية فرغم الجفاء الذي أودى به لخصاصة العاطفة وتوفير مستنهضات الفرار في وقت لم تُقْدح مكانته في بيته كزوج وقيِّم
    بل غض طرفه عن تجاوزاتها , واحتواها حتى أزهق الكأس إلى أصماره فأباح بمكنون قلبه تجاه الأخرى لتكون المعضلة الكبرى
    كمن فتح على نفسه باب الجحيم
    نهايتان بالفراق نعم .. ولكن الاختلاف كبير بين هذا وذاك
    فالأولى نشفق على الزوجة ونقول أن ماسمي القلب إلا لتقلب أحواله
    والثاني ننعي الزوج من غوارب امرأة ضغنته رغم ماأفرده لها من مشاعر محبة واحتواء
    سيدي الفاضل د. سمير
    ماقرأت هنا قصة ..
    بل هي مدرسة في التأديب والتهذيب وحسن المعاملة .. مدرسة عُمرية عهدناها دائما في نصوصك شعرية كانت أو قصصية أو نثرية
    تترك لنا نهجا نتكئ عليه في حياتنا الاجتماعية
    ودرسا قيما نتبع خطاه علنا نحظى ببعض محاولة لاقتفاء آثاره
    أمير واحتنا ..
    كل حروف الثناء لاتفي
    دمت بالخير والرضا
    ولكم جل التقدير والاحترام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    الصورة الرمزية رشدي مصطفى الصاري أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : الرياض المملكة العربية السعودية
    العمر : 57
    المشاركات : 164
    المواضيع : 16
    الردود : 164
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الفاضل د.سمير العمري
    يتسمر المرء أمام هذه الشاشة البراقة حينما يتنوع الإبداع...وتنتفض كل حواسه
    بل ولابد له أن يستجدي الحاسة الأخرى علها تسعفه فيما يعوزه لفهم بعض المكامن الأدبية هنا وهناك...
    ولعمري في ذلك قمة النجاح في هذه الواحة..
    وبعد.
    سيدي الفاضل
    كلما قرأت لك في قصائدك أيقنت أنني في عصر عنترة...لغة قويمة ومفرادت طيعة تنساب بقلم عذب وفكر نير
    ولكن أرجو أن يتسع صدرك لشيْ في نفسي..؟!
    وأرجو أن تمنحنا بعض الديمقراطية التي نبحث عنها نحن العرب ونبذل الغالي من أجلها...راجياً أن تتوفر في هذه الواحة الرائعة..
    وهنا أتوجه للسادة أعضاء المنتدى الموقرين وأقول المديح والتغني الدائم والمغالاة لاتخدم المقصود والهدف
    وعندما نقرأ يجب أن نقرأ بتجرد ونحكم ونحلل بواقعية وهدوء ومعاذ الله أن أقصد الإساءة لأي كان
    ولكن ياأخوتي ماأوصلنا إلى مانحن فيه هو المغالاة ووو..!!!!
    ونعود للقصة.. لغة بديعة ولكن هل ماورد معيار للعلاقات الإنسانية..؟أم حكم على بعض الأشخاص وعلاقاتهم الناجحة أو الفاشلة..
    يخلق ميزات وتفاوت في التعبير عن الشرائع السماوية..؟!
    والحقيقة لم أقرأ نمطأ قصصيأ مشابهاً كتلك المقاربة...ولاأدري إن كانت تلك المقاربة تخدم القصة القصيرة كما يجب
    مع احترامي وتقديري لإبداعكم وسموكم الأدبي
    عيناك شاردتان ماذا تبغيان هل تبحثان عن الأليف
    ياحلم عينيك ورؤياهما ماتا مع الانسان والزمن الشريف

  8. #8
    الصورة الرمزية مرمر القاسم أديبة
    تاريخ التسجيل : May 2010
    الدولة : حيفا
    العمر : 46
    المشاركات : 2,201
    المواضيع : 95
    الردود : 2201
    المعدل اليومي : 0.43

    افتراضي

    سأضع نقطة عند الأسماء و أضعها نصب عيني " القارئ "
    جوزيف = يوسف .
    ماريا= مريم .

    و لي عودة بعون الله

    تحية دكتور سمير
    لا يكفي أن تطرق باب الإنسانية لتحس بمجيئها نحوك, عليك أن تخطو تجاهها , و التوقف عن الإختباء خلف الزمن,امرأة محتلة

  9. #9
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    السّلام عليكم أخ رشدي
    وددت التّعليق إن سمحت لي على كلماتك ...
    وهنا أتوجه للسادة أعضاء المنتدى الموقرين وأقول المديح والتغني الدائم والمغالاة لاتخدم المقصود والهدف
    وعندما نقرأ يجب أن نقرأ بتجرد ونحكم ونحلل بواقعية وهدوء ومعاذ الله أن أقصد الإساءة لأي كان
    التّعليقات من قبل الإخوة ليست نقدا، هي آراء تعبّر عن إعجاب أو عدمه بعد قراءة نصّ ما، وأغلبها لا تعتمد على معايير وقوانين نقديّة، حيث لا يعقل أن يكون كلّ القرّاء ناقدين! والمسألة مسألة أذواق أدبيّة، وآراء شخصيّة.
    ونعود للقصة.. لغة بديعة ولكن
    أنقل تعريفا للقصّة القصيرة :

    "سرد قصصي قصير نسبيًا يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن، ويمتلك عناصر الدراما. وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد
    في لحظة واحدة. وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجّه لها. والكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية (أو مجموعة من الشخصيات)
    تقدم في مواجهة خلفية أو وضع، وتنغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف. وهذا الصراع الدرامي ماثل في قلب الكثير من القصص القصيرة الممتازة. فالتوتر من العناصر البنائية
    للقصة القصيرة كما أن تكامل الانطباع من سمات تلقيها بالإضافة إلى أنها كثيرًا ما تعبر عن صوت منفرد لواحد من جماعة مغمورة.

    ويقول ( روبرت لويس ستيفنسون) - وهو من رواد القصص المرموقين..
    ليس هناك إلا ثلاث طرق لكتابة القصة:
    1_ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها.
    2_ أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية.
    3_ أو قد يأخذ جوًا معينًا ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده.

    ويذهب بعض الباحثين إلى الزعم بأن القصة القصيرة قد وجدت طوال التاريخ بأشكال مختلفة، تجسدت بأروع صورة في قصص ربّ العالمين في كتابه الكريم مثل قصص الملك داوود، وسيدنا يوسف ، وإبراهيم ومحمد عليهم الصّلاة والسلام.
    فكان القرآن الكريم كثيرا ما يحتوي على الأسلوب القصصي ..

    وكانت الأحدوثة وقصص القدوة الأخلاقية هي أشكال العصر الوسيط للقصة القصيرة. ولكن الكثير من الباحثين يعتبرون أن المسألة أكبر من أشكال مختلفة للقصة
    القصيرة، فذلك الجنس الأدبي يفترض تحرر الفرد العادي من ربقة التبعيات القديمة وظهوره كذات فردية مستقلة تعي حرياتها الباطنة في الشعور والتفكير، ولها خصائصها المميزة
    لفرديتها على العكس من الأنماط النموذجية الجاهزة التي لعبت دور البطولة في السرد القصصي القديم."
    والقصّتان المعروضتان أمامنا لم أجد فيهما ما لا يخدم هذا اللّون الأدبيّ من الإبداع .. مع أنّي كنت أفضّل نشر كلّ قصّة على حدة
    هل ماورد معيار للعلاقات الإنسانية..؟أم حكم على بعض الأشخاص وعلاقاتهم الناجحة أو الفاشلة..
    زوّدتني القصّتان - إن كنّا نبحث عن معايير للحياة الإنسانيّة الاجتماعيّة - بمعرفة أنماط سلوكيّة فرديّة- للرّجل والمرأة - متناقضة، ومن خلال هذه الصّور يمكن التّعرّف على صفات اجتماعيّة، وإن كانت الأحداث متعلّقة بفرد من الأفراد ... فالشّخصيّة في القصّة الأولى ذكرت القيود الكنسيّة في مجتمعها مع أنّها فكريّا وعاطفيّا ضدّ تلك القيود، لكنّها احترمتها. هذا لا يعني أنّها تمثّل مجتعا كاملا، فهناك الكثير من العلمانيين والإباحيين الذين لا يهمّهم أيّ ارتباط بالدّين ... هنا عرض خاصّ من خلال شخصيّة وأحداث جاءت مترابطة، وبمبنى يلائم ما يعرّف بالقصّة القصيرة، ولا أظنّ أنّ الهدف عرض حياة شخصيّة فاشلة أو ناجحة فقط ... هي حالة موجودة وقد تكون بالآلاف ...
    والقصّة الثّانية ، أحداثها وشخصياتها ليست غريبة عن مجتمعنا، مع أنّ المرأة صوّرت بصورة سلبيّة جدّا، لكنّها لا تعتبر نموذجا للمرأة العربيّة عامّة، بل نموذجا لشخصيّات موجودة وبكثرة
    لهذا، ما ورد هو معيار لحياة خاصّة وعامّة، لكنّها ليست شموليّة وتنطبق على مجتمع بأكمله! ...
    والحقيقة لم أقرأ نمطأ قصصيأ مشابهاً كتلك المقاربة...ولاأدري إن كانت تلك المقاربة تخدم القصة القصيرة كما يجب
    المقارنة او المقاربة ، جاءت برأيي لتعكس لنا صورتين مختلفتين تظهران في مجتمعين مختلفين لنفس الحالة، ولا أجد غرابة في الأسلوب؛ لأنّي كتبت قصّتين قصيرتين جدّا بنفس العنوان" انسجام زوجين" ولم يعترض النّاقدون ... تقبّله كأسلوب جديد!
    أرجو ألّا أكون قد أثقلت
    تقديري وتحيّتي

  10. #10
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.71

    افتراضي

    قرأت القصتين
    ورأيت انك ما اوردتهما معا وعلى ذات الصفحة
    فقط لتجعل القاريءيقارن بين الزوجتين اما الزواجين
    فقد كانا يحملان ذالت المواصفات الأخلاقية
    من المؤكد اننا سوف نتعاطف مع الزوجة الأولى
    وربما نلقي بلائمة كبيرة على الزوج في فعلته بحب اخرى
    أما الثانية فنرى اننا فرحنا لقراره بالزواج من اخرى
    والحمد لله ان الإسلام قد منح الزوج ان يتزوج باخرى حيث
    يستطيع ان تكون له أخرى تمده بشيءمن السعادة المفتقدة مع الأولى

    في القصتين عبرة لكل من الرجل والمرأة
    ولعل القصة الثانية موجودة بكثرة في مجتمعاتنا والغريب ان الزوجة لا تنتبه
    لزوجها ولا تتعظن سلوكها الا بعد ان يتزوج بالثانية وهذا مشاهد بكثرة

    لك الألق ودمت مشرقا

صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. بمعروف(للعمري) بين الموجود والمنشود
    بواسطة كاملة بدارنه في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 05-08-2022, 06:58 PM
  2. بمعروف
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى كِتابُ النَّثْرِ وَالقِصَّةِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-02-2012, 12:11 AM