إلى أحمد بن ماجد ـــ2ــ
رغما عن أنف قراصنة العصور أحببت البحر ..!
ليس عشقا لزرقته ..
وليس اقتناصا لملوحته ..
وحتى ليس رهبة من غدره ..
ولا ذهولا في رحابة مساحته
وليس دهشة لاحتوائه على كائنات ومكونات تفوق خيال ما يوجد في اليابسة..
وليس لأن الأمواج تكنس سطحه بلمعان الزبد لتبدو للرائي كعيون هررة تبرق في خفاء الليل على الطريق ..!
وليس لأنه يطعم الزوارق لسعة الخوف ويستغفل ربانها بزيف الصحو ..
بل أني أحببت البحر حبا لاسمك وتاريخك الذي لم يبخل لا على العرب ولا العجم في محراب الإرث الجغرافي يا حارس البحار ..
أحببت البحر لأني عثرت عليه ضمن متعلقاتك التاريخية في فهرس العقل والقلب
لا تلمني إن كنت أغضب عندما أرى الأخطبوط القادم من خلف البحار يدير الحوار على طاولة السواحل ويعلن قبضته الآثمة على خط سيرك الذي أصبح وشما على جبين الزمن كي يؤكد للعالم قاطبة سيطرته على تلك الخطوط الحمراء , ويقرر مصير الكون بسن قوانين لا تنطبق على مساحة صغيرة من اليابسة فما بالك والبحر احتواء لكل لمعايير ..!
لا ألوم اختيارك لحالة التنائي التي تأتي بك على جناح الغيم رغما عن أنف حالة الصحو .
لتنسل فجأة نحو سماء تبعد عني بعد النجوم عن الأرض , ولا ألوم طقس حضورك عندما يربك كل محطات الارصاد الجوية (ليلغي رحلاتي الى ملكوت الذات المتربعة على عرش الاكتفاء ) فطقس حضورك يدخل في تفاصيل المطر المفاجئ لـ قراءة المناخ المتأخر .
ولا ألوم اعتناقك لحالة التفرد حين تعيش لحظات رسمها لك القلم محض نقطة هائمة على السطر.
ولا ألومك حين تبتكر مسافات لم يكن لها وجود في خانة الزمن إلا لتكون عذرا لتواطئ ساعة تغيب بك لتحضر وتحضرك عنوة لتغيب .
ولا ألوم اللوم لأنه رغم جرعة الكبرياء التي تجترعني على قارعة رباطة جأش قديمة قدم التكوين في ذاتي التي لا تخذلني حين أحكّم العقل وأزن أقوالي وأفعالي على ميزان الكياسة
. ولكن ألوم فقط تلك اللحظات التي تجعل الحياة بك ممتلئة وهي في أوج خوائها , أو تلك اللحظات التي تجعل الحياة مفروغة منك كزجاجة عطر نضب منذ النسيان ..ورغم كل هذا مسكونة أنا بعطر حضورك في أقصى غيابك ..
ألوم ذاتي التي تتكيف بكل قناعة واعتناق مع هذا الطقس الغريب الذي لا يعرف له علماء الارصاد الجوي لغة أو تقنيتها العفوية وعفويتها التكنوفرائحية في مصطلحات القلب ..رب ذنب ما أصبح مغفرة وطهر ورب فعل موسوم بالخير غدا في ساعة الصفا كذنب لابد من الاغتسال منه بالتيمم في تراب الشوق