دَمْعَةٌ عَلَى الصَّدَاقَةِ
بقلم / ربيع السملالي و لطيفة أسير (بلابل السلام)
هَلِ الصَّدَاقَةُ أَسْمَى عَلاَقَةٍ ، أَمْ أَنَّهَا مُجَرَّدُ حَمَاقَةٍ ؟
سُؤَالٌ يُرَاوِدُنِي يُحيّرُنِي يَأْخُذُ بِخِنَاقِي كُلَّ حِينٍ .. لمْ أَجِدْ لَهُ إِجَابَةً وَسَطَ مُجْتَمَعٍ ضَرَبَتْ فِيهِ الْخَدِيعَةُ بِأطْنَابِهَا ، وَجَلَبَتْ عَلَيْهِ الْخِيَانَةُ بِخيْلِهَا وخُيَلاَئِهَا وَرَجْلِهَا .
لَوْ جَازَ لِعَيْنَيَّ أَنْ تَذْرِفَ دَمًا لاَ دُمُوعًا ، لَمَا وَجَدَتْ غَيْرَ الصَّدَاقَةِ مَوْضُوعًا ، كَيْفَ لاَ ؟ وَالصَّدَاقَةُ كَالْمِظَلَّةِ إذَا سَاءَ حَالُ الْجَوِّ اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا ...
عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَبْكِ مَنْ ضَاعَ عُمْرُهُ ...وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ ولاَ سَهْمُ
تَنْدُبُ حَظَّهَا الْعَاثِرَ فِي زَمَنٍ نَاسُهُ لاَ يَمتُّونَ لِلْوَفَاءِ بِهَاجِسٍ ، ولاَ لِلْإِخَاءِ بِصِلَةٍ ، إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ، وَقَلَيلٌ مَا هُم.. تَنَكَّرَ لَهَا الْخِلاَّنُ ، وَتَلَثَّمَ بِاسْمِهَا اللِّئَامُ ، الّذِينَ يَقُولُونَ بِأفْواهِهِم ما ليْسَ في قُلُوبِهِم ، هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ :
وَإِذَا الصّدِيقُ رَأَيْتَهُ مُتَمَلِّقاً ... فَهُوَ الْعَدُوُّ وَحَقُّهُ يُتَجَنَّبُ
تَلْقَاكَ هَذِهِ بِابْتِسَامَةٍ عَرِيضَةٍ ، وَيُثْنِي عَليْكَ هّذَا بِكَلِمَاتٍ حَمِيدَةٍ ، تَخَالُ نَفْسَكَ بَيْنَ صُحْبَةٍ هَنِيَةٍ تَحْفَظُكَ صُبْحًا وَعَشِيَّةٍ ، ، فَإِذَا هِيَ مُجَرَّدُ مَسْرَحِيَّةٍ ، أَبْطَالُهَا ذِئَابٌ فِي مِسْلاَخِ إنْسَانٍ .. نَسَجَتْ خُيُوطَهَا شُخُوصٌ عَنْكَبُوتِيةٌ ...
وَا حَسْرَتَاهُ ، وَا لَوْعَتَاهُ :
بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ ... وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟
وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ ... ذِئَاباً عَلَى أَجْسَادِهِنَّ ثِيَابُ
مَاكُنْتَ تَجْهَلُهُ أَبْدَتْهُ لَكَ الأَيَّامُ ، فَلاَ صُحْبَةٌ وَلاَ خُلَّةٌ يَا كِرَامُ ..
ولله دَرُّ أبِي حيَّان التَّوْحِيدِي إذْ قالَ : وَقَبَلَ كُلِّ شَيْءٍ يَنْبَغِي أَنْ نَثِقَ بِأنَّهُ لاَ صَدِيقَ ، ولاَ مَنْ يَتَشَبَّهُ بِالصَّدِيقِ . اهـ
أَيَا رَبِّ كُلُّ النَّاسِ أَبْنَاءُ عِلَّةٍ ...أَمَا تَعْثُرُ الدُّنْيَا لَنَا بِصَدِيقِ ؟
اللّهُمَّ نَفِّقْ سُوقَ الْوَفَاءِ فَقَدْ كَسَدَتْ ، وَأصْلِحْ قُلُوبَ النَّاسِ فَقَدْ فَسَدَتْ ، ولاَ تُمِتْنِي حَتَّى يَبُورَ الْجَهْلُ كَمَا بَارَ الْعَقْلُ ، ويَمُوتَ النَّقْصُ كَمَا مَاتَ الْعِلْمُ ...