هواجس الروح على سرير المساء..!!

يأتي المساء
و يأتي الليلُ مُحمَّلا بالحكايا
التي قد تسقط السيف من يد السياف
أو يغفو على إثرها الصغار
يأتي الليل محملا بالأفراح كما الأتراح
على أجنحة الحلم يحلق بنا
و بالعبرات نتمنى ألا يطول
و ليلي من سرداب الصمت نطق
و بالبسمة على الثغر طارد الوجع
أضحى ليلاً قزحي الألوان

في توليفةِ النومِ وعمقِ السهاد
عقلي المجنونُ يرافقُ شبحَ ابن آوى
فتتفجرُ عاصفةٌ بداخلي ..
تنغرسُ حمَّى فِي أَوْصَالي
أرتعشُ في صمتٍ باردٍ
و في رغبةٍ هوجاءَ ..بينَ النومِ و اليقظَة
أدخلُ مملكةَ عشقِك ..أعطرُها بعبقِ الأمَل
أدسُّ فيها شوقَ الِّلقاء
أزرعُها حُبا .. أعطرُها حنانًا
و أنشدُ أغنيةَ الأحْلام
أحلام عِناق عملَتك الصَّعبة

يأتي المساء لتختلي النفس و معها القلم
يأتي المساء ليكشف أسرار اليوم المخبوءة
يأتي المساء فتقض المضاجع حينا ..
و تسكن أرواح أحايين أخرى
يأتي المساء بأجمل همس ليسحرنا بأجمل حرف ..
لنعيش مع أرق إحساس و ليحلق بنا في فضاء البوح النابض

حين يأتي المساء
ترحل عنا أشياؤنا ..
تضيع منا أرواحنا ..
بالخاطر تجول ذكرياتنا
تعثر على حقائب أحبابنا
و في زوايا الفؤاد ،
لحظاتهم تغزونا ..
فيشتاق القلب المشتاق
تتدفق أنهار من الشوق في الخافق
و جمرة ملتهبة لا يطفئها إلا مساء رقراق

عندمَا يأتِي المسَاء
يسودُ الصمتُ لحظاتِي
أطفئُ الأنوارَ
إلا نور حروفكُم
هو أُنْسِي و كلامي
إلَى مسمعِي تنسابُ أصواتكُم
و على صهوةِ النجومِ أسافِرُ
إلى عوالمكُم

عندما يأتي المساء
نسدلُ الستارَ على يومٍ شاق
نخبرُ السماءَ ببوحِ الروح
نتجولُ عبر سطورِ الحياة
ندعُ الروحُ تسبحُ في ملكوتِ الأحْلام
نسمعُ صدَى القلوبِ وحديثَ الروحِ للروح
لننسجُ خيوطَ بسمةٍ منسوجةً بليلِ القمَر

حين يأتي المساء
كالنسمةِ...
أتسللُ إلى الأعماق
أسبرُ الأغوار
أبحث ُعن صورتي
بينَ الأوراق
أسكنُ أساطيرَ الأحلام
أراقصُ نجومَ الآفاق

عندما يأتي المساء
أطوف بحار العالم بلا مجداف
تهزني سفينة السكينة
لتزفني الرياح الشرقية
خارج الحدود

من شقوق الجدران الباردة
من الأقاصي
أطل علي هذا المساء
برداء البياض مدثر
بشدو البلابل مغرد
لينفث في الروح
سحر المساء

هذا المساء ..كالطير، يممتُ شطري صوب سماء الانعتاق الشاسعة ..توسدت حضن الأحلام أبحث عن لحن أغنيتي و أكتشف النجوم عن قرب..كنت أظن أنه طوق النجاة ، و أن الصبح سيلوح نوره وقت الغروب ، و أني سأبرأ من ربقة السراب و أنزع شوكة الظن من الصدر..
لكن هيهات هيهات ..فما هي إلا أصداء مترهلة ينز لها السمع وشهقات مهشمة تغرس مديها بين الضلوع و زفرات متعثرة تكتم الأنفاس المتبقية ؛ لتضيع الخطوات وسط أمواج مجهولة آسنة و تحتار النظرات بين آلاف الضحكات المقنعة لأعود مدحورة مخلوعة المزاج .. أنعى الأحلام الثكلى.. أرميها بسهم النسيان..أجعل الصمت الصاخب نديما ..أعاقر حرية الحزن وحيدة و أعلن العصيان ...