دعا القريضُ.. فلبّى الصوتَ وارتجلا
و هبَّ يحشدُ من تبيانِهِ جُملا !
شهامةٌ أنبضت من طبعِهِ وَتراً
من الوفاءِ تحيِّي ذلك الرَجُلا
و قد تضوّعَ في أعماقِهِ نغمٌ
فراحَ ينسجُ من ألحانِهِ حُللا
تعوّدَ الصدقَ في قولٍ وفي عملٍ
و ما ارتضى اللؤمَ لا قولاً ولا عملا
تضجُّ في دَمِهِ روحُ الوفاءِ و كم
أفاضَ من شِيَمِ الأحرارِ ما نهلا
فما تزحزحَ عن عهدِ الكرامِ ولا
تراهُ عن منهجِ الإنصافِ منتقلا
كالريحِ إن عصفَت كالأُسدِ إن زأرت
كالنارِ إن زفرت كالسيفِ إن قتلا
كالموجِ في لُججٍ كالنورِ في حُججٍ
كالشمسِ ما غربَت كالبدرِ ما أفلا
يا سيّدَ القومِ دأبُ الوغدِ نعلمُهُ
فما تعوّدَ لا صِدقاً ولا مُثلا
مُستعبدٌ شَبَّ عن طوقِ الوفاء إلى
دربِ اللئامِ وعاشَ العمرَ مُنتَعَلا
وقال..يعصرُ من أضغانِهِ دَرَناً
و دبَّ ينبشُ من أوهامِهِ طللا
وما عهدناهُ إلاّ صابئاً نَتِناً
وما علمناهُ إلاّ كاذباً وجِلا
و منطقُ الحقِ يُملي أن نجابههُ
ولن نصدقَ في تخريفِهِ دجلا
سميرُ.. غِيضَ خبالُ الإفكِ وانطفأت
نارُ المنافقِ واسأل كلَ من عقلا
وقد ترفّعتَ عن وحلِ اللئيمِ كما
شمختَ فينا مهاباً سيداً بطلا..
..أصابَ من شُعلةِ الأمجادِ جذوتَها
وحازَ من كلِ معنىً خيرَ ما سألا
ولم يزل في سنامِ الفخرِ منزلُهُ
ولم يزل في تمامِ النورِ مُكتمِلا
وقد تسامى عن الأوغادِ عن ثقةٍ
وقد تربّعَ من أخلاقِهِ جبلا
وقد تهامى بحِلمٍ لا يبدلُهُ
وقد تفتّقَ في عليائهِ شُعلا
"قومٌ همُ الأصلُ والشُذّاذُ غيرهمُ
و مَن يساوي بمسكٍ ذائعٍ بصلا"