أحدث المشاركات
صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 42

الموضوع: حفنات وأكوام

  1. #1
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي حفنات وأكوام

    حفنات وأكوام

    تتراقص فراشات الفرح حول قناديل مشاعرنا، فتحملنا على أجنحتها وتطير بنا عاليا؛ لنتحرّر من قوّة جذب الأديم الذي يحاول جاهدا إرجاعنا، ونقبع في سديم السّعادة الذي يشعرنا بالتّحرّر من كلّ قيود الجسد والفكر، ونحيا لحظاتِ غطسٍ في نهر التّطهير ممّا يعكّر صفو الشّاردات والواردات، ونغرس على ضفّتيه شجيرات نتمنّى بقاءها مخضرّة بأوراق البهجة، وتيسير كلّ عسير، ومثمرة بثمار الطّمأنينة، وطرد أيّ تكدير...
    تمطرنا مزنة جميل الأحاسيس برشّات متواصلة تبلّلنا بفرح يدفئ القلوب والنّفوس، وينسينا برد وصقيع الأحزان المثقِلة للكواهل، وتنوّخ بحملها الظّهور. فتنهض القامات مجدّدة نشاطها ومشرئبّة نحو مطر الفرح؛ طمعا بخيراته، ووافر عطائه...
    يرطّب ندى السّعادة المشاعر بطيب شذاه، فتهيم في روض السّرور عازفة على أوتار الرّاحة التي جعلتها النّغمة تغادر سجن الجسد؛ لتحمّل ذاك العزف نسيم الجذل؛ كي ينشره في أجواء من يرحّبون به، ويحرصون على حفظه في أسطوانات أفئدتهم...
    وتدغدغ أنامل السّرور الفكر، فتليّن بعض ما تشنّج من أمور، وعجز عن إيجاد المخرج لها، وينشر حرير مخيّلته بساطا يفترشه مرتاحا، ويزركشه بجميل ما يسيل من عصارات ذاك الفكر ...
    وتبقى أجنحة فراشات الفرح مرفرفة حتّى تتفاجأ بتحوّل المزنة المنعشة إلى غيمة سوداء ترشق الهامات بزخّات من الهموم، فتقبع حانية في وحل التّعاسة، وما تأتي به من شرور، ويخبو نور الحياة الذي سطع، وتفتر حرارة ما أدفأ.
    ويشعرنا الحزن بثقل يلصقنا بالأرض، وينسينا كلّ نجم مضيء في السّماء؛ لأنّ العيون تتسمّر حدقاتها في الطّين الذي يمسك بالقدمين، فتتحوّل مخيلة الأفكار التي نعمت بجميل الصّور، ومبهجات النّظر إلى لوحة تمتصّ جميع ألوان الصّور، وتزداد قتامة تثقل على الفكر، فتبدأ مطارق ما يزعج ويحزن بخبط الرّؤوس، بعد أن كانت لا تجرؤ على رفع رأسها، وتقفز لتجلد الجسد والنّفس، فلا تستطيع المقاومة بسبب نور الفرح. وقد تثقل السّوداويّة على الفكر، فيبدأ ببناء أكوام من حبّات صغيرة طرقت بابه...ولا يبقى دور للخيال الجميل الذي يحلّق في بياض الأفق، بل قد يغطس الفكر عميقا؛ لانتشال ما عنّ على الخاطر، وكدّر الصّفو، ودفن في العقل الباطن...
    والعجب، كلّ العجب من نسيان المشاعر الطّيّبة، حين تدهمنا أكوام ما يحزن، وإن لمعت بعض خيوط الإضاءة لتخفيف حدّة القتامة، فإنّنا نراها سلاسل قهر تزيد الجرح إيلاما، ويزداد لهيب أتّون الغضب المشعل بحطب التّبرّم، ويتألّم الجسد، وتنصلي الأحاسيس، فندخل في خندق يأوينا، حتّى نصل نهايته منهكين... ولدى خروجنا منه لا يهمّنا الضّوء الذي بزغ نوره، وبدّد ظلمة الأعماق، فنقعد عاجزين مستسلمين، لا نريد رؤية الشّمس وشروقها؛ لأنّنا نغطّيها بغيوم أفكارنا، فنندب حظّنا ومصائرنا، ونزيد من أكوام أحزاننا دافنين أفراحنا.ِ

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    والعجب، كلّ العجب من نسيان المشاعر الطّيّبة، حين تداهمنا أكوام ما يحزن، وإن لمعت بعض خيوط الإضاءة لتخفيف حدّة القتامة، فإنّنا نراها سلاسل قهر تزيد الجرح إيلاما، ويزداد لهيب أتّون الغضب المشعل بحطب التّبرّم، ويتألّم الجسد، وتنصلي الأحاسيس، فندخل في خندق يأوينا، حتّى نصل نهايته منهكين... ولدى خروجنا منه لا يهمّنا الضّوء الذي بزغ نوره، وبدّد ظلمة الأعماق، فنقعد عاجزين مستسلمين، لا نريد رؤية الشّمس وشروقها؛ لأنّنا نغطّيها بغيوم أفكارنا، فنندب حظّنا ومصائرنا، ونزيد من أكوام أحزاننا دافنين كلّ أفراحنا...

    ما شاء الله
    الأستاذة الكبيرة كاملة والله إنّك لتحسنين التّعبير عمّا ينتاب دواخلنا ، وما يعتري وجداننا من أحاسيس ومشاعر ..وبلغة سامقة لا يحسنها إلا من أشرب في قلبه حب لغتنا لغة القرآن الكريم ..
    وصدقاً كلما رأيتُ موضوعاً جديدا لك جئته هرولةً لكي أستفيد وأستمتع وأرضي ذائقتي الأدبية بلْه الوجدانية ...
    دمتِ موفقةً كما عهدتك
    تحيتي وتقديري واحترامي
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع بن المدني السملالي ; 20-04-2012 الساعة 07:13 PM

  3. #3
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 6,061
    المواضيع : 182
    الردود : 6061
    المعدل اليومي : 0.91

    افتراضي

    وتبقى أجنحة فراشات الفرح مرفرفة حتّى تتفاجأ بتحوّل المزنة المنعشة إلى غيمة سوداء ترشق الهامات بزخّات من الهموم، فتقبع حانية في وحل التّعاسة، وما تأتي به من شرور، ويخبو نور الحياة الذي سطع، وتفتر حرارة كلّ ما أدفأ


    السلام عليكم صديقتي العزيزة
    أنت حقا مبدعة عزيزتي كاملة
    النص جميل للغاية ,,صوره ولقطاته رائعة ,لوحاته فاتنة ,لغة قوية ومرنة ومطواعة
    لا أدري لماذا يكون الفرح وقتا رمزيا يأتي مثل نسمة صيف باردة ورطبة ,ويختفي دون حتى التفاتة للخلف
    أما الألم,, فتراه يحفر عميقا في النفس والفؤاد والرئتين والكلى, بسكين حامية بل مجمرة ,وإن راح بعد عمر من السنين الطويلة ,,يترك ندبات ستظل مدى الحياة .
    هل هو حظ ابن آدم في الحياة ؟؟أم هو المكتوب عليه ؟؟
    لا اعتراض يا كاملة العزيزة ,,إنها إرادة الله
    يا رب اعطنا خير هذة الحياة ,وكف شرها عنا وعن من نحبهم ,,آمين
    سنعيش مسلمين ,,مسلِّمين أمرنا لله
    أشكرك جزيلا
    ماسة

  4. #4
    الصورة الرمزية نهلة عبد العزيز قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jan 2011
    المشاركات : 2,227
    المواضيع : 29
    الردود : 2227
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    ما أجملها من كلمات تنبع من قلبك الصافي ...

    وما أرقها من حروف تمزج المعاني الرائعة مع الأحاسيس ....

    غاليتي

    تفضلي بقبول خالص اعجابي وتقديري لكل حرف وضعته هنا ....

    المحبة لكِ دوما ... مع التقدير والاعجاب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية سامية الحربي أديبة
    غصن الحربي

    تاريخ التسجيل : Sep 2011
    المشاركات : 1,578
    المواضيع : 60
    الردود : 1578
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    ويشعرنا الحزن بثقل يلصقنا بالأرض، وينسينا كلّ نجم مضيء في السّماء؛ لأنّ العيون تتسمّر حدقاتها في الطّين الذي يمسك بالقدمين، فتتحوّل مخيلة الأفكار التي نعمت بجميل الصّور، ومبهجات النّظر إلى لوحة تمتصّ كلّ ألوان الصّور، وتزداد قتامة تثقل على الفكر، فتبدأ مطارق ما يزعج ويحزن بخبط الرّؤوس، بعد أن كانت لا تجرؤ على رفع رأسها..

    ما أروع ما سطرته الكاملة ! لا أعرف لما الحزن غالباً أثقل من الفرح ولربما تنافس مع الجاذبية الأرضية ! دام نبضك الصادق ومدادك السخي.
    تحياتي كما يليق.

  6. #6
    الصورة الرمزية عمر الحجار أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2011
    الدولة : حيفا \ اجزم
    العمر : 53
    المشاركات : 767
    المواضيع : 37
    الردود : 767
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    رغم قناعتي بأن الشقاء لن ينتهي ، الا انه ليس بالالم وحده يحيا الانسان ، فرغم قلة ساعات الفرح والطمأنينة الا انها تغذي الروح وتعطيها دفقات من الامل للاستمرار والكفاح الطويل والشاق .



    دام الابداع رفيق دربك
    وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد

  7. #7
    الصورة الرمزية لمى ناصر أديبة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : زنبقة الروح
    العمر : 39
    المشاركات : 1,424
    المواضيع : 37
    الردود : 1424
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي

    نتشرب الحزن كثيرا ونقيم له موائده الخاصة
    ونتناسى أن هناك غيمات فرح تهمي على أفئدة الرحيل
    فتغيب طويلا ويبقى الوجع يعتصر بنا...هو حالنا نسعى إليه أو هو الذي
    يسعى إلينا لا يهم ,المهم لا يزال يغلف البوح حتى ولو كان بشفافية الغيمات
    هنا استمتعن بهذه الرؤى الندية.سلمت أيتها البديعة.
    تتوق الرُّوح إلى أن تكون في مكانٍ أعظم
    تظلُّ تهفو لمسكنها تهفو كثيرا !

  8. #8
    الصورة الرمزية محمد صلاح علي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Mar 2012
    المشاركات : 500
    المواضيع : 16
    الردود : 500
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    السلام على كاملة النور ورحمة الله وبركاته

    طالما سمعت حديث الركبان عن فصاحتكِ , والحمدالله الذي بلغني هذا المركب بحق مبدعة, كاملة النور .

    أختاه, الفجر وإن تأخر فاعلمي أنه يستحي من نور المكلومين

    وإن نامت الزهور فهي تعلم أن هناك ياسمينة بيضاء

    ليس لها مثيلاً بين الزهور لازالت تتبع قوافل الموجوعين

    لتكون بلسماً لكل الجراحات ...

    أسأل الله أن يجمع بينكِ وبين الفرح كما يجمع بين الروح والجسد ...

    واعلمي أن الشمس ستأتي بإذن الله على كتف الغد الأجمل تحمل آمالاً تشرق مع اشراقتها ...


    دمتِ بفرح ..

  9. #9
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.39

    افتراضي

    سأسمح لنفسي مستأذنًا جميع إخوتي وأخواتي برفع هذا الجمال إلى الأعلى ثم أعود إليه برد يليق
    للتثبيت تكريمًا واستحقاقا

  10. #10
    الصورة الرمزية أحلام المغربي أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2012
    المشاركات : 893
    المواضيع : 36
    الردود : 893
    المعدل اليومي : 0.20

    افتراضي

    مونولوج داخلي ..قد يكون خاصا بالذات الإبداعية و ما تحمله من معاناة .. و قد يتعدى الأمر إلى الذات البشرية بمفهومها الوجودي ..التائهة بين دهاليز العبث والقلق ..
    وحده وعي الذات يقاوم الأرواح المتعبة.. و يتصالح معها لتواجه العالم الخارجي بكل سلبياته .. للحفاظ على التوازن الحياتي ..
    هكذا قرأت بوحك المكتمل إبداعا أديبتنا القديرة كاملة بدارنة
    فلك مودتي و تقديري
    أحلام المغربي
    و سأبقى مدى الأيام ..
    أتلو قصائدي وقلبي جريح بالحياة ..و سائر...

صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة