إن الإنسان بطبيعته اجتماعي، ولا يستغني عن الاحتكاك بالناس،
ولا بد له من علاقات اجتماعية تربطه بالآخرين
لكي تسير الحياة على طبيعتها.
من هنا كان لا بد من الضوابط التي تحكم علاقة الإنسان بالآخرين من أبناء مجتمعه،
وعلى رأس هذه الضوابط مداراة الناس،
ومفتاح التوفيق في الدنيا والآخرة خدمتهم.
وقد بوب البخاري ـ رحمه الله ـ في كتابه الصحيح
فقال: باب المداراة مع الناس
ذكر فيه عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنهاأخبرته:
أنه استأذن على النبي صلى الله عليه و سلم رجل فقال ائذنوا له:
فبئس ابن العشيرة،أو بئس أخو العشيرة،
فلما دخل ألان له الكلام،فقلت له: يا رسول الله؛ قلت ما قلت ثم ألنت له في القول؟
فقال: أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس إتقاء فحشه.
ولأبي هريرة ـ رضي الله عنه: رأس العقل ـ بعدالإيمان بالله ـ مداراة الناس.
وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغلط،
لأن المداراة مندوب إليها
والمداهنة محرمة،
والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه،
وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكارعليه
والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم وبالفاسق في النهي عن فعله
وترك الإغلاظ عليه، حيث لا يظهر ما هو فيه،
والإنكارعليه بلطف القول والفعل ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه.
للشيخ محمد بن عبد الله الدعبلي الخزاعي في قصيدة خير الوصية:
وعاشر جميع الورى بالجميل ** لـعلك مـن شـرهم تسلمن
و مـمن تـخالطه فـأحذرنَّ ** وإيَّــاك مـن أحـد تـأمننْ
و خفهم جميعاً كما قد تخاف ** مـن الليث تخشاه أن يفرسنْ
ودارِ الـجميع بما تستطيع ** وكـلٌّ عـلى عـقلِهِ فأحمِلَنْ
ولا تغترر بظهور الصلاح ** فـكم ظـاهراً مخلفاً ما يظنْ
فـكم روضةٍ أعجبت ناظراً ** رجا نفعها وهي خضرا الدِمَنْ
وللبيضِ قشرٌ شديد البياضِ ** وفـيه الـصحيحُ وما يمرقنْ
..فهاتوا ما عندهم في هذا المجال فضلاً لا أمرا ......