لا أقرأ الفنجانَ
فالقَعْرُ الذي كُتِبَت عليهِ رسالةُ الأيامِ
مزدَحِمٌ بأنسِجَةٍ عَنُود..
يكفي بأنّي حينَ أقرأ
تاهَ عن بَحْثّي يقيني أن مما ليس لي ياناسُ
حظّي في الخلود..
لا أقرأ الفنجانَ.. أمرٌ واقعٌ..
يرضاهُ مَن لمْ يرضَ دولابَ الأواني
أن يُحَوّلَه ابتغاءُ الكَشْفِ صندوقَ البَريد..
مَن يعْرِفُونَ طريقتي
يحكونَ عن تلكَ الصداقةِ
بين إحساسي.. وما تُمليهِ أعمدةُ القصيد..
فكَم استشَرْتُ خرائطَ المدلولِ في شعري
بمَا قد أنعَمَ الرَّبُّ اختِصارًا
مِن دَلالاتِ الوجود..
إنّي أصاحبُ ما نزَفْتُ بإصبَعي فوق الدفاترِ
حين يغدو النزف فيها موطني مِن غير سوءٍ
والقوافي حولهُ حرس الحدود..
بالكادِ أذْكُرُ
حيثُ مرّاتٌ أتَيْتُ بها قصائديَ القديمة َ
باحثًا بين الجذورِ عن المقدّمةِ التي
نبتَتْ على أغصانِها ثمراتُ بعضِ الأسئلة..
قد تَنْشِعُ الأختامُ في أوراقِها..
تبدو عروقـًـا
فوقها تفسيرُ مرحلةٍ.. تُوَرّثُ مرحلة..
وحمَلْتُ لغزي في حضورِ دفاتِري..
حتى إذا فورًا قصصتُ بداية الأحداثِ
عن أنثَى تغازلها الثمارُ.. فقلتُ:
أفتوني ففيكم موقعُ الإعرابِ!
ها قد قامَ نَصٌّ رافعًا يدَهُ يسوقُ الأمثلة..
ويقولُ حاذِرْ.. إنما هذا اختيار العطفِ
ما أحببتَها!
وأراكَ تنتهِجُ الذي أسلَفْتَ
في إحساسِكَ الموصولِ بامرأةٍ بذاتِ الوصفِ
كانَتْ قَبْلَها ..
فَطِنَتْ إلى ذاكَ التعاطفِ واندِفاعِكَ
ما أتَمَّتْ عامَها..
ما غَرَّها دورُ البطولةِ فوقَ مسرحكَ الذي
أعدَدْتَهُ للقِصَّةِ الأُولى
لكَ الإنصاتُ يُحسَبُ .. أو لها..
الحُبُّ يَعني الحُبَّ
لا يُبْنَى على مأساةِ غيرِكَ
كلما بَثّتْ لديكَ مشاعرًا تحت الحسابِ مواسية..
فإذا أفقْتَ على صحيح الأمرِ كانَتْ قاسِيَة..
فَكّر بنَفْسِكَ مِثْلَما أولَيْتَ غيركَ دهشة الإحساسِ
كُونا في محاسبةِ الظُّنونِ
وفي مساءَلةِ السكونِ سواسية..
***
هذا وقال الحَرْفُ بعد ملاحظاتِ الشَّكِّ في عَيْنَيَّ:
أنت فتًى عنيد..
ولأنّني صَدَّقْتُهُ..
لا أقرأ الفِنجانَ..
فالقَعْرُ الذي كُتِبَتْ عليه رسالةُ الأيامِ
مزدحِمٌ بأنسِجَةٍ عَنُود..
وكفــَــى برأسِ الشِّعْرِ
أن تَحْظَى بجامِعَةِ المعاني..
مُنذُ أن كُنتُ العَمِيد..
محمود موسى
25/3/2010