السَّلْسَبِيِل / غيداء الأيوبي

السَّلْسَبِيِل

كَيْفَ أَرْضَى بِحُزْنِكَ الْمَبْلُولِ ؟ وَدُمُوعِي تَصُبُّ فَوْقَ ذُبُولِي !! دُونكَ الْوَرْدَةُ الرَّقِيِقَةُ خَرَّتْ فَوْقَ غُصْنٍ مُهَدَّدٍ بِنُحُولِ تَتَمَنَّى جَنَائِنِي يَا حَبِيِبِي لَوْ تُغَنِّي لِغُصْنِهَا الْمَشْلُولِ فَعُطُورِي تَبَخَّرَتْ دُونَ جَدْوَى وَاعْتِصَارِي مُشَرَّدٌ بِخُمُولِي أَنَا يَا نَسْمَةَ الرَّيَاحِيِنِ وَلْهَى لأَرِيِجٍ يَهُزُّ رَوْضَ الْعُسُولِ إنْ تَزُرْنِي أُقَدِّمُ الشَّهْدَ سَلْوَى يَتَطَرَّى بِرِفْقَةِ الْمَوْصُولِ أَنَا يَا سَلْسَلَ الْيَنَابِيِعِ عَطْشَى لِشَرَابٍ يَسِيِحُ فِي مَحْصُولِي لَوْ تُدَنِّي تَذُوقُ طَعْمَ رَبِيِعٍ يَتَحَلَّى بِعَوْدَةِ الْمُسْتَقِيِلِ مَنْ كَمِثْلِي إِذَا أَتَيْتَ بِحُبٍّ يَرْغَبُ الْحُبُّ أَنْ يَكُونَ بَدِيِلِي لَوْ بِذِي الأَرْضِ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ قَلْبِي لاكْتَفَى الْحُبُّ مِنْ شُمُولِ فُصُولِي فَشِتَائِي مُدَثَّرٌ بِحَنَانِي وَكَأَنِّي خَمِيِلَةُ الزَّنْجَبِيِلِ وَخَرِيِفِي مُبَارَكٌ بِعَطَائِي فَثِمَارِي تَغُضُّ فِي أَيْلُولِ وَبِصَيْفِي أَصِيِرُ قِطْعَةَ ثَلْجٍ فَوْقَ غَيْمٍ يَصُدُّ شَمْسَ الأَصِيِلِ وَرَبِيعِي مُكَلَّلٌ بِزُهُورِي حِيِنَ أُنْدِي يَفُزُّ طَيْرُ حُقُولِي لَكَ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ شُرُفَاتٌ تَنْثُرُ الْحُبَّ لِلْمُحَيَّا الْجَمِيِلِ جَنَّتِي تَرْتَجِي حُضُورَكَ حَتَّى تَكْتُبُ الْخُلْدَ لِلْهَوَى الْمُسْتَحِيِلِ لَكَ فِي الْفِرْدَوْسِ الْقِبَابُ تُضَوِّي حِيِنَ تَحْدُو لأَجْوَفٍ مَعْزُولِ وَمِنَ اللُّؤْلُؤِ السَّقِيِفَةُ تُهْدِيـ ـكَ بَرِيِقاً يَضُمُّ عَيْنَ الْقَبُولِ لَوْ تَسَنَّى مِنَ الْعَلاَلِي وَمِيِضٌ فَانْكِسَارُ اللُّجَيْنِ ضَوْءُ نُزُولِي فَأَنَا بَيْنَ الأَزْهَرَيْنِ رَفِيِفِي وَانْقِشَاعِي يَشُقُّ دَرْبَ وُصُولِي دَعْ لِيَ السَّيْرَ فَوْقَ جَمْرِ اتِّقَادِي فَاحْتِرَاقِي مُبَلَّلٌ بِهَطُولِي وَتَهَنَّى بِمَا يُذِيِبُ حَرِيِقِي وَخَذِ الْبَرْدَ مِنْ بَدِيِعِ سُيُولِي وَاكْرَعِ الرَّيْحَانَ الْمُصَفَّى بِفَيْضِي فَانْسِيَابِي كَمَا النَّسِيِمِ الْعَلِيِلِ لَكَ تَحْنُو رَقَائِقِي بِأَرِيِجٍ يَلْفَحُ الْخَدَّ بِارْتِعَاشِ البَتُولِ لَكَ مِنِّي شَقَائِقُ الرُّوحِ نَشْوَى فَالْهَدَايَا بِهَا انْشِرَاحُ مُيُولِي وَانْعِطَافِي معَ انْثِنَاءِ الْحَنَايَا يَحْصُدَانِ الْكُرُومَ جوْفَ الْخَمِيِلِ جَذْرُ عَقْلِي مُلَوْلَبٌ بِخُمُورِي وَفُؤَادِي مُعَتَّقٌ بِأُصُولِي كُلُّ مَا فِيَّ تَنْضَحُ الرُّوحُ فِيِهِ فَأَنَا الْمَاءُ وَالْحَرِيِقُ قَتِيِلِي وَأَنَا الْحُبُّ لَوْتَمَادَى بِإِنْسِي فَسَلاَمٌ عَلَى ضَرِيِحِي النَّبِيِلِ لَيْسَ تُجْدِي بِذِي الْحَيَاةِ حَيَاةٌ وَالتَّنَائِي يَعِيِشُ مِثْلَ الْعَذُولِ رَغْمَ مَوْتِي فِي الْحُبِّ أَحْيَا هُيَاماً لَمْ يَمُتْ لَحْظَةً بِقَلْبِي الْعَجُولِ فَفُؤَادِي يُصَفِّقُ الْخَفْقَ لَحْناً كُلَّمَا اشْتَدَّ فِي الْوَرِيِدِ هَدِيِلِي لِيَ سِحْرِي وَفِيَّ أَسْكُنُ كَوْنِي مَنْ كَرُوحِي بِخَلْوَةِ الْمَقْتُولِ ؟! هَلْ رَأَيْتَ السِّحْرَ الْعَتِيِقَ بِقلْبٍ يَقْلِبُ الْحُزْنَ بِانْفِصَامِ الْعُقُولِ ؟! فَاعْطِنِي الصَّوْلَجَانَ وَانْظُرْ لِقَصْرِي كَيْفَ يَسْطُو عَلَى جَوَارِي الْحُلُولِ أَنَا دُنْيَا مِنَ الْجَمَالِ لِوَحْدِي وَالتَّدَانِي يَفُكُّ قَيْدَ الدُّخُولِ تَسْقُطُ الأَزْهَارُ النَّدِيَّةُ فُلاًّ كُلَّمَا اهْتَزَّ غُصْنُ قَدِّي الْخَجُولِ مِنْ فُؤَادِي أَصُبُّ ذَوْبَ الْخَلاَيَا كُلَّمَا حَرَّ قَلْبُ شَهْدِي النَّسِيلِ فَتَمَنَّى إِذَا دَخَلْتَ بِوَجْدِي وَتَهَنَّى بِعَرْشِهِ الْمَأْهُولِ وَتَلاَقَى مَعَ الْحَرَائِرِ غَزْلاً وَتَلَوَّى بِرَفْرَفِ الْمَغْزُولِ وتَطَيَّبْ إِذَا تَضَوَّعَ خِدْرِي فَالْحَنَايَا تَفُوحُ عِطْرَ السُّهُولِ دَعْ لِيَ الرَّقْصَ فَالتَّثَنِّي وِقَارِي كُلَّمَا رَنَّتْ بِالتَّثَنِّي حُجُولِي لَكَ أَنْتَ الْبُسْتَانُ يَفْتَرُّ لِيّاً فَأَنَا الأُنْثَى فِي نَدَى السَّلْسَبِيِلِ

غيداء الأيوبي

تحية طيبة للشاعرة الكبيرة ، غيداء الايوبي ،
صافحت هنا حرفا راقيا بحق ،
في هذه الصفحة ، جمال أخاذ ، ونضور فتان ،
في هذه الصفحة حكمة واقتدار و قوة سبك ،
هنا الأنوثة تنثال في تحدر ، هنا الماء الزلال يجوس خلال القصيد ، و لا أزيد ،
يا من ينشد الشعر الجميل وجدته ،
ليس لي ما يقال إلا أن أستفسر عن مدى صحة جر الاسم بعد كلمة : "كما " في قولك الجميل :
وَاكْـرَعِ الرَّيْحَـانَ الْمُصَفَّـى بِفَيْـضِـي *** فَانْـسِـيَـابِـي كَــمَــا الـنَّـسِـيِـمِ الْـعَـلِـيِـلِ
خاصة وأن "ما" تكف عمل الكاف ، والاصل و الله أعلم أن يرفع الاسم بعد : "كما " على الابتداء .
كان هذا مروري المتواضع على هذا الجمال ، شابه بعض هذياني ، وقد كان وقع ما أصابني شديدا ، لا يوصف ،
تقبلي مودتي الأخوية في طيها فائف تقديري وكبير احترامي ،

قصيد يضج أنوثة و رقة و دلالا ,
رافقت سبكا ولغة وخيالا ،
فرض وجودٍ يشد القارئ من أول أنثى حتى آخر أنثى .

الشاعرة غيداء

استمتعت كثيرا بين معاني و أفانين هذه العروس .

وقد وجدت شيئا أخل قليلا بالشكل


إنْ تَـزُرْنِــي أُقَـــدِّمُ الـشَّـهْـدَ سَـلْــوَى ... يَـتَــطَــرَّى بِــرِفْــقَــةِ الْــمَــوْصُــولِ

أقدم حقها الجر .

وَاكْـرَعِ الرَّيْحَـانَ الْمُصَفَّـى بِفَيْضِـي ... فَانْسِـيَـابِـي كَــمَــا الـنَّـسِـيِـمِ الْـعَـلِـيِـلِ

وحتى لا يختل الإعراب بعدها , نقول مثلا :
فانسيابي شذى النسيمِ العليلِ

لَـــوْ تُـدَنِّــي تَـــذُوقُ طَــعْــمَ رَبِــيِــعٍ ... يَـتَــحَــلَّــى بِـــعَــــوْدَةِ الْـمُـسْـتَـقِـيِــلِ

كأني بها مجزومة , أقترح : لو تدني تذقْ طعومَ ربيعٍ .

أَنَـــا دُنْـيَــا مِـــنَ الْـجَـمَـالِ لِـوَحْــدِي

مع تحفظي على دخول لام الجر على وحدي , كأني بهما لا يجتمعان .
هناك الكثير من البدائل .

وراقني الكثير من الأبيات أختار منها :

لَوْ بِذِي الأَرْضِ لَـمْ يَكُـنْ غَيْـرُ قَلْبِـي ... لاكْتَفَـى الْحُـبُّ مِـنْ شُمُـولِ فُصُولِـي

جميل

كُــلُّ مَــا فِــيَّ تَنْـضَـحُ الــرُّوحُ فِـيِـهِ ... فَــأَنَــا الْــمَــاءُ وَالْـحَـرِيِــقُ قَـتِـيِـلِــي

بيت جميل رائع .

تقبلي مروري الجذلان مع ودي وتقديري .

نص ماتع مبدع بما حمل من جمال المفردات والجمل الشعرية الراقية
والمعاني المنثالة والمبللة بشذى الأنوثة الرائعة وتوقد الحاسيسالجميلة والمعبرة
سبقني اخواي فيما رأيت وزادوا
خالص مودتي

غـيداء .. أيتها الآيبةُ بالحنينِ والجمال

ما لهذهِ الحروف تُحرِّكُ في القلبِ وتراً، يهتَزُّ انتشاءً كُلما عزفت نبضةٌ مِنْ نبضاتِكِ لحنَها الخلّاب؟

أيتها المشحونةُ بالإدهاش:

كَـيْــفَ أَرْضَـــى بِـحُـزْنِــكَ الْـمَـبْـلُـولِ ؟
وَدُمُــوعِــي تَــصُــبُّ فَــــوْقَ ذُبُــولِـــي !!

يا لهذا المطلعِ الباهر! انصهارٌ يُشَكّلُ الحبُّ وفاءَه في أجمل تفاصيلِه.

لَوْ بِذِي الأَرْضِ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ قَلْبِي
لاكْتَفَى الْحُبُّ مِـنْ شُمُـولِ فُصُولِـي

هنا سأُصفّقُ لكِ، ليس للجمالِ وحسب، ولكن لشجاعتِك وعُنفوانِ حروفِك، ولذلك أتّفقُ وإيّاك، فقلبٌ تسيلُ أضواؤهُ حبّاً كهذا أجدرُ بهِ أنْ يَفخرَ بكلّ دقةٍ من دقّاتِه؛ لأنها تُعيدُ للحياةِ ألوانَها ووهجَها.

لَــــــكَ فِــــــي كُـــــــلِّ مَـــوْسِــــمٍ شُـــرُفَــــاتٌ
تَــنْــثُـــرُ الْـــحُــــبَّ لِـلْـمُـحَــيَّــا الْــجَــمِــيِــلِ

الله الله! ما هذا الانصهار الآسر البديع، حُبٌّ ممتدٌ كامتداد السماء.

أَنَـــــا دُنْــيَـــا مِـــــنَ الْــجَــمَــالِ لِـــوَحْـــدِي
وَالــتَّــدَانِـــي يَـــفُــــكُّ قَـــيْــــدَ الــــدُّخُــــولِ

وهذا تأكيدٌ لجمالِك، رائعةٌ حدّ الدهشةِ، التي تَمزُجينها بكلّ كلمة.

تحيّة لكِ يهتزُ عودُها إعجاباً وإعجاباً وإعجابا.

هشام

رائعة ... خفيفة البحر ثقيلة بالميزان ... لكأني برياضٍ أغدقت العطاء
لن أزيد عمن سبقني فقد كفوا ووفوا ... غير أني سأصفق لهذا الجمال
مودتي وكثير تقديري

المبدعة الشاعرة : غيداء الأيّوبي
ميْدٌ شَفِيف يُداعب خُصْلاتِهِ بوحٌ عفيف ، قد أوفى السادة الأفاضل في ملاحظاتهم ما يزيد هذا الحرفَ رونقًا
دام حرفُك بوحا

الشاعر أحمد رامي
لَـــوْ تُـدَنِّــي تَـــذُوقُ طَــعْــمَ رَبِــيِــعٍ ... يَـتَــحَــلَّــى بِـــعَــــوْدَةِ الْـمُـسْـتَـقِـيِــلِ

كأني بها مجزومة , أقترح : لو تدني تذقْ طعومَ ربيعٍ .

أستاذي الشاعر الجميل ، أحمد رامي ،
"لو" تأتي على وجوه كثيرة منها أن تأتي شرطية ، ولكن لا تجزم
لكن الذي وقفت حائرا أمامه هو قول الشاعرة ، "لَـــوْ تُـدَنِّــي " حقيقة لم أعتده ولم أسمعه ،

أَنَـــا دُنْـيَــا مِـــنَ الْـجَـمَـالِ لِـوَحْــدِي
مع تحفظي على دخول لام الجر على وحدي , كأني بهما لا يجتمعان .
هناك الكثير من البدائل .

فعلا إدخال اللام على كلمة "وحدي" ، نادر جدا جدا في الفصحى ، وقمت ببحث في الموسوعة فلم أجد إلا هذا الشاعر يوردها كما في البيت أدناه
يقول بهاء الدين الرواس :
أخذ العاشقُ فيه نقا *** وأنا فيه لوحدي نسقُ
أشد على يديك بحرارة ،
هكذا نعطي للقصائد قيمتها الحقيقية ،
دمت شاعرا جميلا
مودتي وتقديري

أعجبني تعليق للرائع أحمد رامي يقول فيه " لا عطر بعد عروس"
وأراني هنا لا أملك مع ما قرأت من الجمال ما أضيفه
فقد كفى الأساتذة قبلي ووفوا

أهلا بك شاعرتنا في واحتك

تحاياي

أستاذي الشاعر الجميل ، أحمد رامي ،
"لو" تأتي على وجوه كثيرة منها أن تأتي شرطية ، ولكن لا تجزم
لكن الذي وقفت حائرا أمامه هو قول الشاعرة ، "لَـــوْ تُـدَنِّــي " حقيقة لم أعتده ولم أسمعه ،

أحسنت أخي لحسن فالخَرَفُ تسلل إلى ذاكرتي ..
هي فعلا حرف شرط غير جازم , و تأتي مصدرية و حرف عَرْض وللتمني و للتقليل , لكن هالني التركيب ,
إذا كانت شرطية سيدي وجاء جوابها فعلا مضارعا وجب نفيه , و إن كانت للعرض كما هنا أو للتمني وجب اقتران الجواب بالفاء أو اللام ,
على ما أذكر و إن كنت مخطئا فصوبني يرحمك الله .

أما الفعل يدنّي فإليك ما بشفي صدرك :

لسان العرب :
وأَدْنَيْته ودَنَّيْته.
وفي الحديث: إذا أكَلْتُم فسَمُّوا الله ودَنُّوا وسَمِّتُوا؛ معنى قوله دَنُّوا كُلُوا مم يَلِيكُم وما دَنا منكم وقرب منكم،

لذا أتمنى من أختنا الشاعرة القديرة أن تعيد النظر فيه ..

تحياتي لكما .