لا تبكِ جرحكَ، عش إباءكَ، وحدنا
نبكي، وتكبُر في مصابكَ مؤمنا
كن أنتَ أنتَ، كما عرفتُكَ دائما
حُرّا، أبِيَّ النفس، صلبا، ليِّنا
تمشي حذاء الغيم، تحمِلُ في يدٍ
صبرا، وبالأخرى توزعُ سوسنا
تدري بأنكَ لستَ آخر منذَر
للضوء يسرق منكَ ظلا موهَنا
آمنتَ بالذكرى، وكذَّبتَ الذي
ما صدَّقَ الرؤيا، وما يوحَى لنا
يا فجرَ هذا الليل كمْ أخَّرتَه
حتى يكاد الفجرُ ينسى أمرنا
كم صرتَ فينا متعَبا، ومشرَّدا
وصدى صداكَ يظل يهمسُ: "من أنا؟"
جُعنا لتشبعَ، جعتَ لم نشبع ولم
تشبع، وظل الخبز باق هاهنا
هذا نشيدُكَ يا ابن أمي، لم يَعُد
يتلو سواكَ، وأنتَ تتلو حزننا
بشَّرتَ بالنسيان صمتا متخَما
بالذكريات، لكي نضمِّد صوتنا
واخترتَ هذا النزفَ نمشي فوقَه
كي نعبُر الماضي.. وتبقى خلفنا
لا تولَد الكلماتُ إلا طلقةً
ومتى تُقَلْ تُنسى، ونذكُر موتنا
بالله يا من فيكَ نكبر خُفيةً
ونخبِّئُ الأحلامَ، كيف تركتنا؟
لا تبك جرحك...