أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الشهداء وتشكيل الهوية في شعر الانتفاضة

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2004
    المشاركات : 227
    المواضيع : 67
    الردود : 227
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي الشهداء وتشكيل الهوية في شعر الانتفاضة

    مقدمة

    منذ أن دوت تلك الصيحة المجلجلة التي صدح بها عملاق الشعر الفلسطيني المقاوم -الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود- لتتوج سماء الشعر الفلسطيني بعبق الشهادة ، ومسك الدم العنبري، وأرجوان الاستشهاد البطولي ؛ والشعر المقاوم يصوغ المقاطع من ذلك الرحيق الملائكي المختوم ، ويحمل نفسه الثوري في صليل التحدي وعنفوان الاستعلاء المفعم بشذى التضحية :

    سأحمل روحي علي راحتي
    وأُلقي بها في مهاوي الردَي
    فــإما حياة تسر الصديق
    وإمـــا ممات يغيظ العدي

    ، وما أن تحددت معالم الصراع على الأرض بين امة الحق وغطرسة الظالمين ، وفتحت صفحة جديدة من صفحات النزف الفلسطيني المتجدد ، حتى تحددت معها معالم القصيدة الفلسطينية المقاتلة ، وفرضت نظرية الأدب المقاوم نفسها على النص الشعري الفلسطيني.

    أنا أؤمن أن إمكانية فرض صورة نمطية واحدة لشهداء الانتفاضة أمر عبثي غير واقعي ؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر ؛ فان الحديث عن الشهيد محمد الدرة – رحمه الله – ينقلنا للحديث عن الصورة العامة للمشهد الشعري في شهداء فلسطين ؛ فالقصائد التي تناولت هذا المشهد الرهيب تتوزع بين الألم والأمل ، والآهات والصمود ، وإذا كان المشهد النمطي في قصائد رثاء محمد الدرة قد أخذ منحى الحزن والندب بشكل كبير ، فالمشهد في الجانب الآخر ، ليس كذلك ، والنبض الشعري في القوافي ليس محصورا- كما يرى الباحث الفلسطيني سمير عطية - على النزف فقط . وهنا يستطيع الدارس أن يستحضر صورة الشهيد " فارس عودة " ، التي تمثّل صورة الإرادة والصمود والإقدام ، وهي صورة لا تتناقض مع صورة الضحية البريئة التي مثلها محمد الدرة :
    والحديث عن الشهداء في صفحة الإبداع الشعري يفتح بوابات واسعة لأنماط الدرس النقدي بدءا من المساحة الإبداعية المواكبة لهذه الكواكب الملائكية من نسيج الشكل الفلسطيني المقاوم ، وليس انتهاء بطرح أسئلة عصية على كبار الشعراء؛ بل إن الحديث عن مواكبة الشعراء للشهداء في فلسطين المحتلة هو حديث عن الموقعيات السياسية وتشكيل الهوية من خلال خلفيات التناول الفكري أو الأيديولوجي لموضوع الشهادة .
    ومن هنا، فإن موضوع الشهادة يبدأ من جديد ليطرح نفسه بقوة أمام شعراء عرفوا- ولمدة طويلة- بأنهم رموز مدرسة الشعر المقاوم وأساتذتها الكبار.
    التوقيع :
    د. رمضان عمر رئيس رابطة ادباء بيت المقدس في فلسطين المحتلة

  2. #2
    الصورة الرمزية عمر رمضان شاعر
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 116
    المواضيع : 33
    الردود : 116
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    -------
    -------------------------------------------------------------------------


    محمود درويش واحد من الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بفلسطين، بل لعله أشهرهم، لا لأنه فلسطيني فحسب، بل لأنه لا يفتأ يفاجئ قارئه بالجديد، فنا ورؤية . وقد ظل درويش ومعه شعراء المقاومة الآخرون : سميح القاسم وتوفيق زياد و معين بسيسو وغيرهم يمثلون - للشعب الفلسطيني- خلال فترة الستينات والسبعينات تقريبا- رافدا ثوريا مواكبا للأحداث وخالقا لمعالم الإبداع الشعري في أدب الالتزام الثوري ، فكتب عن الأرض والمنفى عن الأسر والشهادة :
    ولكنه، ومع تطور التشكل السياسي على رقعة الفعل الفلسطيني المقاوم، ودخول الحركات الإسلامية- بل وتصدرها - ساحة الفعل المقاوم على الأرض ، فرض على شعراء اليسار نوعا من الانزوائية في التمثيل الصداري المواكب للحدث المقاوم . وتسلم الراية أدباء جدد لم تعرفهم صفحات الجرائد في زمن المد الثوري الاشتراكي.
    كانت الحلقات المشكلة للتجربة الأولى في النصوص الدرويشية تؤكد حقيقة موضوعية واحدة ، هي: أن لا ثقافة بدون مقاومة ولا مقاومة بدون ثقافة، وكانت القصيدة الدرويشية تبنى على فلسفة التحدي القائم على جدلية الإصرار والمواجهة: ( )
    سنخرج من معسكرنا
    ومنفانا
    سنخرج من مخابئنا
    ويشتمنا أعادينا
    هلا … همج…. عرب
    نعم عرب ولا نخجل. ( )
    هذه هي الثورية القومية التي حولت الوطن سابقاً - عند درويش- إلى حالة ذهنية استقطبت الكثير من الرموز لتكون واجهة القصيدة الفلسطينية المتكررة، ويصبح الشعر المقاوم - من خلالها- نمطاً مميزاً للقصيدة الفلسطينية الفاعلة، وعلى نفس الوتيرة الصوتية كان يصرخ سميح القاسم:
    ربما تطعم لحمي للكلاب
    ربما تلقي على قريتنا
    كابوس رغب
    يا عدو الشمس
    لكن لم أساوم
    وإلى أخر نبض
    في عروقي سأقاوم. ( )
    نعم كان هناك نص مقاوم عند درويش وإيمان بالفعل المقاوم، أيضاً، إيمان يصل إلى حد الاعتقاد الراسخ الذي يعتبر الخروج على هذه الشاكلة الشعرية نوعاً من الخيانة المرفوضة.
    ومن هنا، فإنني عندما أطرق موضوع الشهداء في الشعر الفلسطيني المقاوم؛ سائلا عن موقع درويش من هذا المربع ، أو أن أتساءل عن سر غياب قلمه عن متابعة أعلام المقاومة الكبار الذين سقطوا شهداء ومثلوا لشعبهم رموزا كبيرة كالشيخ ياسين والرنتيسي وجمال منصور وأبو علي مصطفى وثابت ثابت؟ فان هذه المطالبة النقدية هي بحد ذاتها قراءة جديدة لجدلية التشكيل السياسي في قصيدة الشعر المقاوم.
    ومن هنا ، أقول ، لا يستطيع درويش أن يتناول الفعل المقاوم بواجهته الإسلامية التي تقود معركة التحرر بين ترهات العهد القديم المزورة وحقائق الإسلام المزلزلة؛ وهو النقيض المباشر لهذه الصحوة؛ ً فإذا كان الوطن يعني عبق الشهادة فلا مكان لدرويش في هذه المعادلة، وإذا كان الشهيد هو احمد ياسين؛ فان الحدث لن يعنيه ؛ لان الكتابة عنه تعيق فرصة التتويج ، وتؤخر جوائز عالمية كثيرة ينتظرها الشاعر .
    ومن هنا، كان التناقض في الانتمائية الدرويشية لقصيدة المقاومة حين تعارضت تلك القصيدة مع بطولات الإسلاميين؛ فعزف عنها بطريقته الخاصة .
    مع تحيات الشاعر الفلسطيني رمضان عمر

  3. #3
    الصورة الرمزية عمر رمضان شاعر
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 116
    المواضيع : 33
    الردود : 116
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    ولعل في هذه المقابلة سند موضوعي لهذا الزعم الذي نشير إليه :

    "أنتَ كشاعر فلسطينيّ، شَاهِدٌ على مأساة شعبِكَ وكذلك شاهد على الإيمان بالإنسانية. وكلمة "شَاهِد" هي المعنى الأول لكلمة "شَهِيد". والذين يقومون بعمليات – انتحارية- يُطْلَق عليهم أيضاً "شُهَدَاء". كيف يمكن أن نكون شهيداً ونتسبَّبَ في موت أشخاص أبرياء؟"

    يجيبُ محمود درويش: "كذلك في القرآن، كلمة "شهيد" تعني أيضاً "شَاهِد". يوجد خلطٌ في تحديد العمليات الانتحارية. وهنا لا يتعلّق الأمرُ بـ"شهداء" ولكن بـ"انتحاريين" Kamikazes. وفي الحروب، يوجد انتحاريون kamikazes في كلّ الأطراف. إنّ كلمة "شهيد" كلمة مفتوحةٌ جداً. المسيحُ ومحمد الدُرّة والشعب العراقيّ الذي هَلَك تحت القنابل "الذكيّة" الأمريكية"، هم شهداء، لأنهم يَشْهَدون بإنسانيتهم في وجه الرُّعب والبربرية. الانتحاري Kamikaze، في نظري، هو من يمنح حياتَهُ من أجل قضية يعتقد أنها عادلةٌ. أنا أَدَنْتُ، ولم أَكُن الوحيدَ، العمليات الانتحارية kamikazes التي تَسْتَهْدِف مَدَنِيّين. الإسلاميون يَرُدّون بالقول: إنّ الإسرائيليين يقتلون هُم أيضاً مدنيين (فلسطينيين). وجوابي هو: ليس علينا أن نفعل مثلهم (الإسرائيليين)، لأننا إن فَعلْنَا مثلهم، فما هو الفرقُ بين الجلاّد والضحية؟". ([8])

    هذه الثقافة الفلسطينية التي لفعت عدداً من الشعراء اليسارين الذين عرفتهم الساحة الفلسطينية خلال عقود أربعة - شهدت غياباً شبه كلي لأصحاب الفكر الإسلامي عن دور النشر ومحافل الثقافة والأدب - وعرفتهم الأقلام النقدية على أنهم شعراء المقاومة ثم لما انقلبت الموازين وهبت موجة الفكر الإسلامي المعاصر لم يعد بوسعهم متابعة النهج الشعري "المقاوم" في ظل تحول الراية من يد اليسار الثقافي إلى أدبيات الفكر الإسلامي المجاهد.

    ومن هنا لم يستطع درويش أن يتناول من صفحة الإبداع الاستشهادي غير محمد الدرة؛ لأن تناول عياش وطوالبة ورائد الكرمي وصلاح شحادة هدمٌ جريء للثقافة التغريبية التي آمن بها درويش في مدرسة التعايش مع (الإسرائيليين)!

    درويش ومشهد الضحية الطروادية

    من خلال التصور السايق عن المنهج الدرويشي في تناول القضايا الوطنية والإنسانية، لن نتوقع الكثير في قصائد درويش الأخيرة ، ولا اقصد هنا الكثير من الفنية ، بل الكثير من الانفرادية التصويرية لنوذج الطفل الفلسطيني المناضل ، حتى قصيدتا "محمد الدرة"، و "عابرون في كلام عابر" لم تكونا مصادر طمأنينة لدرويش بل كانتا هماً فرضته حاجة الجمهور المراقب، مما دعاه إلى الاعتذار عن الأولى والوعد بحذفها، والمراوغة السياسية في الحديث عن الثانية؛ يقول درويش:

    "أنا متورط مع محمد الدرة، داخلياً، وليس بمعنى المطالبة الخارجية. يمكن أن نكون هناك إصغاء إلى مطالب خارجية. وهذا أمر موجود في لا وعيي، وفي وعي أي واحد فينا، لكن هذا الموضوع لا يشكل أسلوبية جديدة، ولن يغير مشروعي الشعري الذي أتابعه. فأنا أعرف ما لدي".[9])

    وقد يتصور القارئ أن قصائد درويش التي نتحدث عنها هي من النوع الثقيل الذي يقلق الاحتلال ويزلزل أركانه؛ ذلك وهم تبدده نظرة عاجلة إلى إحدى القصيدتين التي تمثل النمط الدرويشي في الشعر " المقاوم" أعني طروادية المشهد المأسوي الذي يتعاطف معه إنسانياً دون التدخل المباشر في إنشاء قصيدة الفعل المقاوم فهو هنا يتحدث عن المأساة دون تناول المشهد الإبداعي في ثورة الأقصى التي كان محمد أثراً من آثارها:

    أيها المارون بين الكلمات العابره

    منكم السيف - ومنا دمنا

    منكم الفولاذ والنار - ومنا لحمنا

    منكم دبابة أخرى - ومنا حجر

    منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر

    وعلينا ما عليكم من سماء وهواء

    فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا

    وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا

    وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء..

    وعلينا، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء! ([10])

المواضيع المتشابهه

  1. فنون رسم وتشكيل الخطّ الرّشاد
    بواسطة حسين أحمد سليم في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 26-04-2013, 08:16 AM
  2. تضاريس الفقد.. وتشكيل جذور الانتماء
    بواسطة زاهية في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 05-03-2006, 08:34 PM
  3. الشهداء وتشكيل الهوية في شعر الانتفاضة
    بواسطة رمضان عمر في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-10-2005, 07:06 PM
  4. ابو مازن وعسكرة الانتفاضة
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-11-2004, 01:19 PM