السبق العربي إلى تعريف اللغة .

إن تراثنا زاخر بالنصوص ذات الصلة بعلم اللغة الذي يظن الكثيرون بأنه علم حديث لم يعرفه العرب من قبل . نعم هو حديث بمصطلحاته ، و بنظرياته اللسانية المختلفة ، ولكنه علم عربي بامتياز عرفه العرب منذ النشأة الأولى للعلوم العربية في منتصف القرن الأول و بداية الثاني الهجريين . ولكنه بطبيعة الحال لم يَرْقَ إلى مستوى التنظير كما هو الشأن في العصرالحديث لاعتماد العرب على النظر و التأمل و التجربة ، ولانعدام الوسائل و التقنيات العلمية الموجودة حالياً و لعدم اهتمام اللغويين العرب بالتنظير ..إلى غير ذلك من العوامل . و لكن هذا لا ينفي أن المبادئ الأولى لعلم اللغة كانت موجودة في تراثنا العربي الإسلامي .
يورد ابن جني في كتابه "الخصائص" ،ج1 ،ص33 ، "باب القول على اللغة و ما هي" تعريفا دقيقا جدا للغة لم يضِفْ إليه اللسانيون المحدثون شيئا جديدا قائلاً :" أما حَدُّها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم "
إن نص ابن جني يورد تعريفا جامعا مانعا لمفهوم اللغة والذي يطلق عليه اسم "الحد" ، وهذا مصطلح استعمله علماؤنا القدماء وهو مرادف لمصطلح "تعريف" عندنا .
أ ــ فمَنْ مِنَ اللسانيين على اختلاف مدارسهم ينكر بأن اللغة هي في المقام الأول عبارة عن" أصوات "كما سماها ابن جني ، أو حروف أو ( phonemes) ؟ هذه الأصوات أو الحروف التي تعتبر أصغر وحدة صوتية لا معنى لها و التي يختلف عددها من لغة إلى أخرى ، و يتميز كل حرف منها بمخارج صوتية خاصة وصفات ومميزات تميزه عن سائر الحروف الأخرى ، ومن منهم يستطيع أن يجادل في أن المستوى الأول من مستويات التحليل اللغوي هو المستوى الصوتي (phonetics =la phonetique ) الذي يدرس الصوت الإنساني الصادر عن أعضاء النطق ، فيحلله إلى عناصر جزئية ، ويصنف الأصوات حسب مخارجها و صفاتها ؟
ب ــ تتجلى دقة التعبير عند ابن جني حين يقول "كل قوم " وليس "القوم " علما منه بأن التواصل لن يتحقق إذا كان كل من طرفي العملية الكلامية : المتكلم و المتلقي لا ينتميان إلى المجموعة اللغوية ( linguistic groupe) نفسها . وهذا شرط أساس نص عليه جميع اللغويين المحدثين لأن بدونه لن تؤدي اللغة وظيفتها ولن يتم التفاهم و التواصل بين المتكلم و المتلقي .
ت ــ ينتقل ابن جني بعد تعريف اللغة إلى الحديث عن وظيفتها الأساسية وهي التواصل (communication) الذي سماه "التعبير عن الأغراض" أفليس التعبير عن شعور ما أو إيصالُ معلومة أوخبر أوفكرة أو...أو..أغراضا نعبر عنها ونحن نتواصل باللغة ؟ ربما لم توجد اللغة إلا لتحقيق هذه الغرض الأساس وهو التواصل بين بني البشر .
إن هذه التأملات السريعة جدا في تراثنا القديم توضح بما لا يدع مجالا للشك بأن القدماء كانوا على إلمام كبير بعلوم اللغة ، وجهلُنا بما تضمنه تراثنا من كنوز علمية في شتى المجالات هو الذي يدعونا إلى إنكار سبْقهم إلى العلوم الحديثة بقرون عديدة .

مقالتك هذه أستاذتي أعادتني لمقاعد الدراسة في الجامعة وكثيرا ما كانوا يلقوننا أن علم اللسانيات علم حديث نسبيا لذا فأن مجال البحث فيه واسع . شكرا جزيلا على هذا التعزيز اللغوي . بإنتظار المزيد . تحياتي.

مقالتك هذه أستاذتي أعادتني لمقاعد الدراسة في الجامعة وكثيرا ما كانوا يلقوننا أن علم اللسانيات علم حديث نسبيا لذا فأن مجال البحث فيه واسع . شكرا جزيلا على هذا التعزيز اللغوي . بإنتظار المزيد . تحياتي.

أختي غصن الحربي ، ما لقّنوكم لقّنوه لنا أيضاً إلى أن بذلنا الجهد و بحثنا في التراث لنجد عكس ما يقولون .

إنه الطمس الكلّي لكلّ ما هو عربيّ إسلامي : حضارةً و اكتشافاتٍ و علوماً لغوية .

أدام الله إطلالتك الجميلة .

ما لقّنوكم لقّنوه لنا أيضاً إلى أن بذلنا الجهد و بحثنا في التراث لنجد عكس ما يقولون .
إنه الطمس الكلّي لكلّ ما هو عربيّ إسلامي : حضارةً و اكتشافاتٍ و علوماً لغوية.


ليس علم اللسانيات وحده ما نسب للحداثة لحديث مصطلحاته ومستحدث نظرياته، وأنكر قوم من بني جلدتنا أن العرب عرفته مع بدايات العلوم العربية
فالحمد لله الذي قيض للأمة من أبنائها من يبحثون بوعي، وينقبون باهتمام ليقدموا الدليل على انبثاق العلوم الحديثة من علومها التي يحاولون اليوم إنكارها
نستمتع بقراءة جديدك ونستفيد
لا حرمناك نخلة في واحة لخير سامقة
تحاياي

تشرفني إطلالتك و تفاعلك المعطاء مع ما أخطّه

دمت و سلمت ، أستاذة ربيحة