قال ابن منظور في لسان العرب :
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وقيل: هو البعر الذي لم ينكسر، وقال ابن دريد: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلة على الواحدة
وإِبِل جلاَّلة: تأْكل العَذِرة، وقد نهي عن لحومها وأَلبانها
والجَلاَّلة البقرة التي تتبع النجاسات، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن أَكل الجلاَّلة وركوبها؛ وفي حديث آخر: نهي عن لبن الجلاَّلة؛ والجلاَّلة من الحيوان: التي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة.
والجِلَّة: البعر فاستعير ووضع موضع العَذِرة، يقال: إِن بني فلان وَقودهم الجِلَّة ووقودهم الوَأْلة وهم يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يلقطون البعر.
ويقال: جَلَّت الدابة الجِلَّة واجْتَلَّتها فهي جالَّة وجَلاَّلة إِذا التقطتها.
وفي الحديث: فإِنما قَذِرَتْ عليكم جالَّة القُرى.
وفي الحديث الآخر: فإِنما حَرَّمتها من أَجل جَوَالِّ القَرْية؛ الجَوَالُّ، بتشديد اللام: جمع جالَّة كسامَّة وسَوامّ.
وفي حديث ابن عمر: قال له رجل إِني أُريد أَن أَصحبك، قال: لا تصحبني على جَلاَّل، وقد تكرر ذكرها في الحديث، فأَما أَكل الجلاَّلة فحلال إِن لم يظهر النتن في لحمها، وأَما ركوبها فلعله لما يكثر من أَكلها العَذِرة والبعر، وتكثر النجاسة على أَجسامها وأَفواهها وتلمس راكبها بفمها وثوبه بِعَرَقها وفيه أَثر العَذِرة أَو البعر فيتنجس.
ويقصد الفقهاء بالجلالة الدواب التي تأكل الجلة - أي العذرة - وللفقهاء في بيانها أقوال منها:
ا- أنها التي غلب على علفها النجاسة .
ب- أنه لا عبرة بالعلف، بل إذا ظهر أثر النجاسة ونتنها في لحمها فهي جلالة .
وقد اختلف الفقهاء في حكم أكل لحم الجلالة، هل هو محرم أو مكروه؟ : وكذلك لبنها؟ وفيما يلي مذاهب العلماء في المسألة:
-يرى الأحناف أن الجلالة لا تؤكل بوجود شرطين :
أولهما : أن يكون كل أكلها من النجاسة فلا تأكل غيرها .
الثاني : أن يظهر نتن النجاسة في لحمها .
فإن كانت تخلط -أي تأكل الطاهر والنجس- ولا يظهر أثر النجاسة في لحمها، أو حبست فزال أثر النجاسة في لحمها ، فلا بأس عندهم بأكلها ، غير أنهم اختلفوا في تقدير مدة الحبس التي يزول بها النتن ، فقيل : لا تقدير أصلا ، وقيل شهر ، وقيل أربعون يوما في الإبل ، وعشرون يوما في البقر ، وعشرة أيام في الشاة ، وثلاثة أيام في الدجاجة . ( تبين الحقائق 6/10)
-وأما المالكية فقد نقل الحطاب عن ابن رشد أنه لا اختلاف في المذهب أن أكل لحوم الماشية والطير التي تتغذى بالنجاسة حلال جائز، ونقل ابن جزي خلافا في المذهب. انظر: الحطاب على خليل ( 1/92)، القوانين الفقهية 116 .
-وعند الشافعية تفصيل بناء على اختلافهم في الجلالة فمنهم من قال : الجلالة هي التي غالب علفها النجاسة ، ومنهم من قال : لا اعتبار بالعلف ، بل الاعتبار بظهور نتن النجاسة في عرقها ولحمها ، وهذا ما رجحه النووي وغيره، وبناء عليه فالراجح عندهم كراهة لحمها كراهة تنزيهية ، فإن حبست بعد ظهور النتن وعلفت شيئا طاهراً ، فزالت الرائحة زالت الكراهة في اللحم ، واللبن ، والبيض ، والعرق ( المجموع للنووي 9/28)
- أما الحنابلة : فالجلالة عندهم هي التي غالب طعامها النجاسة ، والراجح عندهم حرمة لحمها ، وبيضها ، ولبنها ، واشترطوا لحلها أن تحبس .
قال المرداوي ( وتحرم الجلالة التي أكثر علفها النجاسة ، ولبنها وبيضها حتى تحبس ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب. وهو من مفردات المذهب ( وتحبس ثلاثا ) يعني تطعم الطاهر، وتمنع من النجاسة ، هذا المذهب نص عليه) . انظر : الإنصاف للمرداوي كتاب الأطعمة .
والراجح -والله أعلم- كراهة أكل لحم الجلالة ، وكراهة بيضها ولبنها ، وركوبها بدون حائل ، وهذا ما اختاره الخطابي عند حديث ابن عباس ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شرب لبن الجلالة ) رواه أبو داود ، والنسائي حيث قال ( كره أكل لحومها وألبانها تنزها وتنظفا ) معالم السنن 5/306