حَدَّقَتْ فيَّ اللَيَالِي ثُمَّ قَالَتْ:
لا تُكَابِرْ
أنْتَ فِي الـمَيْدَانِ خَاسِرْ
أيُّهَا النَّجْمُ الـمُسَجَّى بَينَ أحْدَاقِ الـمَحَابِرْ
أيُّهَا النَّظْمُ الّذِي يَنْسَلُّ مِنْ حِضْنِ الـمَقَابِرْ
أيُّهَا الـمُرْتَدُّ عَن مَاضٍ وَحَاضِرْ
دَعْكَ مِن ضَبْحِ الحَنَاجِرْ
إنَّ نَـخْبَ الشِّعْرِ فِي نَـحْبِ المَشَاعِرْ
وَسُلافُ الـحَرْفِ سِحْرًا شَدْوَ طَائِرْ
أَنْتَ لا تَهْوَى الأَزَاهِرْ
لَسْتَ إِلا رَجْعَ غَابِرْ
لَسْتَ إِلا الصَّقْرَ يَفْري كُلَّ حَرْفِ بِالأَظَافِرْ
فَارْتَقِ الإِمْتَاعَ مَعْنَا، واستَقِ الإِبدَاعَ مَعْنَى، أَو فَغَادِرْ

أيُّهَا اللَيْلُ الذِي يَقْلَى سِرَاجَهْ
أيُّهَا الـمُنْدَسُّ لَـهْوًا فِي الزُّجَاجَةْ
أيُّهَا الـمَفْتُونُ فِي عَصْرِ السَّذَاجَةْ
فِي زَمَانٍ لا يُلَبِّي لِلكِرَامِ الصِّيدِ حَاجَةْ
نِصْفُ حَرْفٍ يُلبِسُ الـمَغْرُورَ تَاجَهْ
لَن تُبِيضَ الدِّيكَ إِنْ صَاحَتْ دَجَاجَةْ
لَن تُنِيلَ الـمَجْدَ لِلعَادِي لَجَاجَةْ
لَكَ مَا شِئْتَ مِنَ التَّعمِيدِ وَالعُشْبِ
وَعَشتَارَ الَتِي تَلهُو بِتَسرِيحِ الضَّفَائِرْ
لَكَ أَنْ تَلْعَنَ مَاءَ النَّهرِ
أَو تَلْعَقَ كَأسَ الخَمْرِ
أَوْ تَنْعَقَ مِلْحَ الصَدْرِ
أَو تَشكُو انْكِفَاءَاتِ الـخَواطِر
لَكَ مَا شِئْتَ وَلِي وَحْدِي مُنَاجَاةُ الضَّمَائِرْ

مِنْ نَحِيبِ الرِّيحِ تَـجتَرُّ اللَيَالِي
وَانْعِتَاقُ الرّوحِ تَوقًا لِلمَعَالِي
وَالـمَنَايَا لا تُبَالِي
لَنْ أَصُبَّ الـحَرْفَ خَمرًا فِي تَهَاوِيمِ القَصِيدَةْ
لَنْ أَعُبَّ الرَّأْيَ مِنْ دِنِّ الكِنَايَاتِ البَلِيدَةْ
لَنْ أَعُدَّ اللغْوَ فَـخْرًا ، لَنْ أُعِيدَهْ
ذَاكَ مَـجْدٌ لَنْ أُرِيدَهْ
دَعْ سَرَابَ الـحَرفِ يَا أشْلَاءَ تَاجِرْ
إِنَّ قَرْصَ النَّمْلِ لَا يُؤْذِي الجَوَاهِرْ
فَأَنَا الشِّعرُ الّذِي رَأيًا إِلَى خُفَّيْهِ تَصْبُو
وَأَنَا الدَّرْبُ الَّذِي لَأيًا عَلَى سَفْحَيْهِ تَـحْبُو
وَعَلَى وَهْمِكَ مَهْمَا أُجِّجَتْ نَارٌ سَتَخْبُو
فَاتَّعِظْ مِمَّا تُـحَاذِرْ
لَيْسَ أَهْلًا لِانْتِقَادِ الشِّعْرِ حُكْمًا جَوْرُ غَادِرْ
لَيْسَ عَدْلًا أَن يُدِينَ الرَّأْيَ سَادِرْ
لَيْسَ حَقًّا أَنْ يُبِينَ الآَيَ كَافِرْ
يَا مُقَامِرْ
لَيْسَ يفُتِي فِي دِيَارِ الطُّهْرِ عَاهِرْ