(1)
في شهر رمضان تكثر المسابقات القرآنية، وفي أحدى مسابقات رمضان هذا العام جاء السؤال الآتي:
* آية فيها لام توكيد ليست للتوكيد.
وكان سؤالا محيرا، وبالبحث عثر على أساس هذا السؤال في كتاب "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي:
فائدة
قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْأِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّا}، قال الجرجاني في نظم القرآن: ليست اللام فيه للتأكيد؛ فإنه منكر، فكيف يحقق ما ينكره؟ وإنما قاله حكاية لكلام النبي صلى الله عليه وسلم الصادر منه بأداة التأكيد، فحكاه، فنزلت الآية على ذلك.
وهذا الكلام يستدعي مزيد بحث في كتب إعراب القرآن الكريم، فوجدت أنها باقية على توكيديتها، وهاكم النصوص الآتية.
(2)
يقول تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} [مريم: 66].
1- "إعراب القرآن" لابن سيده
وقال الزمخشري: فإن قلت: لام الابتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامعت حرف الاستقبال؟ قلت: لم تجامعها إلاّ مخلصة للتوكيد كما أخلصت الهمزة في يا الله للتعويض، واضمحل عنها معنى التعريف انتهى.
وما ذكر من أن اللام تعطي معنى الحال مخالف فيه، فعلى مذهب من لا يقول ذلك يسقط السؤال، وأما قوله كما أخلصت الهمزة إلى آخره فليس ذلك إلاّ على مذهب من يزعم أن الأصل فيه إله، وأما من يزعم أن أصله لاه فلا تكون الهمزة فيه للتعويض إذ لم يحذف منه شيء، ولو قلنا إن أصله إله وحذفت فاء الكلمة لم يتعين أن الهمزة فيه في النداء للتعويض، إذ لو كانت للعوض من المحذوف لثبتت دائماً في النداء وغيره، ولما جاز حذفها في النداء قالوا: يا الله بحذفها وقد نصوا على أن قطع همزة الوصل في النداء شاذ.

2- "الدر المصون في علم الكتاب المكنون" للسمين الحلبي
قوله: {أَإِذَا مَا مِتُّ}: "إذا" منصوبةٌ بفعلٍ مقدرٍ مدلولٍ علي بقوله تعالى: {لَسَوْفَ أُخْرَجُ} تقديرُه: إذا مِتُّ أُبْعَثُ أو أُحيا. ولا يجوز أن يكونَ العاملُ فيه "أُخْرِج" لأنَّ ما بعد لام الابتداء لا يعمل فيما قبلها. قال أبو البقاء: "لأنَّ ما بعد اللامِ وسوف لا يَعْمل فيما قبلها كإنَّ". قلت: قد جضعَلَ المانعَ مجموعَ الحرفين: أمَّا اللامُ فمُسَلَّمٌ، وأمَّا حرفُ التنفيسِ فلا مَدْخَلَ له في المنع؛ لأنَّ حرفَ التنفيسِ يَعْمَلُ ما بعده فيما قبله. تقول: زيداً سأضرب، وسوف أضرب، ولكنْ فيه خلافٌ ضعيفٌ، والصحيحُ الجوازُ، وأنشدوا عليه:
3247- فلمَّا رَأَتْه أمُّنا هانَ وَجْدُها * وقالت أبونا هكذا سوف يَفْعَلُ
فـ "هكذا" منصوب بـ "يَفْعَل" بعد حرف التنفيس.
وقال ابن عطية: واللامُ في قوله: "لَسَوْف" مجلوبةٌ على الحكاية لكلامٍ تقدَّم بهذا المعنى، كأنَّ قائلاً قال للكافر: إذا مِتَّ يا فلان لسوف تُخْرَجُ حَيَّا، فقرَّر الكلامَ على جهةِ الاستبعادِ، وكرَّر اللامَ حكايةً للقول الأول".
قال الشيخ: "ولا يُحتاج إلى هذا التقدير، ولا أن هذا حكايةُ لقولٍ تقدَّمَ، بل هو من كلامِ الكافرِ، وهو استفهامٌ فيه معنى الجحدِ والاستبعادِ".
وقال الزمخشري: "لامُ الابتداءِ الداخلةُ على المضارع تعطي معنى الحالِ، فكيف جامَعَتْ حرفَ الاستقبال؟ قلت: لم تجامِعْها إلا مُخْلِّصَةً للتوكيد كما أَخْلَصَت الهمزةُ في "يا الله" للتعويض، واضمحلَّ عنها معنى التعريف". قال الشيخ: "وما ذَكَرَ مِنْ أنَّ اللامَ تعطي الحالَ مخالَفٌ فيه، فعلى مذهبِ مَنْ لا يرى ذلك يُسْقط السؤال. وأمَّا قولُه: "كما أَخْلَصَت الهمزة" فليس ذلك إلا على مذهبِ مَنْ يزعم أنَّ أصلَه إلاه، وأمَّا مِنْ يزعم أنَّ أصله: لاه، فلا تكون الهمزةُ فيه للتعويضِ؛ إذ لم يُحْذَفْ منه شيءٌ، ولو قلنا: إن أصلَه إلاه، وحُذِفَتْ فاءُ الكلمة، لم يتعيَّنْ أنَّ الهمزةَ فيه في النداء للتعويض، إذ لو كانَتْ عوضاً من المحذوف لَثَبَتَتْ دائماً في لانداء وغيرِه، ولَمَات جاز حذفُها في النداء، قالوا: "يا الله" بحَذْفِها، وقد نَصُّوا على أن [قطعَ] عمزةِ الوصل في النداء شاذ".
وقرأ الجمهور "أإذا" بالاستفهامِ وهو استبعادٌ كما تقدَّم. وقرأ ابن ذكوان بخلافٍ عنه وجماعةٌ "إذا" بهمزةٍ واحدة على الخبر، أو للاستفهامِ وحذَف أداتَه للعلمِ بها، وجماعةٌ "إذا" بهمزةٍ واحدة على الخبر، أو للاستفهامِ وحَذَف أداتَه للعلمِ بها، ولدلالةِ القراءةِ الأخرى عليها.
وقرأ طلحة بن مصرف "لَسَأَخْرَجُ" بالسين دون سوف، هذا نَقْلُ الزمخشريِّ عنه، وغيرُه نَقَل عنه "سَأَخْرُج" دونَ لامِ ابتداء، وعلى هذه القراءةِ يكونُ العاملُ في الظرف نفسَ "أُخْرَج"، ولا يمنع حرفُ التنفيسِ على الصحيح.
وقرأ العامَّةُ "أُخْرَجُ" مبنياً للمفعول. والحسن وأبو حيوة "أَخْرِجُ" مبنياً للفاعل. و "حَيَّاً" حالٌ مؤكِّدة لأنَّ مِنْ لازمِ خروجهِ أن يكونَ "حَيَّاً" وهو كقولِه: {أُبْعَثُ حَيّاً}.
3- "المجتبى من مشكل إعراب القرآن الكريم"أ.د. أحمد بن محمد الخراط
66 - {وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}
جملة "ويقول" مستأنفة، "ما" بعد "إذا" زائدة، و"إذا": ظرفية شرطية متعلقة بفعل مقدر مدلول عليه بقوله" لسوف أُخْرَج" تقديره: إذا متُّ أبعث، ولا يتعلق بـ"أخرج"؛ لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها، وجملة "لسوف أخرج" تفسيرية للفعل المقدر، واللام للتوكيد.

4- إعراب القرآن وبيانه" للدكتور محيي الدين درويش
الإعراب:
(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) الواو استئنافية ويقول الإنسان فعل مضارع وفاعل وأل فيه للجنس والهمزة للاستفهام بمعنى النفي وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بفعل محذوف دل عليه قوله لسوف أخرج لأن اللام تمنع من تعليقه بأخرج المذكورة لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها وما زائدة وجملة مت صلة واللام لام الابتداء وسوف حرف استقبال وأخرج فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره أنا وحيا حال وساغ اجتماع اللام وهي نمحض الفعل للحال وسوف وهي تمحضه للاستقبال ان اللام هنا لمجرد التوكيد وإنما جردت اللام من معناها لتلائم سوف دون أن تجرد سوف من معناها لتلائم اللام لأنه لو عكس هذا للغت سوف إذ لا معنى لها سوى الاستقبال وأما اللام فانها إذا جردت من الحال بقي لها التوكيد فلم تلغ
5- "الجدول في إعراب القرآن" محمود بن عبد الرحيم صافي
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (67)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (الهمزة) للاستفهام (إذا) ظرف مبنيّ متعلّق بالجواب المحذوف والتقدير: أحيا أو أبعث «1»، (ما) زائدة (اللام) لام الابتداء (أخرج) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل أنا (حيّا) حال مؤكدة منصوبة.
جملة: «يقول الإنسان ...» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الشرط وفعله وجوابه ...» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «متّ ...» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «سوف أخرج ...» لا محلّ لها تفسيريّة.

6- "إعراب القرآن الكريم" قاسم حميدان دعاس
«أَإِذا» الهمزة للاستفهام وإذا ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه «ما مِتُّ» ما زائدة وماض والتاء في محل رفع فاعل والجملة في محل جر مضاف إليه «لَسَوْفَ» اللام لام الابتداء وسوف للاستقبال «أُخْرَجُ» مضارع مبني للمجهول ونائب فاعله مستتر «حَيًّا» حال