انسلت من سرير بات يشكو الخواء ، هواجس مقلقة تنهشها ، كل الظنون السيئة جاثمة أمامها .. تتزحلق بين عينيها دونما أصوات ، الزمان يمر وساعات الانفعال تتسع بين الأعصاب ..
أطلت من النافذة ، مسحت الشارع بعينيها ، لا أحد ..؟ كان عليه أن يرجع إلى البيت .. جلست على حافة السرير، تمتمت وقالت : منذ مدة ، لاحظت أن أحلامه بدت تتجدد مع الأيام ، لم يعد نبض سلوكه يعجبني ، يتكلم من تحت شفة يابسة ، ينفض يده من المائدة قبل أن يتذوق اللقمة ، ما أخافه ...؟
ماذا أقول ..؟ ولمن أقول ..؟
سمعت خشخشة أقدام ، هرعت إلى النافذة ، رأته يتمسح بعمود كهرباء يعصر أشعته بمقدار، ما انفلت منها تتراقص فوق رأسه . يخطو ويده اليسرى في جيب سرواله .. يصرخ ، يصمت ، يتوقف . وصيد نبضات قلبه في تصاعد . يعمق نظره في الأرض . يتمتم ، ينبش التراب بمقدمة رجله اليمنى . على شفتيه يتدلى السؤال ، ينحني ، يدقق النظر كأنه وجد شيئاً ، يسحـقه بعنف .. فصار زاداً للهواجس ..
خطا بخطوات متثاقلة ، رفع عينيه إلى السماء ، ابتسم ، أطال ابتسامته ، حول نظره إلى نافذتها ، قصفها بنظرة عميقة ، استأنف سيره ..
تدلت بعنقها على حافة النافذة ، ودت أن تناديه ، لكنها انتزعت صمتها من لسانها ، كان بودها أن تقول له شيئاً ، لكنه مضى بسرعة قبل أن يـشـي به عطر بـائـت ..