لا تَأْفَلِي عَنْ مَجَالِي بِصبْحِ هَذَا الجَمَالِ
أَنْتِ المَجَرَّةُ فِيهَا يَتِيهُ بَدْرُ اللَيَالِي
أَضْرَمْتِ بِالبَيْنِ شَوْقًا فَالقَلْبُ بِالأَيْنِ صَالِ
زَيدِي دَلالَكِ زِيدِي يَا حُبَّ هَذا الدَّلالِ
وَفِي عُيُونِكِ نَجْوَى دَكَّتْ حُصُونَ احْتِمَالِي
مَا كَانَ إِلا خِصَامًا وَقَدْ مَضَى فَأْتِ مَا لِي
حَلِمتُ فِيكِ حَيَاتِي فَأَنْتِ بِنْتُ الخَيَالِ
وَأَنْتِ أَنْتِ وَإِنِّي أَرَاكِ مِنْ خَيرِ آلِي
أَشْرِي لأَجْلِكِ نَفْسِي وَأَشْتَرِي كُلَّ غَالِ
أَنَا الذِي فِي كِرَامٍ أُعَدُّ خَيْرَ الرِّجَالِ
إِذْ كُنْتُ أَكْرَمَ كَفًّا مِنْ قَبْلِ بَذْلِ السُّؤَالِ
وَكُنْتُ أَفْصَحَ قَوْلا بِالفَصْلِ عِنْدَ الجِدَالِ
بِحِكْمَةٍ جَلَّلَتْنِي بِفَضْلِ رَبِّ الجَلالِ
وَرَحْمَةٍ فِيَّ تَجْرِي جَرْيَ السَّحَابِ الثِّقَالِ
وَالحِلْمُ صَهْوَةُ خَيْلِي أَسُوسُهَا بِاعْتِدَالِ
وَالعَدْلُ حَتَّى لِخَصْمٍ جَعَلْتُهُ مِنْ خِصَالِي
حَمَلْتُ هَمَّ البَرَايَا كَأَنَّهُمْ مِنْ عِيَالِي
أَقُومُ لِلحَقِّ فَرْدًا وَهِمَّتِي رَأْسُ مَالِي
أَحْنُو عَلَى كُلِّ شَاكٍ وَأَفْتَدِي كُلَّ عَالِ
وَأَمْحَضُ النُّصْحَ حِرْصًا مَهْمَا ابْتَلَى غُبْنُ ضَالِ
فَلَيسَ يُغْوِي ارْتِقَائِي وَلَيسَ يُغْرِي ارْتِقَالِي
يَظُنُّنِي القَوْمُ فَظًّا وَاللهُ أَدْرَى بِحَالِي
وَجَاهِلٍ قَدْ لَحَانِي مُنَاوِئًا بِانْفِعَالِ
وَكُلَّمَا زَادَ غَيْظًا ضَحِكْتُ مِلْءَ احْتِفَالِي
يَذُمُّ حَرْفِي وَيَهْدِي فَعَقَّ دَالا بِذَالِ
وَكَيفَ يَمْتَازُ بَدْرٌ فِي عَيْنِ عَبْدِ الهِلالِ؟
قَرِيحَتِي فِي اشْتِغَالِ وَقَرْحُهُ فِي انْشِغَالِ
وَمَا أَسَأْتُ إِلَيهِ فَمَا لِهَذَا وَمَا لِي؟
يَلُوكُ مِنْ صَحْنِ حَرْفِي شِعْرًا بِطَعْمِ الكَمَالِ
فَإِنْ تَجَشَّأَ أَقْعَى وَعَابَ لَحْمَ الغَزَالِ
بِذِمَّةٍ كَابْنِ عُرْسٍ يَعَضُّ ذَيْلَ السَّحَالِي
وَهِمَّةٍ مِثْلَ ضَبٍّ رَجَا العُلا بِالسَّفَالِ
يَرَى النُّجُومَ بِعَينٍ وَرَأْسُهُ فِي الرِّمَالِ
يَظُنُّ أَنَّ انْتِفَاجًا يَكْفِي لِنَيلِ المَنَالِ
وَإِنَّهُ عَنْكَبُوتٌ خُيُوطُهَا فِي انْحِلالِ
فَلَيتَهُ صَادَ يَوْمًا ذُبَابَةً كَي نُبَالِي
يَعِيبُ طَاوُوسَ حَرْفِي وَرِيشُهُ مِنْ نِعَالِ
وَلَوْ رَأَى طَيْفَ جَحْشٍ يَقُولُ هَذَا ابْنُ خَالِي
أَجَاءَ يَطْلُبُ لَيثًا يَعِيشُ أَعْلَى الجِبَالِ؟
وَمَا عَلِمْنَا سَفِيهًا يَصِيدُ غَيرَ الخَبَالِ
وَيْحَ العُلا مِنْ دَخِيلٍ يَسُومُهُ بِابْتِذَالِ
مَا زَالَ يُغْرِي ائْتِلاقِي بِأَحْرُفٍ مِنْ زُلالِ
فَسِيلُهَا يَانِعَاتٌ وَنَخْلُهَا فِي الأَعَالِي
أَكُلَّمَا كَلَّ قَالٍ يَقُومُ بِالحِقْدِ تَالِ؟
وَلَيسَ ثَمَّ سَبِيلٌ لِدَرءِ هَذَا الوَبَالِ
فَدَعْكَ مِنْ دَعْكِ حِقْدٍ يَا طَامِعًا فِي غِلالِي
هَيْهَاتَ هَذَا التَّجَنِّي يَقِيكَ سُوءَ المَآلِ
أَتَحْسَبُ الشَّمْسَ تَخْبُو لِمَنْ عَشَا فِي اخْتِيَالِ؟
إِيَّاكَ بِالجَهْلِ عَنِّي فَأَنْتَ دُونَ ارْتِجَالِي
دَعِ الهَوَى فَالمَعَانِي سَبِيلُ أَهْلِ المَعَالِي
وَلَيْسَ أَحْقَرَ رَأْيًا مِنْ افْتِرَاءِ المَقَالِ
فَمَا لِقَومِي اسْتَكَانُوا كَأَنَّهُمْ فِي اعْتِلالِ؟
أَكُلُّ فَهْمٍ مَرِيجٌ وَكُلُّ حُكْمٍ مُغَالِ؟
تَشَيَّعُوا ، كُلُّ حِزْبٍ يَقُولُ: إِنِّي أَتَى لِي
تَنَازَعُوا الأَمْرَ فِيهِمْ بَيْنَ الهُدَى وَالضَّلالِ
فَصَوتُهُمْ فِي احْتِشَادٍ وَسَوطُهُمْ فِي انْخِذَالِ
وَالبَأْسُ فِيهِمْ بَئِيسٌ وَالقَوْلُ غَيْرُ الفِعَالِ
وَاليَأْسُ فِيهِمْ أَنِيسٌ لِكُلِّ لاهٍ وَقَالِ
فِي الصَّيْفِ حَرْبٌ ضَرُوسٌ فَالشَّعْبُ وَقْدُ اشْتِعَالِ
وَفِي الرَّبِيعِ تَسَاقَوا فَوضَى هَوى وَاخْتِبَالِ
فَلَوْ تَرَى إِذْ تَفَشَّتْ نِيَاقُهُمْ فِي الجِمَالِ
وَلَوْ تَرَى إِذْ تَنَادَوا إِلَى الخَنَا وَالتَّسَالِي
وَلَوْ تَرَى إِذْ تَبَارَوا لِذَيْلِ ذَاتِ الحِجَالِ
قِعْقَاعُهُمْ بَاتَ يَسْلُو وَقَيْسُهُمْ غَيْرُ سَالِ
جَزُّوا المَنَاقِبَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرُ الظِّلالِ
فَلا المُرُوءَةُ تُرْجَى وَلا النَّدَى فِي الخِلالِ
أعْطُوا الدَّنِيَّةَ خَسْفًا وَكُبْكِبُوا فِي الرِّذَالِ
بَاعُوا الكَرَامَةَ بَخْسًا بِدِرْهَمٍ أَوْ رِيَالِ
وَفَحْمُهُمْ بَاتَ أَغْلَى فِي شَرْعِهِمْ مِنْ لآلِي
فَأَخَّرُوا رَبَّ عِلْمٍ وَقَدَّمُوا رَبَّ مَالِ
وَأَغْمَدُوا ذَاتَ فَذٍّ وَأَشْهَرُوا ذَا الكَلالِ
وَدَاهَمُوا كُلَّ حُرٍّ وَدَاهَنُوا كُلَّ وَالِ
وَخَوَّرُوا خَيْلَ مَجْدٍ وَفَاخَرُوا بِالبِغَالِ
إِلامَ هَذَا التَّعَافِي فِي سِرْبِكُمْ وَالتَّعَالِي؟
إِلامَ نَحْيَا طُلُولا مِنَ العُهُودِ الخَوَالِي؟
القَدْسُ فِي الأَسْر تَذْوِي قَهْرًا بِجَوْرِ احْتِلالِ
وَالشَّامُ تُفْرَى بِسَيْفٍ فِي كَفِّ بَاغٍ مُذَالِ
وَأهْلُنَا فِي حِصَارٍ وَشَرْعُنَا فِي اغْتِيَالِ
كَيْفَ الحَيَاةُ وَفِينَا خَصَاصَةٌ مِنْ بِجَالِ؟
أَتَضْحَكُونَ سُرُورًا وَدَمْعُهَا فِي انْهِمَالِ؟
أَتَأْمَلُونَ رُجُوعًا لِخَالِدٍ أَوْ بِلالِ؟
وَلَيسَ ثَمَّةَ حَيٍّ يَرْجُو العِظَامِ البَوَالِي
وَإِنَّمَا فِي انْتِهَاجٍ وَفِي اقْتِدَاءِ المِثَالِ
يَا أُمَّةَ الحَقِّ عُودِي إِلَى الهُدَى بِامْتِثَالِ
فَلَيسَ يُجْدِي خُنُوعٌ وَلَيْسَ تَحْمِي السَّعَالِي
خَلاصُنَا فِي أَكُفٍّ تَوَضَّأَتْ بِالمَعَالِي
فَشَأْوُهُمْ فِي اعْتِدَادٍ وَعِزُّهُمْ فِي النِّضَالِ
بِعِفَّةٍ عَنْ يَمِينِ وَرَأْفَةٍ عَنْ شِمَالِ
وَرَايَةٍ مِنْ إِبَاءٍ وَمَكْسَبٍ مِنْ حَلالِ
وَعَوْدَةٍ لاعْتِصَامٍ بِحَبْلِ رَبِّ الجَلالِ
وَإِنَّنَا بِالتَّوَانِي نَشُدُّ قَيْدَ اعْتِقَالِ
وَإِنَّنَا بِالتَّفَانِي نَهِدُّ سُورَ المُحَالِ
وَدَوْلَةُ العَدْلِ تَعْلُو وَغَيْرُهَا لِلزَّوَالِ