صرخةُ الحرف , وسكينةُ النزف

في أحد المباني السامقات , أجدني انتحر ..
سقوط وسقوط
حتى انعدم الهواء
لا لا لااا
يكفي ضيــــــــــــاااع

انهمر العرق , ونهضت من حلم مريع , ورحتُ أخصف ذكريات مشاعري التي انسلت من بين أضلعي المتصدعة , فلتنصتوا لواقع الماضي المرير

( نشأت يتيمة , بيد أنهما على قيد الحياة ,فشمسها باتت حقودة , وأهلها سحقا لهم غرهم حُسن الغنيمة , ومُرّغت بيد الحثالة , وأدوا الحياء , ذبح البراءة ظلمهم , فمزقوا زهرة بين المروج .
تعست قلوب حــاسدة .
سقيمـــة .. سقيمة ..
كلمة أضفت على الحال الشقاء , ككرة تتقاذفها المنازل ليس لها إيواء ولم تذق طعم الهناء .
ماإن سكنت في كنف أحدهم وتدثرت بالملاءات السميكة وتوهمت حلمــــت .. حلمت , فتسربلت تلك الدموع ريش الحمامة , وتُوّج الجرح الذي بين جنبيها الكرامة , حتى استل خنجر عزها طعن الجراح ,فتبددت تلك الكرامة ,وقد تآكلت السعادة من لظى المستحيـــل ,وتضعضعت أحلامهــا
تبا لقاتل عزمها
عقيم ..
يأبى التودد والسناء.
سقيم ..
مال إلى الوغى .
والتفافات الجوى لاتنفك عن القلب المسهد ونابها يجرش الوجد المتيم ,يائسة , شاحبة , كورقة خريفية آيلة للسقوط ,خرجت من براثنهم يُصافحها النسيم
وحينما امتدت ذراعها اليمنى تلقت لكمة الثلج اللئيم ,ومشت مترنحة ليس لها سبيل فتذكرت بؤس المعيش وتمتمت والحزن يجثم قلبها أنخابه متشبثة
" أدركت أن الكون لغز , والروح عامت في فضاء , دعوني وشأني , فبذي الجحيم سألتقي , لاتابهوا , فللرحيل مذاق ,دعوني أمتطي شوك الدروب وخزاته لم تعد تؤذي شروخات الزجاج "

مضت بخطى الوهن وأطلق لعناتها على الخليل والأهل, تمقت أنفاسهم , تمقتها ,تبا لهم .

جثت وقد شجب الصقيع عظامها , إحساسها متجمد , فلم يعد للدمع مجرى في الوجن , سكينها الفضي اخترق الجنان , فنضخ الجدث الممزق بالدماء , وعربد الدم المبعثر في صفحة الثلج الرهيب
وتجرجمت متمددة , شعرها متطاير من لفحة القرِّ الأليم .
لحقتهـــا ,ألفيتهــا مثل الملاك

|!

الفــــــــــــــــــــــ ـــاجعـــــــــــــة !! مابـــــــــــــالها ؟!

لما اقتربت دنوت نحو فؤادها..
أرخت سمعي لتخافت النبض الملوك بالعذاب
وشرعت أطرق قدّها المتورد ,فتحت ستار جفونها والعين شاخصة نحو السماء "دنياكم الحسناء في عيني قبيحة "

فاضت الروح التي سُلبت كرامتها , وباتت الأشجان تدهسها ,فغصة تتلوها عبرة , وشهقة تجتاح زفرة , وخلفها دمع سكيب .
عزف الحلم , هام الامل وتأجج الشوق اللهيب ,جسد تضوّر من حرارة الآه المضهّب ,يستعر ويستعر , زئر الفؤاد واستبسل الشريان عند انتفاضات العروق .)

هذي حكاية غربتها بين الوحوش , فعشيرتها قد تحتفل , في عقلهم سخف وتمردوا في عرسهم , لم تقشعر جلودهم لمآتم بُعجت بوبل من خزق , لوتين قلبها قد خرق
فليضحكوا في عرسهم وليُشعلوا نارا لمدنف يحترق .

لوحتي اكتملت ,
تلك الفتاة مشاعري , قد أبلست كلمي وحروفي نزفت على جبين طرسي الدامي , جًذذت فتناثرت كسف لوحتي المتشظية وتبعثرت صورة لإنسان
أضحى ظلا من بقايا الامس .

متـــآكلة , متناااقضة ,
لاأكترث ...

ولكن هل أستطيع إحياء مشاعري بعد التحلل والفناء ؟!

هو نزفٌ قديمٌ متجدَّد ..
ولربما يأتي يوم تنعكس فيه صرخة الحرف إلى عزفٍ راقص ..!

سأنتظر وأنتظر , عند المنعطف طريق جديدة أو بوابة سرية
متلذذة بتراتيل قدسية , انبثقت من السماء تحثو التراب على الأنين لتجدد النبض السكين .



إلى ذلك اللحين ترقبوا تضرعات نبضي الجديد بعدما يسرح الإحساس في متاهات الحياة
لربما , لربما عااادت مشاعر .

انطــلق الأذان عبر الأثير ليصدح المؤذن بصوته الشجي ويعلن أن وقت صلاة الفجــر حانت
نهضت وقلبي ممتلأ بالأحاسيس يخالجهــا شجن 0


تتوج شفتي ابتسامة باهتة في محيــاي الساكن , وعيناي ثابتاتان بالتحديق في السمــاء أو لنقــل
( سقف الغرفة )0
هكــذا دوما عندما أصحو للفجــر ~


يسألني الجميع
لم التحديق للأعلى دوما ؟!
لم الأسى ذاك الوحش الكاسر يجثم في فؤادك الصغير لايتزحزح ؟!
فأرميهــم بنظــرة صاعقة في ظــاهرها ,تائهة في حقيقتها ,ترتدُّ نتيجة اصطدامها بأعينهم المتطفلة
ياللسخــرية !!
لم يعلموا بأن سعادتي تجتاح الصدر الرحيب
مكنونة ,غائرة , بعمق حزني هيَ

فإن أظهرتُ حزني أشفقوا وإن أبديتُ سعادتي غزتني نظراتهم الهوجــاء محملة بأسئلة تطفلية:
أين مكمن الخلل فيك ؟!
نراكِ مبتهجــة على الدوام !!
أليس هنــاك ماينغص عيشك ؟!

يــاإلهي بت ضائعة بين شدقي ( الإظهــــار و الإخفــــاء )

قاعدتي التي أسير عليها" أشكو لله همك ,وأطلق بصرك بسعادة وتفاؤل , بمحبــة وإخلاص ,وليس من الضروري أن يعرف أحد مكنونات صدرك "

أيعني ابتهاجي أني لامبــالية !!
أيعني عدم بوحي واعتزازي بصمتي أني متحفظــة !! صارمة !!
أيعني تجنبي للحثالة وشموخي بأخلاقي أني ضعيفة !!
أيعني حبي للعزلة والتفكُّر أني مغرورة !!
أتعني صراحتي في الحــق أني جــارحة !!

أيعني انتظاري لمن أحب بيد علمي أنه لن يعود أني حمقــاء !!
وأنا أراه وفاء ..!

من الدناءة أن تحلق حولك أقنعة مزيفة , تشير بأصابع الاتهام نحوك , وتنهال على رأسك أكاذيب وأقاويل تترى , يُلصقون بك صفاتا رديئة لم ولن تكن صفاتك مذ وقعت على هذه البسيطة , حتى تشكك من نفسك وتظن أنك تعيس حقــا .
يبعدونك كلما اقتربت من مبتغاك لتمسي في المؤخرة
لاأعلم أهذا حســد أم نرجسية ؟!
فتعيش على شفير أراجيفهم , وتحاول أن تلملم بقاياك لتصمد أمام بلبلة الرِّعاع وقليلي المروءة .
أرى الوضيع اليوم يرتفع والسيد الحليم يقبع في الحضيض
وإن علا فإنه لايسلم من أن تقتات على لحمه البشرية .

ضوضاء وصخب الحياة المدنية وأنوارها الخادعة جعل أحرفي ساخطة
تلعنُ البراءة وتُدنس الطهر .


دعوني أستلذُّ بتعذيب الألم
دعوني أسمع نحيب الفؤاد
وأضحكُ على شهقات الدموع
وتضرب أناملي لوحةُ البيانو
فتنعقُ الموسيقى ..
ويٌصيبني مسُّ الجنون
فأقهقه مع أحلامي الخائبة
.

يقولون ..
الضمير صوت هادئ
ولكني أسمعُ له عواء
يُخيف مشاعري التي تقطن في العراء


لأنني وبكل برود آثمة
هكذا قالوا ...
وصدَّق الضمير !


لم أعُد كما أنا..
ولاأعرف من أنا ؟

فقط ..
أراني جثة هامدة
وبعثرةُ ذكريات ..
ماض سحيق وحاضر يتيم
وغدٍ ربما نتفاءل به

-

هزأ القمر بيَ الليلة ..
فارتحلتُ الأرض واجمة
أبحث عن تلك الليالي التي قضيتها معه ..
ووأسفي عليه ..
بكت عيني عليه ..
فجنائز الدموع لم تفتأ جيئة وذهابا على هضبتين زعزعتها الريح
فارتجت كلُّ أمنية وأمل برقت في عيني البريئتين ..
وبقيتُ أنعي الوجود البشريّ