صرخةُ الحرف , وسكينةُ النزف

لمحتُ حركةَ عينيك وهي تتجولانِ في بساتيني , تنظران عن اليمين وعن الشمال بدائع الأزهار
وصفاء السماء وضحكة الثمر وأهازيج الشجر ورقص البلابل ..

لمحتُك تأتي بخطواتٍ متزنة خفيفة في حينِ غفلةٍ , تتأمَّل حكمةُ المعاني وقبس ضوئها وطفولة حركاتها ونقاء بسمتها
وتروحُ دون تركِ أثرٍ , عدا عبق شذاك الذي يميزه إحساسي ..

فقط أسعدُ حين رؤيتك وإيغال عينيك في روائعي حتى ولو لم تترك بصمة !
لك تغريدةُ محبة وفيضُ شكرٍ ومودَّة

وهاأنا اليوم أقفُ صامتة على جبل الانتظار وقمة السمو , تصلني أحجارهم الدنسة وترتدُّ صاغرةً نحو هاويتهم التي حفروها بأيديهم فأزدادُ علوَّا ورقيًّا بفضل الله ..!

وأحبك أكثر من ذي قبل يازهر الروح ونسمة سحرٍ تنفح في أعماقي فيلتهب الشوق وتشتعلُ نار الذكرى
فلتكن بخير دوما ولتمسي في هناء ولتصبح في رياض الطاعة

...

أنا شاعرٌ متفائلٌ قلبي سيهديني السبيل ,أنا مولعٌ ياصاحبي بالشعر والخلق النبيل
الصمُّ تسمعُ منطقي , والبكمُ تقرأ أحرفي , والعمي تنظر شعريَ الحامي الجميل
أنا في طريقي عوائق وصوارف وحواجزٌ , لكن بعزمي وهمتي أمضي الطريق بلا دليل
أنا ياحياةُ طموحةٌ في النائبات صبورةٌ , لكن أحسُّ بغربةٍ فلتشعلي نار الفتيل
الناس منهم عاذلٌ متعجرفٌ طعناته , أغدو بها مجروحةٌ وكأنني ذاك القتيل
أنا لاأبالي بنقدهم وثنائهم , فرضا الإله يهمني خالق الكون الجليل
ياسائلي عن صاحبي عن ذلك الخل الحنون , هو مرفأ أرسو به وحديثه السامي رسيل
لاترحلوا عني فكلي حيرةٌ وتلهف , أنا قصة أنشودة للشوق والحزن الطويل
أحببتكم في الله هل من لائمٍ ومعاتبٍ , في حبكم وإخائكم ! والله هذا مستحيل ..

منذ الأمدِ وإلى الآن لازالت عزتي تتوجني وإبائي لايُخضع رأسه راجيًا إلا مولاه وهمتي ترفرف عاليًا
ونفسي تترفع عن الأوحال ولاتقفُ إلاَّ على طودٍ منيف , ولاترضى دون النجم مكانًا ..

لستُ ممن يتصفُ بالكبر , لكنَّ نفسي الثمينة لاتركضُ وراء الأوهام ولاتلتفتُ لمن يهمشها أو يقلل من قدرها أو يُعرض عنها اغترارا وجفاءً, وقلبي الرقيق ومايحوي من مشاعرٍ ماسية غامضة لن يخطفه أو يلجه كلَّ عابرِ
عذرًا ,لااقصدُك ..
فكما أنا إنسان أنتَ إنسان وفينا كتلة من المشاعر والأحاسيس تزهر مع ضياء الفكر الوضَّاح

أتيتُ لأجمع لآلئ حرفك لأصنعُ منه عقدًا فريدًا فكان أن وصفتني بضيمك وهجرك , فإن كنتَ مصرًّا فلك ان تتخذ من فؤادي سفينة تركبُ متنها وتبحر في الأعماق
أتعلم ياأخي , مازلتُ أحبك ودفء الإخاء يدثرنا حتى ولو جلدتني بسياطٍ من حميم العتاب القاسي ظاهره الحنون الحالم باطنه
هكذا عهدتك ومازالت نظرتي تلك لم تتغير , وإن هجوتني أو قطعتني أو صرتَ ألدَّ الأعداء لي فوالله ماكان أن يقل تقديرك واحترامك بقلبي قدر أنملة

سبحانه من يؤلف بين القلوب , فتعرف كل روحٍ مثيلاتها
لهي عجيبةٌ أمرُ الروح حقا ..!

أتذكرين حينما كنا بباحة الدارِ نتراشق ونتضاحك , أتذكرين عندما كنا نبوح لبعض أسرار أو مجرد فضفضات لكنها تشبعنا وتتوثق أواصرُ المحبة والإخاء ..
كنتُ أول من ولّى وجهـه وفارقكم بمنتصف الطريق , أعلمُ ياصديقتي أني بالغتُ في تقصيري فلاتظنينه جحود فما زال قلبي ينبض بكم ومشاعري تطفحُ بالبراءة والصفاء
تعلمين آخر بصمة تركتها لكم في وريقتي الشاحبة , ودمعي لاينفك عن السبح في مقلتي بيد أني أقف بكبرياء كعادتي لأتظاهر بلا شئ أو اللا مبالاة ..
والله إن قلمي الأحمق يتعثر إن أراد إخراج مافي مكنونه لكم فأكتفي بالصمت
وهاهي روحي تقترب منكِ ياعذبة الروح

يُقال .. أنَّ البعد بين الاصدقاء والأحبة أو بفراقهم تنقص المحبة وقد يصل الأمر لنسيان مابينهما من عهود إخاء وروعة وفاء
بينما أرى أنَّ هناك حالاتٌ استثنائية عكسية فالوفيُّ الحق هو من تخلد محبة اصدقائه وأحبائه في قلبه مهما فرقت بينهم الظروف وباعدت بينهم السنون وتظل المحبة في ازدياد بطريقة عكسية هكذا هي أنا في حال القرب أو البعد يظل حبهم بداخلي في نماء فتمتد أراضٍ من البساتين الوارفة وشقشقات العصافير ماتفتأ عن أغاني الوفاء وأهازيج الروابط الإنسانية الأخوية المتينة فيسحُّ دمعي مع غزارة هطول الوداد ..
هكذا هي أنا أظلُّ أذكرهم على عتبة الحنين وأمنِّي الروح بلقياهم ..
هكذا هي أنا تصلني أحاسيسهم عبر الروح المسافرة إلى وديانِ الهدى والرشاد نلتقي هناك يجمعنا حب في الله وطاعة يعين أحدنا الآخر على عملها , وتنافس أينا يزداد قربة لمولاه

فياتلك الليالي عودي فإني اقف خلف روابي الأمل تارة واضيع بين سراديب السراب أخرى .