لو أن قصتك _و لعلي أكنيها الرحمة المهداة_ ساقها أرسطو أو سوفكلس لانحنى العالم ليلتقط درر الحكمة و لدُفع ثمنٌ لذلك الـمُهج و لوجدوا في ذلك اختلافًا كبيرًا.ولكن ما الحيلة مع من أعرض ونأى بجانبه فجعلك إسماً يتوشح به على حين غفلة و رأى في حياتك طقوسًا تليدة لم تعد تواكب طموحات المدنية الجهلاء.
فأعني يا قلمي فأنت تعلم أنني لست أهلاً لأشغل حيزًا بين جموع المادحين أو المدافعين عنه و لا أن أتقلد وسام تخليدِ سطر واحدٍ يهتف باسم مُجدد الإنسانية و فاتح القلوب والأمصار و من زَرَعَ الشمس في أفلاك الحائرين وما أكثرهم!. فليتك تستجمع قواك يا حرفي وتأخذ بما يجول في نفسي, ولك في الكون نبراسٌ إذا أشكلت عليك مدلهمات الخطب يجلي لك ما كان و قد شيعت قدومه و احتفت الأرض وما علاها, فانشق القمر و أخمدت نار تستعر و رمي من يسترقون السمع بشرر فما حيلتي و بضاعتي مُزاجاة تتجمل بالستر؟!
هل أخبر الأيتام عن يتمك يا ابن الذبيح وقد تُركت وحيداً في صحراء الحياة هذا يحنو عليك وهذا يدفعك؟ أم أخبر الفقراء عن كرور نهار لم يوقد في دارك نار ؟ فتبيتُ ليالِ في سغب لم تشبع لثلاث, و قد عُرضت عليك كنوز الأرض ونساء العالم فأشحت بوجهك عنهم و ارتأيت أن تسير في ركب بائعي عرض الدنيا و لاجميها , و كذلك هم رسل الوحدانية لا يقبلون بصكوك غفران و وهم زائل.
هل أخبر من حُرم الولد كيف رحل فلذات كبدك أمامك الوحد تلو الآخر لا تقوى على دفع الموت عنهم و لا حيلة لاستباقهم قليلاً ؟
هل أسلي بخبرك من كان آمنًا في سربه تظله سماؤه التي أحبها و أرضه التي أغدقت عليه بالعطايا فإذا به يهيم على وجهه لا يلوي على شيء خائفًا يترقب ضريبة حق صدح به, و وثنًا حجب القلوب حطمه ؟
أم كيف كنت لأولئك الصحب الكرام نِعم الصنو في الشدائد؟
أم أسري عن خبرك للفرسان إذا حمي الوطيس و تطايرت شعاعًا كيف كان يلوذ بك أشجع القوم و أربطهم جأشًا فإذا بهم من بعدك رهبان بالليل فرسان بالنهار لا تحدهم آمال ولا يرهبهم سلطان؟
لم تزدك المحن إلا إصطبارًا وجلدًا ورحمة بالخلق و لم تجد القسوة إلى قلبك سبيلاً متعللاً بصروف زمانك .
نعم حقًا (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ).
عذراً يا سيدي كأني أراك تنافح عنا في يومٍ يجعل الولدان شيبًا وقد اشتغل كلٌ بنفسه إلا أنت تهتف أمتي! أمتي! فيا لهف نفسي ومثلك يُشتم و نطمع في شفاعتك!!
صلى الله عليك وسلم عدد ما سبح حجر وشجر و كلما إرتفع طير و وقع.